" منتجات نوعية ورغبة صادقة في الحفاظ على التراث والأصالة ونقل المهارات الحرفية عبر الأجيال "، هذه هي العناوين الرئيسة لمشاركة عددٍ من الحرفيات في واحة السياحة والتراث الخاصة بهيئة السياحة والتراث الوطني في الجنادرية 31، حيث تم تقديم نماذج متعددة من الأعمال التي حفلت بالطابع التراثي والمعاصر في الوقت نفسه، مع تأكيد حرص المشاركات على رغبتهن في توظيف الحرف اليدوية لخلق فرص وظيفية وتعزيز الصناعة المحلية. وتشارك الحرفية سوسن بن جبل, هذا العام ضمن برنامج (بارع) في مهرجان الجنادرية، وذلك من خلال حرفة تزيين الفخار، من خلال ركن يعرض أكثر من 100 مجسم فخاري تم الرسم عليها بتصاميم متعددة وخامات واكسسوارات متنوعة، مركزةً على الهوية التراثية المحلية في تصاميم الثوب الحجازي والنجدي وكذلك التراث الخليجي من خلال "البرقع" الاماراتي. وجاءت بداية سوسن في سوق عكاظ مع شقيقتها المتخصصة من خلال حرفة الجلديات، حيث كانت دافعاً لها للبدء في مشروع حرفي خاص كما تقول، مبينةً أن ذلك تحقق لها عندما رأت أن الاشكال الفخارية يمكنها أن تأخذ طابعاً جديداً مع إضافة بعض اللمسات والألوان التي ستمنحها شخصية مختلفة، تقول: (أحب الرسم والأعمال الفنية معادة التدوير منذ صغري، وقد استفدت من ذلك تصميم الأشكال على الفخار ومحاولة جعلها قطع فنية حقيقية، بالإضافة إلى استخدامها كمباخر أو كفواحات أو غيرها) . وتتعاون هذه الحرفية مع أحد المصانع لتأمين الأشكال والأحجام المطلوبة من الفخار وبأسعار خاصة، وهو ما ساعدها كثيراً في تسريع وتيرة الإنتاج بالإضافة إلى سهولة وسرعة إنجاز هذه الحرفة حيث يستغرق العمل على الإناء الواحد ساعة تقريباً، أما أمنيتها القادمة فهي تعلم صناعة الفخار نفسه، والعمل على تعزيز هذا المجال بين الحرفيات من أجل تزويد السوق بكميات تغني عن الاستيراد، مشيرة إلى أن مشاركتها مع (بارع) هذا العام منحتها دوافع إضافية لتطوير تجربتها الحرفية كما سهل لها التنسيق للمشاركة مع البرنامج في فعاليات قادمة . الحرفية نفلاء النفيعي، التي تشارك هذا العام، كانت موجودة في الدورة الأولى للجنادرية قبل أكثر من ثلاثة عقود، وحضرت هذا العام لتخبر الجميع عن ما وصلت إليه في مجالها الحرفي في التطريز والمشغولات اليدوية، دون أن يغيب عن بالها التأكيد على التطور النوعي الذي شهدته الجنادرية نفسها خلال هذه الفترة، تصف نفسها ب (ابنة الجنادرية), وتقول (هذا المهرجان هو موسم الثقافة والتراث في المملكة، وموسم التبضع أيضاً للزوار، لن أنسى مشاركتي الأولى في الجنادرية وكانت حينها أصغر حجماً بكثير، كنا نعمل على الحرف اليدوية بينما نشاهد سباق الهجن بالقرب منا). هذه الخبرة جعلت نفلاء النفيعي مرجعاً في مجال الحياكة والمشغولات اليدوية، وهو ما جعل أكاديميات وباحثات يتواصلن معها للتعرف على بعض المفردات الخاصة بهذه الصنعة، ولرغبتها في أن تعم الفائدة فقد ألفت كتيباً خاصاً وضعت له عنوان (حرفتي هوية وطن) كان بمثابة التعريف بها وبحرفتها في العديد من الفعاليات التي شاركت فيها داخلياً وخارجياً، كما تعمل على إصدار كتاب جديد قريباً . وحققت النفيعي منجزات عديدة في مقدمتها تحقيق جائزة الأميرة صيتة بنت عبد العزيز، وهو ما زاد هذه الحرفية اعتزازاً بما تقوم به، حيث تعتبر أن الحرفة اليدوية شهادة يمتلكها الإنسان ولا تقل أهمية عن أي شهادة أخرى، كما تؤكد أكثر من مرة (الحفاظ على التراث واجبنا جميعاً، من ليس له ماض. لا حاضر له). (لمسة جديدة دون فقدان طابع الأصالة) هذه هي الفلسفة التي صنعت بها نفلاء العديد من المنتجات من الستائر، مروراً بالحقائب والأغطية والملابس التراثية، وليس انتهاء بوسائد صغيرة للماوس الخاص بالكمبيوتر، تجربة ممتدة تصف كل منتج فيها بأنه غالٍ عليها ولا تستطيع اعتباره أكثر متعة في التصنيع من غيره . وتتمنى نفلاء أن يكون لها مصنع صغير يتضمن ورشة للتدريب، ولا تخفي سعادتها بإقبال الفتيات على تعلم هذه الحرفة، فخلال مشاركتها هذا العام في الجنادرية تلقت ما لا يقل عن عشر طلبات للتدريب، وهو ما تصفه بالمؤشر المشجع على أن الحرف اليدوية مجال كبير وله مستقبل لا يستهان به، متفائلة بدور برنامج (بارع) في تسهيل قيامها بتدريب الحرفيات خلال الفترة المقبلة. أحد أكثر الأركان إقبالاً كان الركن الخاص بالحرفية والمصممة أم محمد الزهراني، التي تنتج مجموعة كبيرة من الاكسسوارات والسبح والازياء التراثية والمشالح النسائية القديمة التي أضفت عليها جوانب عصرية بتصاميمها الخاصة، تقول (دافعي الأساسي في هذه الحرفة هو الحفاظ على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا عبر الأجيال، فقد ورثتها من أمي التي ورثتها من جدتها، والآن أعلمها لأبنائي ،كما أطور تجربتي بالتركيز على الخامات عالية الجودة التي تلائم جميع الأعمار والأذواق، بالإضافة الى الابتكار والتجديد المستمر، فقد اعتدت أن اقدم في كل مشاركة لي ما لا يقل عن 30 تصميما يتم عرضها للمرة الأولى). العقيق والفيروز والعود الطبيعي هي مكونات يمكن رؤيتها في منتجات المصممة والحرفية أم محمد, التي تشارك في الجنادرية لهذا العام تحت مظلة برنامج بارع وقد كانت لها مشاركة ناجحة مع البرنامج في أبو ظبي، حيث تشكر البرنامج على إتاحة الفرص للحرفيات, مشيرة إلى أن المجال الحرفي عزز دعم المرأة السعودية التي حققت نجاحات عدة في مختلف المجالات، معربة كذلك عن سعادتها بما تلمسه شخصياً من تفاعل الزوار والعائلات وما يبدونه من حرص وتفاعل ورغبة حقيقية في تشجيع مشاريع بنات الوطن . في السياق ذاته، تؤكد الحرفية قناعتها بأن الدعم المعنوي لا يقل قيمة وتأثيرا عن الدعم المادي، كما تقترح تفعيل مواقع نسائية لعرض نتاج لحرفيات بحيث تكون مستمرة طيلة العام، وذلك بالتعاون بين الجهات القائمة للأسر المنتجة والمشاريع الصغيرة، مشيرة إلى أنها أوجدت عبر تجربتها الحرفية عدداً من الفرص الوظيفية للشباب والفتيات. (محل تجاري في المستقبل) هو أمنية أم محمد الزهراني التي يرافقها ابنها عبد المجيد، وهو أحد أبنائها الذين يمثلون الجيل الرابع من المشتغلين على هذه الحرفة في العائلة، حيث يعرض الطفل الذي لم يتجاوز عشرة أعوام تصاميمه من الأساور والسبح التي خصص بعضها للأطفال، بالإضافة إلى منتج صممه خصيصا لهذه المناسبة، وأسماه باسم مهرجان الجنادرية.