تحتل الشعوب العربية منزلة متدنية بين أهل الأرض كلهم وكأنهم غير معنيين بكتاب اسمه القرآن كانت أولى كلماته تنزلا هي كلمة (إقرأ)، ولا برسول أوتي جوامع الكلم كان أحرص ما يكون على تعلم أصحابه القراءة والكتابة. هذا في حد ذاته حافز تصغر أمامه جميع الحوافز لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، لكن النفوس حين تنشغل بالقريب من متع الحياة كبيرها وحقيرها لا تبدي اهتماما بجهد تحتاج إلى بذله كي تتحرر من عبودية المتع كي تنطلق لتظفر بمشقة اليقظة البانية مجد الحياة وحياة المجد. كان من الممكن أن تقوم المدارس بهذا الأمر لو عرفت أنها وحدها من يعول عليها في بناء الشخصية التي تقرأ لتعطي مقابل كل حرف صحائف من ثقافة البناء والعمل والإنتاج بما يهب الإنسان قيمة يسمو بها هو ويسمو بها مجتمعه الذي ينتسب إليه. وكان من الممكن أن يسهم البيت إلى جانب المدرسة إن هي قامت بواجبها أو أن يعوض ما يمكن تعويضه من قصورها وإحجامها لكن البيوت شغلتها شواغل اللهو والتسوق والسهر في ما لا طائل منه حتى أتت تلك الشواغل على القليل من المعارف والعلوم التي تمر على عقول الطلبة كالماء على صخرة صماء. لم يبق إلا متطوعون يقيمون منتديات للقراءة في الأماكن العامة من أسواق ومهرجانات وغيرها مما يحبب القراءة ويجعل منها شأنا يوميا في حياة الناس صغارا وكبارا نساء ورجالا وتكون هناك جوائز تقديرية تسهم في رصدها النفوس الخيرة الغيورة على أمة الكتاب والقرآن، والمشفقة على أجيال لا تعرف لها وجهة ولا تضمن بين المتنافسين مكانا ذا قيمة. وكما نجح البعض في مسابقات مزايين إبل وماعز وقدود وخدود، وكما نجح آخرون في مسابقات أطباق كبيرة من المأكولات والحلويات فقد ينجح غيرهم في مسابقات قراءة كتاب أو قصة أو رواية أو مسرحية أو قصيدة تلامس وجدانا حيا ونفسا متألقة، وهنا يكون النجاح أوقع في النفس وأقرب إلى الفهم وأدعى للاعتزاز به.