قضايا وإشكاليات تتناثر هنا وهناك، وما تنتهي واحدة إلا وتظهر أخرى وما تغيب ظاهرة إلا ونخترع بديلة لها لاتقل عن سابقتها في الركض نحو الوراء، وهكذا تدور بنا الدائرة ويستمر مسلسل الإثارة وخلق روح المتعة والمنافسة خارج نطاقها الصحيح بعدما افتقدها مجتمعنا الرياضي داخل المستطيل الأخضر لنبحث عنها في المكاتب والمنابر الإعلامية والبرامج التلفزيونية أملا في أن نكون قد أشبعنا شغفنا الهائم بحب كرة القدم ونعوض أنفسنا عن الإفلاس الفني الذي تغلغل في ملاعبنا وأحبط لاعبينا وأفسد استراتيجيات أنديتنا وغيب حضورنا القاري والخليجي، وجعلنا نصنع الحدث في غير محله مما أتاح الفرصة لهواة البلبلة والمحادثات البيزنطية ليسربوا داءهم «الخبيث» على خاصرة جسد رياضتنا الجميل لكي ينمو وينتشر ويصبح ركيزة أساسية لتغطية تلاشي توهج مجدنا وأمجادنا في ميادين قارية وعالمية، وربط بقائنا في دائرة الضوء بتناحر هؤلاء على شاشات القنوات الفضائية والصفحات الإعلامية حتى ذابت حلاوة كرة القدم ومتعتها في نفوسنا وغدت مدرجاتنا خاوية على عروشها. فلو تمعنا قليلا لوجدنا أن تعاطينا الرياضي في السنوات الأخيرة أخذ منحنى آخر ومسارا مختلفا عن المسار الصحيح، لأننا ننظر للأمور بنظرية الهرم المغلوب فلا غرابة في أن يصبح رئيس النادي وإداري الاحتراف وحتى الإعلامي المشاغب نجوم شباك في رياضتنا وباتت أسماؤهم لها نجومية «مصطنعة» تفوق نجومية كرة القدم الحقيقية والمتمثلة في اللاعب، ولو أجرينا مقارنة بين تركيبة صناعة الحدث والمتعة في أوروبا وما يحدث لدينا لوجدنا أن الإداري والرئيس والإعلامي في أوروبا مجرد عوامل مساعدة للنجم الحقيقي وهو اللاعب، لذلك لا نعرف في رؤساء الأندية الأوروبية إلا القلة برغم شهرة أنديتهم الواسعة على مستوى العالم، ولانعرف ولم نسمع في إعلامهم عن إعلاميين يعشقون الثرثرة و يتعمدون إثارة الموضوعات الهامشية التي تدعو للتعصب والاحتقان والطرح غير المبالي ضاربين بالأهداف السامية للرياضة عرض الحائط فلا يكترث بما يترتب على نقاشه من سلبيات تسكن في أذهان متابعي الرياضة من صغار السن، بقدر ما يهم أن يتقمص دور المحامي والمدافع عن ناديه ويحقق نجومية سلبية في الوعي والفكر والثقافة الرياضية معتقد بأنه البطل الهمام أمام جماهير ناديه التي تنبذه داخليا حتى لو صفقت له مرارا وتكرارا ظاهريا، إلا أن في النهاية لا يصح إلا الصحيح.. علينا نحن كمؤسسات رياضية وإعلامية بمحاربة كل الآفات التي غزت ملاعبنا بصور مختلفة وأحدثت فرقة في منافساتنا وأنديتنا وشبابنا وعلينا أن نقود الفكر ولا ننقاد إلى الإسقاطات التي تدفعنا إلى الهاوية، مطالبين بتصحيح المفاهيم الخاطئة في منظومتنا الرياضية حتى نرتقي ونسمو. الهتافات العنصرية التي تحضر في مباريات الاتحاد تحتاج إلى وقفة صادقة من الجميع بغض النظر عن الطرف الآخر بقدر ما يهم محاسبة المتسبب فليس من المقبول السكوت عليها، وينبغي اتخاذ قرار حاسم في هذا الشأن يمنع تكاثرها. مقالة للكاتب حسن الشريف عن جريدة عكاظ