يحرص البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع) على المشاركة الفاعلة في الفعاليات الثقافية, سعياً لإبراز القيمة الفنية والإبداعية التي يتمتع بها الحرفيون من مختلف مناطق المملكة، حيث تقدم لهم هذه الفعاليات الفرصة للقاء الجمهور، واستشعار التقدير لجهدهم في حفظ تراث الوطن والاعتزاز به . وكان تنوّع محتوى الحرف، وجودة مستوى الحرفيين، هي أبرز ما تميزت به مشاركة (بارع) في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية 31، وبالتحديد في واحة السياحة والتراث التابعة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني . وعرض رئيس طائفة تجار السبح في جدة جمال محمد الجهني, وهو مهني معتمد من بارع في صقل الأحجار الكريمة وخراطة السبح, قصة تعلمه الحرفة بشكل ذاتي, معتمداً في ذلك على حبه الشخصي للسبحة كواحدة من المقتنيات التي ارتبطت بذاكرة أجيال سابقة، واستمرت حتى اليوم، وسط إقبال كبير عليها من الشباب الذين يملكون أذواقاً متنوعة في اختيار السبح الخاصة بهم. وأكد حرص الجمهور على مشاهدة عملية صناعة السبحة بدءاً من اختيار أجزائها ومكوناتها وتشكيلها مع بعضها , منوهاً بأن استهلاك السبح في المملكة لا يقل عن 20 مليون سبحة سنوياً، فضلاً عن كونها الهدية المفضلة لقرابة 10 ملايين زائر سواء من الحجاج أو المعتمرين على مدار العام، الأمر الذي يجعل هذا الحرفي يطالب بدعم التصنيع المحلي لهذا المنتج، معبراً عن أمنيته الخاصة بافتتاح مصنع لإنتاج السبح، ومشيداً بما يقوم به برنامج بارع في تقديم فرص المشاركة للحرفيين ومنحهم إمكانية نقل الخبرة وتدريب الشباب المهتمين بالمجال الحرفي. وفي جانب آخر، شارك الفنان والحرفي أحمد المالكي بركن في برنامج بارع عرض فيه جوانب من أعماله في الحفر على الحجر والرخام أو ما يصفه ب (نحت التراث) وبعد مرور عشرين عاماً على أول مشاركة له في الجنادرية، جاءت فرصة الحضور مع برنامج بارع, مؤكداً أنه ظل رغم كل هذا شغوفاً بتجربة الاشتغال على أشكال تراثية حيث يرى فيها قيمة جمالية خاصة ويصفها بالصنعة النادرة، كما يشير إلى أن تعلم هذه الحرفة أصبح أكثر أهمية مع توجه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني نحو دعم الحرفيين، وبوجود النظام الذي يطالب المؤسسات والجهات الحكومية باقتصار شراء إهداءاتهم التراثية على نتاج حرفيين سعوديين . وأوضح المالكي, أن هيئة السياحة ممثلة ببارع, قامت بمجهودات لخدمة الحرف اليدوية، منوهاً بأنه سيكون من الجيد أن يتبنى البرنامج كذلك ورش عمل للحرفيين الواعدين أو الراغبين في التعلم، ومؤكداً استعداده للتعاون مع المدارس وجمعيات الثقافة والفنون لتنفيذ هذه البرامج المفيدة، حيث أن هناك الكثير من الصغار القادرين على تطوير أنفسهم والابتكار . كما شارك الحرفي صالح الخميس مع برنامج (بارع) في مهرجان الجنادرية 31, حيث قدم بيتاً طينياً مع ترميمه, مؤكدًا ارتباطه بالتراث وتاريخ المباني الأثرية، قبل أن يتحوّل إلى حرفة في يديه، ليصبح بعد 25 عاماً من التعلّم الذاتي والمشاركات الداخلية والخارجية، أحد أبرز الفنانين في مجال صناعة مجسمات البيوت الطينية القديمة، مشيراً إلى أن اللقاءات المباشرة مع الجمهور والمهتمين هي أحد العوامل الرئيسة لنجاح الحرفي وتطوير تجربته، بالنظر إلى ما تتمتع به الأعمال والفنون التراثية من قبول اجتماعي لدى الأفراد والعائلات على السواء، متمنياً أن تشهد الفترة المقبلة إتاحة المزيد من فرص الظهور للحرفيين بمختلف أنواع نتاجهم مع الاهتمام بوسائل عرض الأعمال الحرفية، من أجل أن يتعرف عليها الزوار عن قرب .