أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري الذي تنازل عن قاتل شقيقه    محافظ أضم يدشن فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار "بيئتنا كنز"    جامعة أم القُرى تفوز بالمركز الأول في هاكاثون الذَّكاء الاصطناعي    رئيس مجلس الشورى القطري يصل الرياض    محافظ الطائف يطلق ملتقى أفهموني لدعم أطفال وأسر التوحد    بوتين يبدي استعداده لدراسة مقترح زيلينسكي لوقف الهجمات على المواقع المدنية    بنزيمة يكشف سر التوقف عن تنفيذ ركلات الجزاء    الغنام : "الأمن السيبراني" ضرورة لحماية منظوماتنا ومجتمعاتنا من التهديدات المتجددة    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    أمير منطقة جازان يشرّف حفل أهالي فرسان    تعليم الشرقية يحقق مراكز متقدمة في ملتقى "الربيع" التدريبي 2025    أبطال الرياضات القتالية في السعودية متحمسون للموسم الثاني في جدة    رئيس وزراء جمهورية الهند يصل جدة في زيارة دولة للمملكة    بلدية محافظة عقلة الصقور تشارك في فعاليات اليوم الخليجي للمدن الصحية    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "يوم الصحة العالمي"    قوميز: مواجهة الرياض "نهائي جديد".. ونركز على التفاصيل والخروج بأفضل نتيجة    الداخلية: تطبيق غرامة مالية تصل إلى (50.000) ريال بحق الوافد الذي يتأخر عن المغادرة عقب انتهاء صلاحية تأشيرة الدخول الممنوحة له    رئيس جمهورية المالديف يستقبل إمام الحرم النبوي    بنزيما يحظى بإشادة عالمية بعد فوز الاتحاد على الاتفاق    تمكين الأوقاف تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من الزمالة المهنية في الأوقاف    انعقاد الملتقى السعودي الصيني لتعزيز التعاون والتبادل الأكاديمي في التعليم العالي ببكين    ارتفاع النفط إلى 66.62 دولارًا للبرميل    انطلاق منافسات ختامية مسابقة القرآن الوزارية بتنافس مائة طالب وطالبة بمكة اليوم    امطار خفيفة على اجزاء من الرياض والشرقية    الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    رأس الاجتماع الدوري للجنة السلامة المرورية بالمنطقة.. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على رفع مستوى الأمان على الطرق    "فلكية جدة": لا صحة لظهور الوجه المبتسم بسماء السعودية    الأمن العام يحذر: الرسائل المجهولة بداية سرقة    رائد فضاء يعود في يوم عيده ال70 إلى الأرض    النصر والأهلي ضيفان على ضمك والوحدة    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي في أكتوبر المقبل    إطلاق مبادرات مشتركة لخدمة المجتمع وترسيخ القيم.. الثقافة توقع اتفاقية مع "تيك توك" لتطوير مهارات المواهب    بعد وفاته.. حكم قضائي ضد حلمي بكر لصالح طبيب شهير    إعلاميون ل"البلاد": الأهلي مؤهل للتتويج ب" نخبة آسيا" بشروط!!    برشلونة يستضيف مايوركا في بروفة قبل الكلاسيكو    تناقش التحديات الاقتصادية العالمية.. وزير المالية يرأس وفد المملكة في اجتماعات الربيع    ظاهرة الكرم المصور    تجربة تنموية مميزة ودعم لاستقرار الاقتصاد العالمي.. السعودية والهند.. شراكة اقتصادية إستراتيجية وفرص واعدة للاستثمار    فوائد    فرص الابتعاث الثقافي في قطاع السينما    ميغان ماركل متهمة بالسرقة الفكرية    الأمير بندر بن سعود: دعم القيادة للتعليم صنع نموذجاً يُحتذى به عالمياً    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة (أمان ) بالمنطقة    هل ينتهك ChatGPT خصوصية المستخدمين    تهديدات تحاصر محطة الفضاء الدولية    "تعليم الطائف" تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    فوائد اليوغا لمفاصل الركبة    قطاع ومستشفى البرك يُنفّذ فعالية "خطورة استخدام المضادات الحيوية"    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لشلل الرعاش"    محميات العلا.. ريادة بيئية    الهلال الأحمر: فتح التطوع لموسم الحج    ساعة الصفاة    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    "تمكين الأوقاف" تحتفي بتخريج دفعة الزمالة المهنية    أمير الرياض يضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية في جامعة الفيصل بتكلفة تتجاوز 500 مليون ريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي
نشر في اليوم يوم 11 - 09 - 2015

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والإعداد ليوم ملاقاة الله والتزود بخير زاد.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام : " إنَّ رغبةَ المؤمن في الخير وسموَّ همته إلى بلوغ الدرجات العلى, والمنازل الرفيعة من رضوان الله, وكريم ثوابه لتَحمِلُه على سلوك سبيل الإحسان الذي وعد الله عليه بجميل الموعود وإنَّ في فريضة الله على عباده في الحج إلى بيته العتيق لأعظمُ مضمارٍ, وأوسعُ ميدانٍ, يستبقُ فيه المستبقون؛ لإحراز أوفى الحظِّ من ذلك الجزاء الضافي الذي أخبر به رسول الهدى -صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: "العُمرةُ إلى العمرة كفَّارةٌ لما بينهما, والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة" [أخرجه الشيخان في صحيحيهما وأصحاب السنن في سننهم].
وبين أنَّ الإحسان في الحجّ ليبلغ بالمحسنين مبلغًا عظيمًا, إذ به يكون حجُّهم مبرورا, وهو الذي أداه صاحبه بإخلاص لله, ومتابعة لرسول الله, صلى الله عليه وسلم, فإنَّ العمل - كما قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : " إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا؛ لم يُقبل, وإذا كان صوابًا, ولم يكن خالصًا, لم يقبل, حتى يكون خالصًا صوابًا. والخالصُ : أن يكون لله, والصوابُ: ما كان على السنة" فإخلاص الحاجِّ لله في أداء هذه الفريضة, يقتضي ألا يكون مقصودُه بحجه الفخرَ والمباهاةَ والسُّمعةَ, أو الثناء والمدح وحمل الألقاب, فكلُّ ذلك ممَّا ينافي إخلاصَ العملِ, وإرادةَ اللهِ بهِ , واللهُ تعالى لا يقبل من العمل ما خالطتْه إرادةُ غيرِه به, كما جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملا أشرك فيه معي غيري, تركتُه وشركَه" ومنه-أيضًا- يا عبادَ الله: ألا يتغالى الحاجُّ في لباسه, أو في مركبه, أو في موضع نزوله وإقامته, أو في أي شأن من شؤون حجه؛ فإنه إنما خرج ابتغاءَ رضوانِ الله, ورجاءَ ثوابِه, ولم يخرج فخرًا, ولا رياءً, ولا مباهاةً لغيره من الحجاج.
وأردف يقول : " من الإحسان الذي يصير به الحج مبرورًا: أنْ يتوخّى الحاجُّ الحلالَ الطيّبَ, ويجتنبَ الخبيثَ الحرامَ في نفقته؛ حذرًا ألا يُقبلَ حجُّه, ولا يستجاب دعاؤه, ففي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ طيّبٌ لا يقبل إلا طيبًا, وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين, ثم ذكر الرجلَ, يطيل السفرَ, أشعثَ أغبرَ, يمدُّ يديه إلى السماء: يا ربِّ, يا ربِّ, ومطعمُه حرامٌ, ومشربهُ حرامٌ, وغُذِيَ بالحرامِ, فأنَّى يُستجابُ لذلك؟!" .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : " إنَّ مواقفَ الدعاء والضراعة والابتهال والمناجاة لله ربِّ العالمين, لتغمرُ حاجَّ بيت الله, وتحيط به, وتعرض له في كلِّ خطوة من خطواته, وفي كلّ شوطٍ من أشواط رحلته منذ مبارحة بيته, حتى يقضي مناسك حجه, وذلك يقتضي منه ومن غيره من إخوانه أنْ يُطيّبَ كسبَه, ويُطهّر مالَهُ, ويزكّي نفقتَهُ بالحلال الطيِّب ألا وإنَّ من الإحسان الذي يكون به الحجُّ مبرورًا : أن يجتنبَ الحاجُّ ما نهى الله تعالى عنه والرَّفثُ هو: غشيان النساء, ومقدماتُه, وما يتصل به والفسوق: شاملٌ لكلِّ المعاصي, سواءٌ ما كان منها بالقلب, كالشرك بالله, والنفاق, والحقد والحسد, والعجب والغرور وسائر ما قبُح من الأعمال التي مصدرها القلب, وكذا ما كان منها بالجوارح, كالكذب والشتم والقذف والعدوان وسائر محظورات الإحرام
وأوضح أن الجدال هو المماراة, والمنازعة, والمخاصمة؛ لطلب الغلبة, والانتصار للنفس, وإفحام المجادل وهزيمته, لا لأجل إظهار الحق, وبيان الصواب, وهداية الضال. وفيه: إشارةٌ إلى وجوب اجتناب كلّ ما يصرف الحاجَّ عن التفرغ لنسكه, والاشتغال بطاعته, وعن إحداث ما لم يأذن به الله, ولم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم, من رفع الشعارات, والتنادي إلى العصبيات, وإهاجة النزعات المفرّقة المقصية للحج عن مقاصده السامية, وغاياته الحكيمة, وأهدافه الجامعة لكل خير, في العاجل والآجل.
وأكد أن كلُّ أولئك مما يجب على الحاجِّ اجتنابُه ليعود من حجّه نقيًّا من الذنوب, قد محاها اللهُ عنه, وغفرها له, كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: سمعتُ النبيَّ-صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حجَّ , فلم يرفث, ولم يفسق, رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه".
وقال الشيخ الخياط أن من الإحسان في الحجّ أيضًا : أن يضرب الحاجُّ بسهم في أعمال الخير والبر: بالصدقة, وبذل المعروف للمحتاج, من الفقراء واليتامى والأرامل, ودعم المؤسسات والمراكز والجمعيات الخيرية؛ لإغاثة الملهوفين من المسلمين الذين عصفت بهم وبديارهم الحروب, ونزلت بهم البلايا, وتكالبت عليهم الأعداء, وتقطعت بهم السبل, فغدوا لاجئين مشرّدين, ونازحين بائسين .
وأشار فضيلته إلى أن الله عز وجل وعد المنفق في وجوه الخير بأحسن جزاء, وأكرم ثواب, كما وعده بالإخلاف عليه؛ لقاءَ بذله لله؛ رجاءَ ما عنده, وإنَّ النفقة في الحجّ والعمرة لهي مما يؤجر عليها صاحبُها بقدرها, كما في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها في عمرتها: "إنَّ لكِ من الأجر على قدر نصبك أو نفقتك" وهو-أيضًا- من صور العناية بأمر الإخوة في الدين, والقيام بحقوقهم, والمساهمة في رفع كابوس المحن عن كواهلهم؛ ليكون المجتمع المسلم جديرًا بذلك التشبيه البليغ الذي جاء على لسان نبي الرحمة -صلوات الله وسلامه عليه- بقوله : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". [أخرجه الإمام مسلم في الصحيح من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما] وقوله-عليه الصلاة والسلام- : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا" وشبّك بين أصابعه. [أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه].
وتحدث إمام وخطيب المسجد الحرام عن فضائل أيام عشر ذي الحجة, التي أخبر رسول الهدى-صلوات الله وسلامه عليه- عن عظيم فضلها ووكريم ثواب العامل المُجدِّ فيها, بقوله عليه الصلاة والسلام : "ما من أيّامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ من هذه الأيام -يعني: أيام العشر- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهادُ في سبيل اللهِ, إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله, ثمَّ لم يرجع من ذلك بشيءٍ" [أخرجه البخاري في صحيحة وأبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم] وإنَّه لفضلٌ كبيرٌ , يا له من فضل! أفلح من اغتنمه, واهتبل فرصته, واجتهد في مرضاة ربِّه, وتزكية نفسه.
وفي المدينة المنورة حثّ فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم, على اغتنام فضائل أيام العشر من ذي الحجة, التي هي أعظم الأيام عند الله جل وعلا, مورداً ما يشرع فيها من العبادات والأذكار والصدقات والتقرّب إلى الله بالتوبة والإنابة إليه.
وقال فضيلته:" إن التفاضل بين الليالي والأيام داعٍ لاغتنام الخير فيها, فالنبي صلى الله عليه وسلم حثّ على اغتنام نعم هي زائلة لا محالة, فقال صلى الله عليه وسلم : " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ, وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ, وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ, وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ, وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" رواه البخاري , وقد أظلتنا عشر ذي الحجة, أقسم الله بلياليها فقال سبحانه : "وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ", وهي من أيام الله الحرم, وخاتمة الأشهر المعلومات التي قال الله فيها "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ", وأن نهارها أفضل من نهار العشر الأواخر من رمضان, قال صلى الله عليه وسلم : (( أفضل أيام الدنيا أيام العشر)) رواه ابن حبان
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن فضيلة عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها, من الصلاة وصيام التطوع والصدقة والحج, فلا يتأتي ذلك في غيرها, وكل عمل صالح فيها أحبّ إلى الله من نفس العمل إذا وقع في غيرها, لقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ فيها من هذه أيام العشر, قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله, قال : ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع بشيء" رواه البخاري.
وأضاف أن العمل في أيام العشر أحبّ إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء منها, إذ كان السلف رحمهم الله يجتهدون في الأعمال الصالحة فيها, فكان سعيد بن جبير رحمه الله إذا دخلت عشر ذي الحجة اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه, مبيناً أن من فضل الله وكرمه تنوعت فيها الطاعات, ومما يشرع فيها الإكثار مستشهداً بقوله تعالى "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ". قال ابن عباس رضي الله عنهما : (هي أيام العشر).
وقال إن ذكر الله سبحانه من أفضل القربات, لقوله عليه الصلاة والسلام ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه من العمل فيهن من هذه العشر, فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)) رواه أحمد.
وأورد فضيلته قول الإمام النووي رحمه الله (( يستحب الإكثار من الأذكار في هذه العشر زيادة على غيرها, ويستحب من ذلك في يوم عرفه أكثر من باقي العشر)) وأفضل الذكر تلاوة كتاب الله فهو الهدى والنور المبين.
وعدّد الشيخ عبدالمحسن القاسم, الشعائر والأعمال التي يشرع القيام بها في أيام عشر ذي الحجة, ومنها التكبير المطلق في كل وقت, إذ (( كان ابن عمر, وأبو هريرة رضي الله عنهما, يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما)) رواه البخاري , ويشرع التكبير المقيّد عقب الصلوات من فجر عرفة للحجاج وغيرهم, قال شيخ الإسلام رحمه الله (أصحّ الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء والصحابة والأئمة أن كبّر من فجر عرفه إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة".
وذكر أن مما يستحب في العشر صيام التسعة الأولى منها, فقد قال النووي رحمه الله (إنه يستحب استحباباً شديداً), وكذلك الصدقة إذ هي عمل صالح, بها تفرج قلوب, وتزول أحزان, وخير ما تكون في وقت الحاجة, وشحيح الزمان.
وأفاد أن التوبة منزلتها في الدين عاليّة, فهي سبب الفلاح والسعادة, أوجبها الله على جميع الأمة من جميع الذنوب, فقال لمن ادعى له صاحبة وولدا " أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ" وقال تعالى للمؤمنين "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
وأكد فضيلته عظم الحاجة إلى التوبة, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل الله في اليوم مائة مرة أن يتوب عليه, فقال عليه الصلاة والسلام " يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة" متفق عليه, كما أن خير الأيام على العبد يوم توبته, إذ قال عليه الصلاة والسلام لكعب بن مالك رضي الله عنه : "أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك" متفق عليه .
وقال فضيلته : ما أجمل التوبة في أحب الأيام إلى الله, ومن صدق في توبته على في الدرجات وبدل الله سيئاته حسنات, وأن في أيام عشر ذي الحجة حجُّ بيت الله الحرام, أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام, قال تعالى : "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا", وقال عليه الصلاة والسلام "أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا" رواه مسلم , والحج من أفضل الأعمال إلى الله, إذ سئل النبي صلى الله عليه وسلم : ((أي العمل أفضل؟ فقال : "إيمان بالله ورسوله, قيل ثم أيّ ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قيل ثم أي. قال "حج مبرور)) متفق عليه.
وبيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الحج المبرور ليس له جزاءً إلا الجنة, به تحطُّ الذنوب والخطايا, قال عليه الصلاة والسلام :"من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" متفق عليه , وأن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء.
وقال الشيخ عبدالمحسن القاسم أن للحج حكم عظيمة, وغايات جميلة, ومقاصد نبيلة في الدين والدنيا والمعاش والمعاد, وأول تلك الحكم تحقيق التوحيد, فشعار الحجاج : "لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك, ومن حمده تجريد الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله, قال تعالى : "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" كما قال عليه الصلاة والسلام "خذوا عني مناسككم" رواه مسلم , ومن حكم الحج " لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ " في الدنيا بما يصيبونه من خيرات, وفي الآخرة بدخول الجنة, "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".
وبيّن فضيلته أن الحج فيه تذكير بالرحيل عن الدنيا هذه فزمنه آخر أيام العام, وأدّاه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته, ودّع فيه صحابته, وأكمل الله له فيه الدين لأمته, وأنزل عليه يوم عرفة " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا".
وأفاد أن العاجز عن الحج لعذر, شريك للحجاج في الأجور إذا صدق نيّته, وربّما سبق السائر بقلبه السائرين بأبدانهم, وفي العشر يوم عرفه صيامه يكفّر السنة الماضية والباقية, لقوله عليه الصلاة والسلام "وما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفه" رواه مسلم , كما أن خير الدعاء دعاء يوم عرفه.
وقال أن أيام العشر فيها يوم النحر, أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعاً, وهو يوم الحج الأكبر, قال سبحانه : "وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ" فهو أعظم الأيام عند الله, قال عليه الصلاة والسلام " إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ" رواه أبو داوود, وهو أحد يومي عيد المسلمين, يوم فرح وسرور بأداء ركن من أركان الإسلام, وقد يغفل الناس مع سرورهم عن ذكر الله, وحينها يكون الذكر أفضل, لقوله جل وعلا : " وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ " وهي أيام التشريق, وقوله عليه الصلاة والسلام "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله" رواه مسلم.
وأضاف الشيخ عبدالمحسن القاسم أن في أيام النحر والتشريق عبادة مالية بدنية, وهي من أحبّ الأعمال إلى الله, قرنها سبحانه بالصلاة فقال عز وجل " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" وقد حثّ الله على الإخلاص في النحر وأن يكون القصد وجه الله وحده, لا فخر ولا رياء ولا سمعة, ولا مجرد عادة, فقال تعالى : " لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ", كما ثبت "ضحّى النبي صلى الها عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده" متفق عليه
وبيّن فضيلته مشروعية يقترض الرجل ليضحي, ويحتسب عند الخلف من الله, ولا ينبغي التذمّر من غلاء ثمنها فثوابها عند الله عظيم, ومن أراد أن يضحي حرم عليه أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً, لقوله عليه الصلاة والسلام : " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحّي" رواه مسلم.
وحضّ فضيلته على اغتنام مواسم الشهور والأيام والساعات, والتقرب إلى الله تعالى بما فيها من وظائف الطاعات, لنيل السعادة, والبعد عن النار وعذابها, والفوز بجنة عرضها الأرض والسماوات, ليهنأ العبد الحياة الطيبة والسعادة الأبدية, وختم خطبة الجمعة مورداً قول الله عز وجل "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.