أثار كلام الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن “إمكانية عودة الاستبداد ومن اندلاع ثورة جديدة” الذي جاء في خطاب ألقاه في الجمعية التأسيسة بمناسبة الاحتفال ال55 بذكرى تأسيس الجمهورية التونسية، الكثير من التساؤلات داخل المشهد السياسي التونسي، خاصة أن حديث المرزوقي يأتي بعد بروز مظاهر تفكك وتنازع على السلطة داخل الترويكا الحاكمة، و”انتفاضة” داخل حزب الرئيس المشارك في الاتلاف، واتهامات لحزب النهضة الإسلامي الحاكم من قبل معارضيه “بأنه يخطط للهيمنة والبقاء في السلطة وبالتالي إعادة إنتاج نظام الاستبداد”. كما تساءل المرزوقي عن جدوى ديمقراطية لا تحقق العدالة الاجتماعية، التي من أجلها قامت ثورة 14 يناير 2011، في تنبيه لخطورة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها وتداعياتها الخطيرة على الاستقرار والسلم الاجتماعيين. وكان رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي أعلن أن حكومته ملتزمة بتاريخ 20 مارس 2013 كموعد لإجراء الانتخابات القادمة. يُذكر أن الفترة السابقة شهدت جدلاً سياسياً بين الحكومة والمعارضة، التي تتهم الحكومة بعدم جديتها في ضبط روزنامة واضحة للمواعيد السياسية والانتخابية القادمة، تكون بمثابة خارطة طريق لحسن تسيير المرحلة الانتقالية الثانية، التي تعيشها تونس بعد انتخابات 23 أكتوبر الماضي. وتعرف الحياة السياسية في تونس تناميًا لظاهرة الاستقطاب السياسي، بين التيار الإسلامي بقيادة حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحكومة الحالية، والتيار الدستوري الذي بدأ يلتف حول الباجي قائد السبسي الوزير الأول السابق، الذي أسس مؤخراً حزب “حركة نداء تونس”، ويجمع خليطاً بين التيار البورقيبي والدساترة وبعض رموز التجمع الذي كان يحكم في زمن بن علي، إضافة الى بعض الشخصيات اليسارية. ويجمع المراقبون على أن الخريطة الحزبية في تونس تتميز بالتشتت، وهي حالة مرشحة للاستمرار، مثلما صرح بذلك الحقوقي الدكتور قيس سعيد ل”العربية.نت”، الذي أشار إلى أن مبادرة الباجي قائد السبسي غير قادرة على تجميع المعارضة وتوحيدها، لأنها تفتقد لبرنامج واضح وقامت على مبدأ نقد بل “منازعة” حزب النهضة. ومن جهته، يعتبر المحامي والسياسي في صفوف الحركة اليسارية وسام السعيدي أن “المعارضة بكل تشكيلاتها غير قادرة الآن على منافسة الإسلاميين، وأن من مصلحتها تأجيل الانتخابات لسنة أخرى بقصد إعادة هيكلة نفسها، والاستفادة من الأخطاء التي يرتكبها الإسلاميون في الحكم، بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وفقدانهم للتجربة والكفاءة في إدارة الشأن العام”. وكان كمال الجندوبي، الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد صرح بأنه من الصعب إجراء الانتخابات في مارس القادم، بسبب دواعي لوجستيكية، تعود إلى عدم التسريع ببعث اللجنة التي ستشرف على الانتخابات وسن قانون انتخابي.