انطلقت اليوم بالقاهرة اجتماعات وزراء الموارد المائية والري من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، والتي تستمر حتى غد الثلاثاء، لاستكمال المفاوضات حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي، ومناقشة رؤية كل دولة من الدول الثلاث في آليات الملء والتشغيل للسد الإثيوبي، بمشاركة ممثل عن البنك الدولي وآخر عن الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد وزير الري والموارد المائية المصري الدكتور محمد عبدالعاطي في كلمته الافتتاحية أمام الاجتماع التزام بلاده بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، تأكيدًا لما اتفقت عليه القيادة السياسية في مصر، وتم تدوينه في اتفاقية إعلان المبادئ عام 2015م، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن مصر تدعم بكل إخلاص جهود إثيوبيا لتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي والازدهار. وأضاف: أن "مصر ترغب في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة يتضمن خطة ملء السد وتمكن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية في أقرب فرصة ممكنة والتي تتضمن أيضًا قواعد تشغيلية تسمح لإثيوبيا بمواصلة إنتاج الطاقة الكهرومائية وتحقيق عائد على استثماراتها في السد، إلا أنه يجب أن تحمي مثل هذه الاتفاقية دول المصب "مصر والسودان" من الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تتسبب في استخداماتها للمياه بسبب إدخال نظام جديد على حوض النيل الشرقي. وأكد عبد العاطي أن مصر تعاني بالفعل من نقص كبير في المياه يصل إلى 21 مليار متر مكعب في العام، ويتم سد العجز في الوقت الحالي من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي على نطاق واسع، علاوة على ذلك تستورد مصر حوالي 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية سنويًا من أجل سد الفجوة الغذائية. وأشار إلى أن هناك حاجة إلى التوصل إلى اتفاق تشغيل متعدد للخزانات بما يمكن خزان سد النهضة من تحقيق هدفه مع حماية السد العالي وخزان أسوان من تحقيق هدفه أيضًا، لافتًا الانتباه إلى أهمية النظر في الآثار المحتملة للجفاف أثناء ملء وتشغيل سد النهضة باعتبارها مسألة ذات أولوية عالية بالنسبة لمصر، وهذا يتطلب اتخاذ تدابير فعالة عندما تصل مستويات الخزانات إلى الوضع الحرج من حيث كمية المياه. وشدد وزير الري والموارد المائية المصري على أن ملء وتشغيل سد النهضة يجب أن يتم وفقًا لنهج تعاوني، اعتمادًا على العائد السنوي للنيل الأزرق من المياه، وعلى ضوء منسوب المياه في السد العالي، وبالمثل، يجب أن يكون تشغيل متعاونًا مع السد العالي، ويتمكن السدين من التنسيق والتكيف مع الهيدرولوجيا المتغيرة للنيل الأزرق، مُعربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بحلول عام 2020م. من جانبه قال وزير الري والموارد المائية السوداني المهندس ياسر عباس في كلمته: إن "التقدم في مفاوضات سد النهضة ليس فقط من أجل الدفاع عن مصالحنا وحقوق شعوبنا، ولكن من أجل البحث عن فرص جديدة لتعزيز التعاون المشترك بين بلداننا"، مُعربًا عن أمله في إحراز تقدم في الاجتماعات. وأضاف: "نمضي على المسار الصحيح، ونركز على المحادثات التقنية ومخاوف بعضنا البعض وهذا أمر حيوي لإحراز تقدم، فإذا تمكنا من الاستماع إلى مخاوفنا فإن ذلك سيمهد الطريق إلى المضي قدمًا للوصول إلى محادثات مثمرة". وطالب الوزير السوداني بالتركيز على قضايا الدول الثلاث، مثل "ما هي كمية المياه المتدفقة؟، وأيضًا معرفة متى سنبدأ بملء هذا السد؟، ومسألة التشغيل طويل الأمد وكيف سيتم التنسيق بشأنها؟"، مُقترِحًا الاستمرار بالمحادثات والبناء على ما تم في أديس أبابا. من جهته أكد وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيلشى بيكيلي أن بلاده ملتزمة بأن يكون سد النهضة مثالًا للإدماج والاندماج في المنطقة، مُعربًا عن أمله في نجاح اجتماعات القاهرة حول سد النهضة. وقال بيكيلي: إن "إثيوبيا تعطي أهمية كبيرة لهذه الاجتماعات، وذلك للتوصل إلى قرارات حول سد النهضة واحترام جميع الاتفاقيات"، مضيفًا: "منذ سبتمبر عام 2018م أجرينا 5 اجتماعات، وهذا الاجتماع الثاني للوزراء المعنيين لقد نجحت اجتماعاتنا في التطرق إلى المشاكل التقنية المتعلقة بتشغيل هذا السد وذلك بالتنسيق مع مصر والسودان". وتابع قائلاً: "المراقبون لعبوا دورًا مهمًا وساعدونا في تقديم المشورة، وركزت الدول الثلاث على المشاكل التقنية"، لافتًا الانتباه إلى أن إثيوبيا تعمل من خلال السد على توليد الطاقة والقضاء على الفقر وتحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ومضى يقول: "سنركز على الوثائق الشفافة والعمل المشترك، حيث تبدي إثيوبيا اهتمامًا كبيرًا لاجتماع الوزراء في القاهرة، وتؤمن أن العمل الذي سيبدأ في يوليو من العام المقبل يجب أن يكون مبنياً على الثقة". ويأتي هذا الاجتماع استكمالاً للاجتماع الذي عقد الشهر الماضي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وشارك فيه ممثلو الولاياتالمتحدةالأمريكية كمراقبين، حيث تم تبادل المناقشات الفنية بين الوفود المشاركة بخصوص رؤية كل دولة فيما يخص قواعد ملء وتشغيل السد، حيث تم الاتفاق على استكمال المناقشات في الاجتماع الذي تستضيفه القاهرة حاليًا. يذكر أنه من المقرر أن تستضيف الخرطوم الاجتماع الثالث أواخر الشهر الحالي، على أن تشهد أديس أبابا الاجتماع الرابع مطلع يناير 2020م، قبيل الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية والمياه المقرر عقده في واشنطن منتصف يناير المقبل.