تمكنت وسائل الإعلام من التوصل إلى أشهر صاحب صورة تعذيب في سجن أبو غريب العراقي إبان الغزو الأمريكي، وهي الصورة التي صارت رمزا لانتهاكات حقوق الإنسان في العالم، ويبدو فيها "شبحا" لا ملامح له يلبس بطانية سوداء على وجهه وجسده، ويمد يديه اللتين تحملان أسلاك الكهرباء التي يعذب بها. وبحسب "العربية" فإن ذلك الرجل هو العراقي الحاج علي القيسي، من العامرية، صاحب موقف سيارات مجاور لمسجد الحي، الذي منحه الجنود في السجن اسم كولن باول –كما اعطوا اسما آخر لكل معتقل لديهم-، يده التي شوّهها التعذيب وثقل حركته، اضافة إلى الشيب المبكر في شعره، منحته عمراً يفوق السنوات ال 44 التي تشكل عمره الفعلي. في ذلك الحوار الذي أجرته معه صحيفة "الحياة" اللندنية الصادرة السبت 30-7-2005م يكابد الحاج علي الدمع وهو يروي يوم تحول صورة من دون اسم أو قصة. عندما دخل استقبلوه برقم هو 101716، ثم منحوه اسماً هو كولن باول، فيما اطلقوا على زميله دراكولا، وزميله الآخر «وولف مان» أو الرجل الذئب. وصنف ضمن فئة المساجين ال «BIG FISH» أو الصيد الثمين. قال للصحيفة انه في البداية، عندما نشرت الصورة ورآها لم يصدق أنه هو. ربما كان أحد رفاقه من الزنزانات الاخرى، لكن يده اليسرى بددت شكوكه. فهو عندما اقتيد إلى السجن كانت يده متأذية بسبب حادث تعرض له، لكن السجانين راحوا يدوسونها بأرجلهم وينزعون الضمادات عنها، حتى التهب الجرح وباتت اليد مهددة بالغرغرينا حتى تحولت مجرد كتلة لحم. انه هو، لا مجال للشك. يتذكر بمرارة يوم التقطت له هذه الصورة، فبعد 15 يوماً من التعذيب المتواصل والعري أعطوه بطانية. وهي مرحلة يعرفها المعتقلون باسم «ONE BLANKET» أي بطانية واحدة، يستعملونها لستر عريهم. فأول ما كان يفعله السجانون هو تعريتهم حتى من ثيابهم الداخلية، وكانت مضت على بعضهم ستة شهور على هذه الحالة. بشيء من الممازحة يقول الحاج علي: «تقبلت التهاني بحرارة من زملائي في الزنزانات المجاورة على انتقالي سريعاً إلى هذه المرحلة، لكنني لم أكد أهنأ بها حتى أخذوني إلى غرفة أوسع من زنزانتي، وكان في انتظاري حوالي عشرة محققين. أوقفوني على صندوق خشبي من الذي يوضب به طعام الجيش، وقالوا: الآن سنوصل أطراف أصابعك بالشريط الكهربائي. ثم وضعوا كيساً على رأسي، وقالوا انه ممنوع علي أن اقع والا اعادوا الكرة. أداروا القابس، فشعرت بأن عيني جحظتا وقضمت لساني، حتى شعرت بدمي يسيل. مر الطبيب وقال انني بخير. الدم من لساني وليس من معدتي. فأعادوا الجولة. خضعت لهذا النوع من التعذيب ثلاث مرات، التقطت لي خلالها صور كثيرة، ولا أعرف أياً منها نشرت. فالجنود لا يتنقلون من دون كاميراتهم… يصورون أدق تفاصيل، ويتبادلون الصور كأنها تذكارات رحلة سياحية، في البداية لم نفهم لماذا يوجهون هواتفهم نحونا. فالهاتف الجوال كان لا يزال جديداً في العراق، ولم نعلم أنه يتضمن كاميرات، فراحوا يسخرون منا ويضحكون، ويواصلون تصويرنا».