ملتقى آل عادي الأول حسناً أن نعبر عن فخرنا وغبطتنا بالآخرين أهل الذكر الحسن وبالأخص الأقربين منهم الذين لهم من الأخبار أصدقها ومن الأفعال أجملها وأنصعها ، وبفضل من الله هناك من لم يجد في نفسه ولو للحظة واحدة أي ميول نحو التعصب حتى داخل العائلة الصغيرة. أقول ذلك حتى لا يظن أحدا أن العنوان والمقال يتعارضان مع ما أدعو إليه دائما للبعد عن أي رابطة تشغلنا وتبعدنا عن قاعدة الدين وأسس الوطنية . وعندما قرأت وشاهدت عبر هذه الصحيفة الطريبية الرائعة خبر ملتقى آل عادي وجدت دافعا لا أملك تفسيره لكتابة أسطرا عن ماض قد لا يتكرر في حياتنا، وقد ارتبط هذا الاسم (آل عادي) بالمكان طريب وترسخ في الذهن بناء على تغذية بأخبار وذكريات عنهم أمتعنا بها والدي ألبسه الله ثوب الصحة والعافية حتى ندر أن يخلو مجلسه مع أقاربه أو أصحابه من التطرق لها من خلال سرد قصة حماسية أو كرم حاتمي في ساعة قحط وفاقة أو عطاء خفي لذو حاجة أو موقف لفرسان تعيد لطريب شيم ومجد العرب القدماء ، وكثيرة هي المواقف أو سمها سواليف السمر التي حضرناها فكانت عبرا تُعيد تصوير تلك المواقف مصحوبة بتأثر الراوي أحيانا فتسرق منا الاستمتاع ونحن نصغي بشغف وحماس الشبان المتطلع لغد نكمل فيه ونبني على ما أسسه أولئك الفرسان وإخوانهم الآخرين ولست متأكدا عن أي بناء أكملناه أو أقمناه بعدهم فالحكم لغيرنا والله غالب على أمره ، ومن تلك القصص التي سمعتها حتى رسخت في الأذهان موقف حصل بين أحد فرسان آل عادي وبين أحد عقداء الصحراء المشهورين عايض بن جبران بن غيده وهو جد أخوتي وأنعم به وأكرم فقد رايته آخر حياته وهو وجلاً يتلو القرآن بصوت جهوري مرتفع كونه أصم والسبب يعرفه الكثير، ويبكي خوفا من الله ورجاء لرحمته ، هذا الرجل بدوي صارم شديد البأس، يحب طريب ويرتاده عند اللزوم الهام وله فيه أقارب وأصحاب معدودين وذات يوم بعد أن أكتال مير أولاده من إنتاج وادي طريب وبينما هو يهم بتحميل بعيره بالمؤنة إنحل عقاله فانطلق هاربا باتجاه الشمال الغربي لطريب حتى توارى عن الانظار! هنا التفت أبن غيده في كل الاتجاهات مبتسما يبحث عن حل وهذه من صفات الكبار، فقيل له وهو يعلم سلفا إن هناك في تلك القرى فرسان وخيول وأجواد وستجد فيهم من يساعدك لإستعادة بعيرك إن شاء الله فلم يتردد لأنه الواثق بنفسه وبغيره.. وحين دخل القرية وجد أحدهم جالسا تحت ظل شجرة في طرف المزرعة وعليه أمارات الوقار والبساطة ويبدو أنهما يتعارفان فرحب به آل عادي وأراد اصطحابه للمنزل لإكرامه فقال له أبن غيده ليس لي بالجلوس والزاد حاجة في هذا اليوم وشأني أهم من ذلك بكثير وذكر له شأنه فقال له الفارس (وأترك التعريف به كاملا للعارفين حتى لا أخطئ بالاسم) ، قال لا اله إلا الله من أين جئت هذا اليوم يا عايض ثم أردفها بلا حول ولا وقوة إلا بالله .. يقول الراوي أن ابن غيدة قال لم أكن أتصور أن الرجل فارس (خيال) وليس هناك ما يوحي بذلك فحركته بطيئة ويتأنى حتى في إخراج الكلام ! قال فأمتطى صهوة أحد الجياد ثم طلب مني الركوب خلفه فترددت قليلا فهذه المرة الأولى وطلب مني التوكل على الله ففعلت وأمسكت بملابسه من الجانبين وانطلق بنا بسرعة لم أشهدها بحياتي حتى كانت شجيرات السلم عن يساري ويميني تتباعد كأنها عباب سيول عارمة أو سحاب تدفعه الرياح ... وما هي إلا مدة قصيرة وإذا بنا نرى البعير فعرفته وأخبرت الفارس بذلك فالتف بنصف دائرة عن بعد ثم اقتطع وهو على ظهر الحصان غصنا طويلا وجهزه وترك الأشواك برأسه وبدأ يقترب من الهدف وما أن عرفني الجمل حتى اكتشف مرادنا ففر كالريح قال فلحق به ولم ازل رديفا له وخلال لحظات كنا بجانبه تماما وبنفس مستوى سرعته وأخذ الفارس يوجه له ضربات برأس الغصن ثم يتراجع للوراء وينتقل إلى الجهة الأخرى فلم يجد الشرود بداً من الرغاء ثم الاستسلام والبروك فعادا به سويا وهو يتبعهم متوجهين للقرية ، وبعد وصولهما انطلق كل منهما بحسب مهمته في الحياة فعقيد الصحراء رحل بضعنه وزاده عبر الفلا وفارس طريب ترجل وأمسك بالرشاء وبدأ بذكر الله وحرك السواني ! يالهم من رجال قل أن يتكرروا. هُنا يمكنني توجيه عناوين سريعة لإخوتي الشباب وأبنائي الأصغر من أحفاد آل عادي فالملتقى كان يخصهم ومن اجلهم فأقول لهم من كانت هذه بعض من ارثه فما هو عذره ؟ انتم كفؤ كشباب والطيب معدنكم والجميع فيهم الخير ، وأزيد: - مسجد الجامع والمجمع الأول بطريب ، شيده آل عادي كما اعلم فلنعيد بناءه تراثا حضاريا ووطنيا. - الخيل وصهيلها تعرف آل عادي من قديم فأكملوا المهمة وامتطوا صهوات المجد بالعلم والمعرفة ودروب المعالي. - الشجاعة عند آل عادي لباسها التواضع فحافظوا عليهما فإنهما كنز يحوزه القليل من الناس. - آل عادي القدماء أحبوا الجميع وحافظوا على المبادىء الأصيلة فكانوا كجبال عالية تعانق السحاب فلا تبتعدوا عن نهجم. - عن آل عادي سمعنا طاعة الله وجميل الكلام والرحمة بالمساكين وإكرام الضيف والعاني فهذا أعظم إرثاً لكم فخذوها بقوة ولا تتخلوا عنها. - أحفاد آل عادي النمور تميزوا بعمل غير عادي فأنشأوا صحيفة طريب فرفعوا طريب بأكمله فوق الرؤوس وحملوه إلى كافة أرجاء الوطن والعالم كله فإلى الأمام يا فرسان ، وطريب والمخلصين يقدرون لكم جهودكم الوطنية. شكرا لكم آل عادي وغفر الله للراحلين وبارك في الموجودين وجعل الله جمعكم واجتماعكم مباركا يرضي الله ويخدم مملكتنا الغالية. فلاش : لا أرتجي من وراء ما قلت أي مصلحة ولو لم اقله فهو معروف ، والجميع في أرجاء الوطن فيهم الخير والصفات الراقية. وسأستغل أي فرصة لأقول شيئا فسعة صدوركم آمل . عبدالله العابسي