سيطرت مفردات «الواسطة والمحسوبية والفساد» على كلمات المشاركين في الجلسة الأولى لمنتدى جدة التجاري الثاني الذي تختتم فعالياته اليوم معتبرين تفشي تلك المفردات في الحياة التجارية كان من أهم أسباب افتقار كثير من السلع والمنتجات الاستهلاكية إلى الجودة نتيجة التقليد المتقن والغش، وشن المشاركون في الجلسة الأولى للمنتدى هجوما واسعا على الإجراءات المعقدة الموجودة في الكثير من الجهات الحكومية، داعين إلى إلغاء وظيفة «المعقب» ورفع مستوى الشفافية في بيئة العمل في ظل الميزانيات الضخمة التي تعتمدها السعودية سنويا لإنجاز مئات المشاريع، كاشفين أن السعودية تراجعت للمركز 160 في مؤشر جودة الحياة. وأوصت الجلسة بتشكيل لجنة دائمة بين الغرفة التجارية الصناعية بجدة ومصلحة الجمارك وقطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني لتذليل كافة الصعوبات التي تواجه المستوردين والمتصدرين، ووضع نظام واضح يحدد العقوبات المناسبة وكذلك اعتماد الشفافية في الإدارة والقضاء على «البيروقراطية». وانتقد رئيس جمعية حماية المستهلك المكلف الدكتور ناصر التويم «البيروقراطية» وأكد أنها تسببت في أزمات لا حصر لها، مشيرا إلى أنه صدم بوفاة شقيق أحد أصدقائه بسبب التعقيدات الإدارية في دخول المستشفى والحصول على موافقات عديدة، وأكد أن الأمير سلطان بن سلمان كان محقا عندما أشار في أحد المنتديات إلى أن تطلعات القيادة عالية والاحتياجات كبيرة لكنها لا تتوازن مع فكر الكثير من الإدارات. وقال التويم: «حان الوقت للقضاء على «البيروقراطية» بعد أن تغير العالم من حولنا، وقدم ورقة عمل تتناول نموذجا مقترحا لتبسيط الإجراءات الإدارية الحكومية وتحقيق مبدأ الشفافية أسماها «الإدارة الرشيقة»، وطالب الأجهزة الحكومية بضرورة توضيح الأنظمة والاستقلال الوظيفي وعدم تشابك المصالح. وكشف أن المملكة تأتي في المركز 160 من بين 194 دولة في مؤشر جودة الحياة: «مما يعني أننا نحتاج إلى الكثير من الوقت للقضاء على البيروقراطية وتبسيط الإجراءات». من جانبه اعترف المهندس محمد أبو داود رئيس مؤسسة محمد حسن أبو داود للتجارة بوجود عديد من الصعوبات والعراقيل التي تعترض توفير بيئة استثمار جذابة، داعيا إلى تغيير ثقافة «المعقب» فهو فقط القادر على إنجاز الأعمال بمقابل مادي، وشدد على أن «البيروقراطية» هي سبب تعطيل الأمور في الجهات الحكومية.. وقال: «ينبغي أن نرفع من قاموسنا كلمات على شاكلة «اللوائح لا تسمح.. راجعنا بكرة».. وللأسف التعميمات الموجودة لدينا داخل الأدراج ولا يستطيع أحد الحصول على نسخ منها». وقال إن أول كلمة يقولها المستثمر عندما يهم لإنجاز معاملاته «تعرف أحد في الإدارة الفلانية...» وهو ما يعني تنامي «الواسطة» والاعتماد عليها في كثير من أعمالنا، لذا من المهم أن نغير هذه المفاهيم وتكون هناك ثقافة جديدة تكسر الروتين، ولا نضع في اعتبارنا دائما أن «التاجر كبش فداء لكل شيء»، وأضاف: «لدينا أكبر تنظيم لتفعيل النزاهة لكن نحتاج إلى تهيئة الجهاز الحكومي وتغيير الكثير من الأنظمة واللوائح»، وأضاف: «هناك مشروعات عملاقة تتجاوز 1.5 تريليون ريال، منها 110 مليارات لتطوير الخدمات الأساسية وتحسين مستوى المعيشة، تضاف إليها 580 مليارا ميزانية الدولة مما يعني أن هناك مبالغ ضخمة تحتاج إلى عقول نيرة لاستثمارها». من جهتها دعت الدكتورة سوزان بنت محمد القرشي أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والإدارة إلى تبسيط الإجراءات الحكومية ورفع مستوى الشفافية في بيئة الأعمال ورأت أن تعقيد الإجراءات والأحكام يعد من المعوقات الرئيسية لنمو وتطور القطاع الخاص والاستثمار، واستعرضت بعض التجارب الدولية الناجحة في مجال تبسيط الإجراءات الحكومية والشفافية وكيفية الاستفادة منها في خدمة الاقتصاد الوطني. وقدم المدير العام لمصلحة الجمارك صالح الخليوي ورقة عمل تبحث مدى تحقيق مبادئ تبسيط الإجراءات الحكومية في مجالات الاستثمار وألقاها نيابة عنه سعود بن سليمان الفهد مساعد المدير العام للجمارك، وأشار خلالها إلى وجود أجهزة جديدة لكشف المواد المشعة التي يمكن أن تظهر في بعض المواد المستوردة، كما شدد على استخدام أفضل الوسائل التقنية لتحقيق أعلى معايير الجودة في مصلحة الجمارك .