ضاق صدر الرئيس بأربعة من مرؤوسيه، وأراد أن يتخلص منهم دفعة واحدة، أو حسب الحروف الأبجدية.. كان الرئيس - وربما معه الحق - غير راض عن أداء هؤلاء الأربعة في القطاع الذي يعملون فيه فهم يحضرون ولا يعملون، وإن عملوا قليلاً غابوا كثيراً، وتؤكد التقارير، والمعلومات التي تصل إليه إنهم كسالى، وخاملون, وجامدون ، ومزعجون, ويميلون إلى أكل الساندويتشات وشرب الشاي، وقراءة الجرائد أكثر من ميلهم للعمل، وهو يريد تسريحهم اليوم قبل الغد، لكنه لايجد وسيلة حيث نظام العمل لايسمح له بذلك، وتفتق ذهنه عن خطوة - جهنمية - فاستدعى الخبير القانوني، وعرض عليه إيجاد مخرج قانوني لتسيح هؤلاء الأربعة مقابل أن يدفع له من جيبه الخاص ألف وخمسمائة ريال على كل رأس، وهذا يكشف أن الرئيس ضاق صدره ورأسه بهؤلاء الموظفين للدرجة التي يدفع فيها للمستشار القانوني مبلغ ستة آلاف ريال إذا نجح في إيجاد مخرج قانوني للتسريح لا يحاسبه عليه مكتب العمل، ولا يعتبر فصلهم فصلاً تعسفياً إلا أن المستشار القانوني لم يوافق على هذه الخطوة الجهنمية، ولم يستسلم للعرض، وأبقى على رؤوس الموظفين الأربعة ..! وأعتقد أن على مكاتب العمل أن تضيف بنداً جديداً في مسألة فصل الموظفين من أعمالهم بأن تصدر قرارا بفصل الرئيس من عمله إذا ثبت أنه أقدم على فصل موظف بغير وجه قانوني، ولا تكتفي بإعادة الموظف إلى عمله، أو تعويضه ماليا ليرتدع " كل من تسول له نفسه فصل الأبرياء من وظائفهم وتسريحهم في الشوارع". وصحيح أن من فصل يفصل ولو بعد حين إلا أن اتخاذ قرار حاسم نحو الرؤساء المتعسفين الذين لا يعجبهم العجب سيتيح باب المقارنة بين رؤوس الرؤساء، ورؤوس المرؤوسين، وهل يستطيع مستشار قانوني تقدير ثمن رأس الرئيس مقارنة بثمن رأس المرؤوس الذي هو "ألف وخمسمائة ريال" .. أم أن الثمن سيرتفع ويتضاعف نظراً لأن رأس الرئيس يختلف بطيبعة الحال عن رأس المرؤوس ..؟ وإذا كان هناك "دوي" تُحدثه عمليات سقوط رؤوس الرؤساء فإن سقوط رؤوس المرؤوسين صار له "دوي" فتساوى في ذلك - رأس الرئيس, ورأس المرؤوس وإن كان ذلك لا يعني أن المعاناة لدى الأثنين واحدة بصرف النظر عن هذا "الدوي" في السقوط لأن رأس الرئيس حين تسقط فهي ترتطم بالأرض فيتحطم الجسد، وتتحطم النفس " حمانا الله وإياكم من سقوط الرؤوس سواء كانت تستحق، أولا تستحق"..!