ألقى الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة اليوم، وقال إن مواسم الخيرات تتجدد على العباد فضلاً من الله وكرماً، فما إن تنقضي شعيرة إلا وتحل مكانها أخرى، وها هي طلائع الحجاج قد أمت بيت الله العتيق، ملبين دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق). وذكر أن الحج عبادة في الإسلام عظيمة، فهو خامس الأركان ومن أجلّ الطاعات وأحبها إلى الله، سئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال ثم ماذا؟، قال: حج مبرور» متفق عليه. وأضاف: بالحج محو أدران الذنوب والخطايا، قال صلى الله عليه وسلم «والحج يهدم ما كان قبله»، وهو طهرة لأهله ونقاء، قال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه».. متفق عليه. وأكد إمام المسجد النبوي أن الحج مجمع الإسلام الأعظم يربط حاضر المسلمين بماضيهم ليعيش العباد أمة واحدة مستمسكين بدينهم، ولا طريق لذلك إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة والسير على منهج سلف الأمة، وفي الحج تتلاشى فواصل الأجناس واللغات والألوان وتضمحل، ويبقى ميزان التفاضل هو التقوى قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وخير زاد يصحبه الحجاج في نسكهم التقوى قال سبحانه: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب). وبين فضيلته أن الحج مدرسة لتحقيق الأتباع والتأسي بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فلا نسك ولا أي عبادة أخرى على التمام والكمال إلا ما فعله عليه الصلاة والسلام وكان على هديه، قال عليه الصلاة والسلام: «لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه». وتابع: ومن مقاصد الحج العظمى إقامة ذكر الله والاكثار منه, قالت عائشة رضي الله عنها: «إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله». وأكد أن الحج طاعة يصحبها طاعات، مليء بالمنافع والعبر والآيات، ففيه إخلاص القلب لله تعالى وتسليم النفس له عبودية ورقاً، قال شيخ الإسلام رحمه الله: «الحج مبناه على الذل والخضوع لله ولهذا اختص باسم النسك»، وفي الحج يأتلف المسلمون وتقوى أواصر المحبة بينهم، وفي اجتماع الحجاج في موقف واحد إعلام وتذكير بفضل هذه الأمة وعلو شأنها، وخير الحجاج أحسنهم خلقاً، وبه يكتسب العبد الصفات والأخلاق الحميدة، قال تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، ومن كف نفسه المحظورات في حجه فحري به أن يكفها عن المعاصي في كل زمان ومكان. وبعد أيها المسلمون: فثمرة الحج إصلاح النفس وتزكيتها، والظفر برضا الله تعالى والفوز بجنات النعيم، والموفق لذلك من أدى حجه بنية صالحة خالصة، وعلى علم وبصيرة، من نفقة طيبة حلال، وأحيا قلبه ولسانه بذكر الله. وفي الخطبة الثانية، أكد إمام المسجد النبوي أن التفاضل بين الليالي والأيام داع لاغتنام الخير فيها، وعما قريب تحل بنا أفضل الأيام عند الله، قال عليه الصلاة والسلام «أفضل أيام الدنيا أيام العشر» فأكثروا فيها من ذكر الله وتلاوة كتابه العظيم، قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معدودات). واختتم الخطبة بقوله: يستحب في العشر صيام التسعة الأولى منها، وخص منها يوم عرفة لغير الحاج بمزيد من الفضل فصيامه يكفر السنة الماضية والباقية، ومن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي، أما الوكيل على الأضحية أو المضحي عنه إذا كان حياً فلا يلزمه شيء من ذلك.