أوصى أمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهية ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون). وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم من المسجد الحرام،أن الله شرع لعبادة مواسم الخيرات ليغفر لهم الذنوب ويجزل لهم الهبات وشرع الشرائع واحكم الأحكام ونحن الآن قد أظلنا موسم عظيم وأيام مباركة كريمة هي أيام العشر الأول من ذي الحجة وهي أفضل الأيام التي خلقها الله على الاطلاق وأفضل أيام الدنيا كما بين ذلك صلى الله عليه وسلم أنها أيام خير وفوز وفلاح فمن أدركها وتعرض لنفحاتها سعد بها وهي فرصة عظيمة للتزود والاغتنام واستدراك ما فات وموسمها مشترك بين الحاجين والقاعدين . وأضاف فعلى كل مسلم أن يري الله من انفسنا خيراً خاصة في هذه الأيام العشر التي أقسم الله بها في كتابة فقال عز من قائل (والفجر وليالٍ عشر ) وبين النبي صلى الله عليه وسلم فضلها بقولة (ما العمل في أيام أفضل منها في هذه قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسة وماله فلم يرجع بشيء ) فاكثروا منهن بالتهليل والتكبير والتحميد. وأشار إلى أن من الفطنة أن يختار المسلم من الأعمال الصالحة أحبها إلى الله تعالى فيتقرب اليه بها فالعمل في العشر محبوب أياً كان نوعه فيشرع فيها التسبيح والتهليل والتكبير والذكر والاستغفار وقراءة القرآن الكريم والصيام والصدقة والدعاء وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوبة إلى الله والاهتمام بالأعمال القلبية ومنها الصدق والإخلاص والصفح والعفو والتخلص من الحقد والشحناء والبغضاء وسائر المعاني المبذولة التي لا يحبها الله . وقال الشيخ الغزاوي : إن المسجد الحرام له مزية ليست لغيره وهي مضاعفة أجر الصلاة فيه أكثرَ من غيره كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاة) وقال بعض العلماء " فحُسِب ذلك على هذه الرواية فبلغت صلاةٌ واحدةٌ في المسجد الحرام عُمُرَ خمسٍ وخمسين سنة وستةِ أشهر وعشرين ليلة، وصلاةُ يوم وليلة في المسجد الحرام وهي خمسُ صلوات عُمُرَ مائتي سنة وسبعٍ وسبعين سنة وتسعةِ أشهر وعشرِ ليال، والله يضاعف لمن يشاء والله ذو الفضل العظيم" . وأكد أمام وخطيب المسجد الحرام أن من فضل الله على الأمة أن شرع لها موسما عظيما من التجارة الرابحة يتنافس فيه المتنافسون ويربح فيه العملون ويجتمع فيه شرف الزمان وشرف المكان أما الزمان فالأشهر الحرم وهي ذي القعدة ذي الحجة والمحرم ورجب وأما شرف المكان فهذه مكة البلد الحرام أقدس بقعة على وجهة الأرض وهي مقصد كل عابد ذاكر حرمها الله على خلقه أن يسفكوا بها دما حراما أو يظلموا فيها احدا أو يصيدوا صيدها أو يقطعوا شجرها وفي هذه الأجواء المباركة يأتي موسم حج بيت الله العظيم الذي جعل قلوب الناس تهوي إليه وترقُّ لذكره وتخشعُ عند رؤيته إجلالا لله وتعظيماً لشعائره وهاهي قوافل الحجيج تتقاطرُ على البيت العتيق من كل فج عميق، ملبين نداءَ خليلِ الله إبراهيمَ عليه السلام الذي أمره الله بقوله ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ). وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، في خطبة الجمعة عن فضل الحج بوصفه طاعة لله, وعملاً يتقرب فيه العبد إلى ربه, ابتغاء مرضاته وجنته, حاثاً على اغتنام الخير العظيم في أيام العشر من ذي الحجة بالطاعة وذكر الله وبذل الخيرات والإحسان وصلة الأرحام والصيام. وقال : إن مواسم الخيرات تتجدّد على العباد فضلاً من الله وكرماً, فما إن تنقضي شعيرة إلا وتحلّ مكانها أخرى, وهاهي طلائع الحجاج قد أمّت بيت الله العتيق, ملبّين دعوة إبراهيم الخليل عليه . وبيّن فضيلته أن الحج عبادة في الإسلام عظيمة, فهو خامس الأركان ومن أجلّ الطاعات وأحبها إلى الله, فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : "أي الأعمال أفضل قال : إيمان بالله, قال : ثم ماذا قال : الجهاد في سبيل الله, قال : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور" متفق عليه. وأضاف الشيخ القاسم يقول : بالحج محو أدران الذنوب والخطايا, إذ قال صلى الله عليه وسلم :"والحج يهدم ما كان قبله" رواه مسلم،كما أن الحج طهرة لأهله ونقاء, قال صلى الله عليه وسلم :"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه". متفق عليه. وأوضح أن الحج مجمع الإسلام الأعظم, يربط حاضر المسلمين بماضيهم ليعيش العباد أمة واحدة مستمسكين بدينهم, ولا طريق لذلك إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة, والسير على منهج سلف الأمة, وفي الحج تتلاشى فواصل الأجناس واللغات والألوان وتضمحل, ,يبقى ميزان التفاضل هو التقوى, قال تعالى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". // يتبع // 14:35ت م 0058
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة أولى واخيرة وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، أن خير زاد يصحبه الحجاج في نسكهم التقوى, قال سبحانه ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى * وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )،وأن من أمّ البيت فحريّ به أن يلزم ورعاً يحجزه عن المعاصي, وحلماً يكفّه عن الغضب, وحسن عشرة لمن يصحبه, مبيناً أن أعظم ما يتقرب به العباد في حجهم إظهار التوحيد في مناسكهم, وإخلاص الأعمال لله في قرباتهم, وإعلان وجدانية الله في الحج شعار أهله وبه شرفهم, قال سبحانه "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" وذلك بتكبير الله وتعظيمه أنيس الحجاج في طوافهم وسعيهم ورميهم ونحرهم, وليلهم ونهارهم, لتبقى القلوب متعلقة بالله نقية عن كل ما سواه. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي إن الحج مدرسة لتحقيق الاتباع والتأسّي بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم, فلا نسك ولا أي عبادة أخرى على التمام والكمال إلا ما فعله عليه الصلاة والسلام وكان على هديه, قال صلى الله عليه وسلم : "لتأخذوا عنّي مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" رواه مسلم،مشيراُ إلى أن من مقاصد الحج العظمى إقامة ذكر الله والإكثار منه, قالت عائشة رضي الله عنها :"إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله". وأفاد أن الحج طاعة يصحبها طاعات, مليء بالمنافع والعبر والآيات, ففيه إخلاص القلب لله تعالى, وتسليم النفس له عبودية ورقاّ, قال شيخ الإسلام رحمه الله :"الحج مبناه على الذل والخضوع لله ولهذا اختص باسم النسك"،و في الحج يأتلف المسلمون وتقوى أواصر المحبة بينهم, فيظهر للخلق عظمة الإسلام وفضله, قال تعالى ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُم ).وأن في اجتماع الحجاج في موقف واحد إعلام وتذكير بفضل هذه الأمة وعلو شأنها, وخير الحجاج أحسنهم خلقاً, وبه يكتسب العبد الصفات والأخلاق الحميدة ،كما أن فيه توطين النفس على الصبر. وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي، أن المسلم يعتزّ بدينه وينأى بنفسه عن أفعال الجاهلية وسلوكهم, وفي الحج تأكيد على ذلك تلو تأكيد, قال ابن القيّم رحمه الله :"استقرت الشريعة على مقصد مخالفة المشركين لاسيما في المناسك". وأبان أن كل ساعة من العمر إن لم تقرّب العبد من ربّه باعدته, والعباد في سعي حثيث إلى الله, ويتجلى للمرء ذلك في شعائر الحج ومناسكه, إن فرغ من عبادة بادر بأخرى, وهكذا الشأن في حياته, والطاعة تزيد صاحبها افتقاراً لربّه وإخباتاً, فيشهد فضل الله عليه بها ويستغفره على القصور والتقصير فيها قال تعالى " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ * إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ". وأشار فضيلته إلى أن ثمرة الحج إصلاح النفس وتزكيتها, والظفر برضى الله تعالى والفوز بجنّات النعيم, والموفق لذلك من أدى حجه بنيّة صالحة خالصة, وعلى علم وبصيرة, من نفقة طيبة حلال, وأحيا قلبه ولسانه بذكر الله, وصاحب عبادته الإحسان إلى الخلق ونفعهم, ومن أحسن في حجّه وابتعد عن قوادحه عاد منه بأحسن حال, وانقلب إلى أطيب مآل, وأمارة القبول فعل الحسنة بعد الحسنة وترك التفاخر والتعالي بالطاعة, ومن كفّ نفسه المحظورات في حجه فحريّ به أن يكفّها عن المعاصي في كل زمان ومكان. وبيّن الشيخ القاسم أن في الأيام العشر يوم النحر فيها هو يوم الحج الأكبر وكل عمل صالح فيها أحبّ إلى الله من العمل إن كان في غيرها, داعياً إلى الإكثار فيها من ذكر الله وتلاوة كتابه العظيم, كما يستحب في العشر صيام التسعة الأولى منها, وخصّ منها يوم عرفة لغير الحاج بمزيد من الفضل, فصيامه يكفّر السنة الماضية والباقية, ومن العمل الصالح فيها المزيد من البر والإحسان إلى الوالدين, وصلة الرحم والصدقة والإكثار من نوافل العبادات.