أتذكر الآن كيف كان مدرس التربية الفنية يحثنا على إبراز مواهبنا في الرسم ويشرح لنا كيف أن بعض اللوحات الفنية كلوحة «ليوناردو دافينشي» والمعروفة ب«الموناليزا» قد قدر ثمنها ب400 مليون دولار! غير أن متحف اللوفر رفض بيعها على الإطلاق فتلك الروائع لا تتكرر دائما بحسب الناطق الرسمي باسم متحف اللوفر! وقال أيضا إن الفنان القدير «فان جوخ» قد قرر بيع إحدى لوحاته ب50 فرانكا فقط حتى يجد ما يسد به رمقه لأنه لم يجد ما يأكله! إلا أنه وبعد 100 سنة بالضبط بيعت تلك اللوحة بأم عينها ب39.9 مليون دولار! والحمد لله أن «جوخ» هذا قد مات بشكل طبيعي قبل سنوات من بيع لوحته تلك بذلك السعر، لأنه لو كان موجودا لغادر الحياة أيضا ولكن بسكتة قلبية ستحيله إلى جثة هامدة عندما يعلم أن لوحته تلك قد بيعت بذلك المبلغ..! صحيح أن كل التحفيز السابق من مدرسنا الفاضل لم ينتج رساما واحدا في مدرستنا تلك إلا أنه على الأقل يعطي دلالة على أن هواة اللوحات المميزة والباهظة الثمن ليسوا حكرا على حقبتنا الزمنية هذا وإنما لهم امتداد تاريخي وسلف راحل! صحيح أن سلفهم كان يفاخر بشراء لوحات «دافينشي» و«فان جوخ» و«سلفادور دالي» بمئات الملايين وهم اليوم يفاخرون بشراء لوحات السيارات المميزة وخطوط الاتصال المتشابهة الأرقام بنفس الرقم تقريبا، إلا أنهم يعتبرون امتدادا لذلك الجيل الذي يدفع أي شيء من أجل الحصول على النسخة الوحيدة! وكما أن لوحة «فان جوخ» بيعت للمرة الأولى ب50 فرانكا ثم ب39.9 مليون دولار، فإنني أعرف لوحة سيارة بيعت اليوم بأكثر من 120 ألف ريال رغم أن قيمة السيارة بماكينتها وكفراتها وجميع ملحقاتها الأخرى لا يتجاوز الخمسة آلاف ريال! وللناس فيما يعشقون مذاهب!