إيفون ريدلي مراسلة صحافية بريطانية، ذهبت إلى باكستان على أمل أن يُسمح لها بدخول أفغانستان، أيام الهجمة الأمريكية الأولى عليها عام 2002م، بدعوى تحرير البلد، والإطاحة بطالبان، والقبض على أسامة بن لادن. المراسلة لم تحصل على تأشيرة لدخول أفغانستان، بالرغم من انتظارها عدة أيام، ومحاولتها أكثر من مرة. ولأنها تعشق عملها، وتؤمن بأن المهمّة الموكلة إليها واجب لا يمكن التفلّت منه تحت أي ظرف كان، فقد قررت -وهي البيضاء المتحررة- لبس الزي النسائي الأفغاني، الذي يغطيها من أخمص قدميها إلى آخر شعرة في رأسها، وركبت مع جملة الراكبات الأفغانيات حمارًا عبر بها الحدود إلى أفغانستان، ثم استقلّت سيارة إلى كابول لتظل فيها يومين أو ثلاثة تنقل الخبر خفية، وتكمل التحقيق المطلوب منها. أعود إلى إيفون التي حكت لقناة (فور شباب) قصتها الكاملة، ومنها جزئية عودتها مرة أخرى حتّى إذا اقتربت من الحدود الباكستانية عَثَرَ بها الحمارُ فسقطت، وانكشف أمرها، وألقى رجال طالبان القبض عليها. تقول إيفون: (أدركتُ أني ميتة على كل حال، فأردتُ أن أعجّل النهاية، فشتمتُ، وصحتُ ولعنتُ)، لكنّها فوجئت بردود فعل باردة، هادئة من سجّانيها. وذات يوم جاءها شيخ يحاورها، ويدعوها إلى الإسلام، فرفضت اتخاذ قرار عاجل هكذا، لكنها (وعدت) إن أُطلق سراحها أن تقرأ عن الإسلام قراءة الباحث عن الحقيقة بتجرّد، وموضوعية، وتأنٍّ. وأُطلق سراحها بعد أيام قليلة، وعادت إلى بريطانيا حاملة (الوعد) الذي قطعته، ملتزمة بالعهد الذي أعلنته. وقرأت ودرست على مدى 3 سنوات، ثم أعلنت إسلامها، وحسن أداؤها، والتزمت حجاب وجهها، وبدأت حملة -بل حملات- لكشف عوار حكومتها. وهي اليوم ناشطة قوية تعمل على وقف الحرب على الأبرياء في أفغانستان، وفي العراق، وغيرهما. وعندما سألها المذيع عن سبب تفرّغها وقتًا طويلاً لدراسة الإسلام، وفهم القرآن، قالت: (إنني من عائلة مسيحية تتمسّك بالوعود، ولا تنقض العهود، وقد وعدت فأوفيت، فهداني الله عز وجل إلى الإسلام). آه يا ليت قومي يعلمون.. أيّ بركة تظلّل الموفين بالعهود، والملتزمين بالعقود.