أبدت العائلات والأسر الزائرة لمهرجان جدة التاريخية اعجابها بالتواجد الكثيف النسائي بين جنبات المهرجان لبيع المأكولات الشعبية في الأكشاك الموزعة بشكل منتظم مما يؤكد تفوق النساء على الرجال في هذه الحركة الشرائية سواءً في التنظيم أو في البسطات والعربات النسائية ، والبائعات اللاتي يفترشن الطاولات في أزقة المهرجان لبيع القهوة الحجازية والكبدة الطازجة والبليلة المشهورة ، وجميع الوجبات الخفيفة والعصائر والحلويات الحجازية القديمة. وتتنوع معروضات هذه البسطات لجذب أكبر عدد ممكن من زوار المهرجان الذين يحبون الاستمتاع بمظاهر الحياة في جدة القديمة ، في حين حظيت المحلات النسائية لبيع الملابس التراثية الفلكلورية، والهدايا والزينة وألعاب الأطفال، بالإضافة لمحلات بيع البخور والعطور والمشغولات اليدوية بإقبال كبير من زوار المهرجان، الذين حرصوا على شراء الهدايا التذكارية والمقتنيات التراثية، لتنشيط التجارة وتشجيع السياحة الداخلية للمملكة. وتتميز المأكولات الشعبية المعروضة بالمهرجان بمحاكاتها للماضي اعداداً وتسويقاً وطرق عرض ، حيث تستوقف "الحبحبوه" و"قهوة اللوز" الكثير من زوار المهرجان المتعطشين لمعرفة المزيد عن هذه المأكولات المشروبات التي اعادها المهرجان إلى الجيل الحالي ، كما يلفت نظر الزائرين الإقبال الكبير على شراء الوجبات الشعبية كالمطبق والمعصوب والبطاطس المقلية والبليلة . في حين يجوب زوايا جدة التاريخية وحاراتها العتيقة "السقا" ، الذي يلفت نظر الزائر بمشهده وهو متزر بفوطة بنية اللون ، حاملاً على عاتقه عوداً خشبياً ، تتدلى من جانبيه تنكتان حديديتان مملوءتان بالماء لصبها في "الأزيار" حث كانت كل أسرة تتعامل مع أحد السقايين الذي يحضر يومياً لملء الأزيار بالبيت بصورة منتظمة . ويجلب السقاء الماء عادة في الصباح ويتم التعامل معه بعدد "الزفات" ، ويكون دفع الأجرة له يومياً أو أسبوعياً بحسب الاتفاق ، وكان أغلب العاملين في المهنة قبل نشوء المناهل من أهل البادية ، حيث قطنت المنطقة أكثر من 500 أسرة عريقة في الوقت الذي قدرت فيه عدد البيوت والمباني في هذه المنطقة التي دخلت منظومة التراث العالمي للمدن العتيقة بنحو 1866 مبنى، فيما لم يتجاوز عدد سكان جدة في عام 1344ه، حسب أغلب التقديرات، نحو 16 ألف نسمة. ويجتمع ملاك المنطقة التاريخية في "مقعد الجداويين"، الذي كان يجمع فيه كبار الأسر لمناقشة احتياجات الحي ومتطلباته، إضافة إلى معرفة أحوال الأسر التي تحتاج إلى دعم أو مساندة في ظل برامج تكافل، حيث عبروا عن سعادتهم بما تحقق من إنجاز عالمي لهذه المنطقة وقيمتها التراثية، ما جعل كل المهتمين والزوار والسياح تتجه أنظارهم إلى "تاريخية جدة". وكانت تتسم الحياة المجتمعية السائدة في المنطقة بالكثير من العادات والتقاليد الأصيلة، والأسر الشهيرة التي سكنت المنطقة لمدة تتراوح بين أربعة وخمسة أجيال هي الأسر التي تشكل اليوم شريان الاقتصاد في مدينة جدة، وأن أغلب هذه الأسر يعدون اليوم من أرباب الأموال والاقتصاد والحياة المجتمعية. وتتراوح أعمار الأسر التي سكنت جدة وما زال لهم احفاد موجودين في المنطقة تاريخية بين 200 و300 عام، وهو تاريخ طويل شهدت فيه المنطقة التاريخية العديد من التغييرات الاجتماعية والسياسية والفكرية .