أعلن هنا في تونس أن عددا من ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات بلدان شقيقة وصديقة يؤدون زيارة إلى تونس يوم 7 فبراير الجاري بدعوة من رئاسة الجمهورية للمشاركة في موكب رسمي سينتظم بمناسبة المصادقة على الدستور الجديد، فيما ينهي اليوم رئيس الحكومة الجديد المهدي جمعة زيارة خاصة الى الجزائر في اول مهمة له خارج أرض الوطن بعد تسلمه مقاليد السلطة رسميا. وفيما تتتالى برقيات التهاني والمساندة على رئيس حكومة الكفاءات المستقلة، تتضاعف حركية الأحزاب السياسية التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها خارج الحكومة او داخل المعارضة، في مسعى لترتيب بيتها الداخلي واعادة نسق لقاءات قياداتها مع القواعد في الجهات استعدادا للمحطة الانتخابات التي ينتظر أن تنتظم العام الجاري، والتي ستقطع مع «المؤقت» لتفرز حكومة منتخبة تمارس مهامها لمدة نيابية يمكن أن تتواصل 5 سنوات و رئيس جمهورية منتخبا مباشرة من الشعب لمدة نيابية جديدة. فحركة نداء تونس، بزعامة الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الأسبق، انطلقت في رص صفوفها القاعدية عبر سلسلة من التجمعات الشعبية لأنصارها العديدين بعد ان اطمأنت الى خروج منافستها الرئيسية، حركة النهضة، من الحكومة، حيث انتهجت سياسة استغلال الكاريزما التي يتمتع بها السبسي وقدرته على الإقناع وعلى بعث الأمل في نفوس القاعدة العريضة للنداء على مستوى كبريات المحافظات الداخلية. وبالتوازي مع أنشطتها في الداخل، عملت حركة نداء تونس على تجميع انصارها من التونسيين المقيمين بالخارج حيث افرزت مؤتمراتها عن صعود وجوه شابة الى سدة ادارة هياكل النداء بالمهجر وهي شخصيات انتمت في السابق الى حزب التجمع المنحل، مما اثار حفيظة الجناح اليساري في الحركة الذي رالى في ذلك هيمنة التيار الدستوري على مواقع القرار بالنداء. والحقيقة ان معركة اليسار والدساترة صلب النداء، هي معركة قديمة متجددة اتضحت معالمها بعد انضمام وجوه بارزة في التجمع المنحل الى صفوف النداء واضحت تحتل مناصب عليا وتؤثر بالتالي على مواقف الحركة استنادا الى تفوقها العددي على مناصري التيار اليساري صلبها. اما حركة النهضة التي غادرت كرسي رئاسة الحكومة بعد ان ذيلت الدستور الجديد بتوقيع علي العريض رئيس الحكومة المستقيل، فقد ارتأت تسخير كل طاقاتها وجهودها لرص صفوفها الداخلية بعد التصدع الذي اصاب قواعدها الشابة التي كانت عارضت وبشدة المواقف التي اتخذتها الحركة في اطار مشاركتها في الحوار الوطني. ويذكر ان الشباب النهضوي كان عبر بحماس كبير عن معارضته لقرار الحركة استقالة حكومة علي العريض وفق ما نصت عليه بنود خارطة الطريق التي وضعها الرباعي الراعي للحوار والتي أفضت الى تكليف رئيس حكومة مستقل بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة مهمتها السير بالبلاد نحو الانتخابات القادمة. وكانت القواعد الشبابية للحركة دخلت في جدال وحوار متشنج مع القيادات النهضوية استوجبت تدخل زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي الذي تولى تهدئة الخواطر واعادة المياه الى مجاريها بين صقور الحركة وشبابها الذي تعوزه التجربة وتغيب عنه الحنكة السياسية. ووفق مصادر حسنة الاطلاع، تبدو النهضة التي ارتاحت اطاراتها من عناء السلطة ومتاعبها، على اتم الإستعداد لخوض غمار الإنتخابات خاصة بعد تركيز هياكلها الجهوية وتعديل بعض جزئيات برنامجها الإنتخابي استنادا الى ما توصلت اليه لجانها المكلفة بالرصد والمتابعة للشان المحلي وعملا بتوصيات دراساتها الإستشرافية. وعلى عكس النهضة والنداء، لا تزال الأحزاب الأخرى وعلى رأسها الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة، تسبح في وادي الإنتقادات التي وجهتها لحكومة المهدي جمعة، وان خفت حدتها، دون ان تكلف نفسها مشقة وضع الخطوط العريضة لبرنامج عملها المستقبلي، وكأنها بذلك تقيم الدليل على رعوانية تحركاتها وخواء مرجعيتها الفكرية وانعدام الرؤية المستقبيلية لدى قياداتها التي صبت اهتماماتها خلال الأشهر الماضية على التنقيب عن أخطاء استراتيجية لحكومتي الترويكا الأولى والثانية. وبذلك تكون الجبهة الشعبية قد اقصت نفسها بنفسها عن الحراك الحزبي الذي انعش حزبي النهضة والنداء وبوأهما الصدارة في نقاشات التونسيين وحتى في هياكل سبر الأراء، ولا شك ان الجبهة ستحاول تدارك هذا الأمر، وان في وقت متأخر مما قد يضر بمصالح انصارها الإنتخابية ويجعلها دائمة الإقامة بذيل النتائج العامة للمحطات الإنتخابية القادمة كعادتها. وفي سياق متصل قالت مصادر اعلامية بان رئيس الجمهورية ان المنصف المرزوقي بدأ يستعد للاستقالة من منصبه ليتفرغ لحملته الانتخابية.