المسجد إضاءةٌ في كل مكان يوجد فيه ، فهو بيت الله الذي يجتمع فيه المصلُّون لأداء فريضة من أعظم فرائض الإسلام ، ألا وهي الصلاة التي فرضها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من فوق سبع سماوات ، والإمام هو الذي يقود هذه المسيرة المباركة ، في هذا البيت المبارك ، فهو يقوم بدورٍ كبير ، يتمثل في إمامة المصلِّين ، ومتابعة نشاط المسجد المتمثل في حلقات القرآن ، وبعض الندوات والمحاضرات والدروس الشرعية التي تسهم في إكمال رسالة المسجد ، كما يتمثل دور الإمام في إلقاء خطبتي الجمعة كل أسبوع مخاطباً بها آلاف المصلين موجهاً ومرشداً ، ومعلماً ، ومؤثراً ، وهذا الدور الكبير جعل للإمام مكانة خاصة عند الناس ، وتقديراً خاصاً يحظى به في نفوسهم ، وهي مكانةٌ تجعل مسؤوليته أكثر في حسن خلقه وتعامله ، وفي علمه ومعرفته وثقافته ، وفي نشاطه الاجتماعي في إطار الحي الذي يقع فيه مسجده ، وفي نشر الوعي الشرعي بكثير من المسائل المتعلقة بالصلاة وآدابها ، أو بأحكام الشرع العامة المتعلقة بها من اغتسالٍ ووضوء ، ولباس وغيرها من الأمور التي يطلع عليها إمام المسجد. هنا نتوقف قليلاً لنشير إلى أهمية تكوين شخصية إمام المسجد علمياً وثقافياً ، وتعاملاً ، بل وإدارة ، لأنه يقوم بإدارة المسجد ومناشطه المقامة داخله ، أو ذات العلاقة بجيران المسجد وجماعته من المصلين ، فلا بد أن يكون إمام المسجد قادراً على أداء ما يجب عليه ، محققاً رسالة المسجد المنتظرة منه. والأئمة في هذا الجانب على مستويات متباينة ، فمنهم مَنْ يتألق في أداء رسالته ، ومنهم من يقصّر فيها ، ومنهم من هو بين هذا وذاك ، علماً بأن الناس ينتظرون من أي إمامٍ تكل إليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف هذه المسؤولية أن يكون على مستوى الأمل فيه ، فإذا لم يكن على مستوى الأمل حدث خلل واضح في دوره الكبير ، ومسؤوليته العظيمة. إن تطوير شخصية إمام المسجد علمياً وثقافياً ووعياً بواقع الناس ضرورة ملحَّة في هذه المرحلة ، لأنه يمكن -إذا كان على مستوى المسؤولية- أن يصبح إضاءة للناس في إطار مسجده وحيه، وأن يكون مصدراً من مصادر الوعي الذي يتحقق به الأمن والاستقرار من جانب ، وسبباً من أسباب تصويب أخطاء الناس الشائعة في أدائهم لفريضة الصلاة. من الأئمة من لا يتجاوز دوره في المسجد أداء الصلاة دون القيام بأي دورٍ آخر في توجيه الناس وإرشادهم في بعض ما يقعون فيه من أخطاء يراها الإمام رأي العين ، ولهذا يكون مسجده مفتقراً إلى خدمات كثيرة ، منه ، النظافة ، والهدوء ، والانتظام في أوقات الصلوات ، كما يكون المصلون في مسجده مفتقرين إلى النصيحة والتوجيه ، وتصحيح الأخطاء ، وكأن الإمام ليس مسؤولاً عن شيء من ذلك. في بعض المساجد تجد مخالفات واضحة في أمورٍ كثيرة كرفع الصوت بالأحاديث الجانبية بين بعض المصلين ، وكعدم العناية بالملابس ونظافتها ، ومسابقة الإمام في الركوع والسجود ، وقطع صلاة المصلين ، والحديث في الجوالات بأصوات مرتفعة قبل الصلاة أو بعدها ، ولعب الأطفال في المسجد أثناء الصلاة ، ثم لا ترى للإمام دوراً في التوجيه والنصيحة وضبط المسجد ، وقد جسّد هذه المشكلة بعض كبار السن مصوراً سلبية إمام المسجد بقوله: إمامنا جزاه الله خيراً لا تسمع منه إلا كلمة «أقم الصلاة» والتكبير والقراءة في الصلوات ، وما عدا ذلك لا نجد منه إلا الصّمت. إمام المسجد شخصية مهمة في المجتمع ، ولا بد من أن يستشعر هو هذه الأهمية فيطور نفسه لإتقان عمله ، ولا بد من قيام وزارة الشؤون الإسلامية بدور فعّال مباشر في تقديم الدورات التدريبية التطبيقية لأئمة المساجد حتى يتحقق بهم الأمل ، ويكتمل بهم العمل. إشارة: إذا انتظمت صفوف في صلاةٍ رأيت خشوعهم خلف الإمام