اليوم (30/سبتمبر/2009) تحتفل \"الوطن\" بعيد ميلادها العاشر، واليوم يبلغ (صباح الوطن) الثامنة من عمره تقريبا، فهو لم يغب عن قرائه سوى فترات متقطعة، ولظروف مختلفة، تصل في مجموعها نحو سنتين، ومع احتفال \"الوطن\" مع قرائها بهذه المناسبة الجميلة، تداعت في الذهن ذكريات صدور العدد الأول يوم (30/سبتمبر/2000) إذ كان يوم الميلاد ذاك يوما بهيجا، ومرعبا في ذات الوقت، كان خروج المولود من رحم المطبعة مبهجا، وكان التفكير في كيفية استقبال الجمهور له مرعبا، وقلت في المقال الأول: (أخيرا وصلنا، وأرجو ألا تقولوا-... وصلوا-، لقد اجتهدنا علم الله وتعبنا, ليس نحن الصحفيين فحسب, بل قبلنا تجرع مرارة التعب, وقسوة القلق رجال بذلوا كل ما يستطيعون, بل وفوق طاقتهم وعلى رأسهم خالد الفيصل بن عبدالعزيز هيؤوا لنا مناخ الركض وساحات التعب, وأشرعوا قلوبهم رايات أمل ورجاء يستظل تحتها اجتهادنا وطموحنا ونزقنا حتى أوصلونا إلى سدة محاكمكم التي نثق في عدالتها ونزاهتها. وإذا كان الحكم على \"الوطن\" بيدكم اليوم, فإننا لا نملك أن نقول سوى أننا اجتهدنا, وحرصنا أن نقدم ما نعتقد مواكبته لزمن الإنترنت وثورة الفضاء, وما نحسب أنه حري بالتأمل العميق قبل إصدار الحكم. وحين نقول اجتهدنا فنحن لا نتواضع, ولا ندعي أيضاً, فنحن نعلم أن الصحافة ثورة يومية لا تهدأ, والإعلام المكتوب في لهاث مستمر مع الزمن من أجل قارئه, ومع هذه الحقائق التي نعرفها ونتعامل معها لم نزعم في يوم ما أننا \"سنأتي بما لم يستطعه الأوائل\" فنحن نحترم تجارب الآخرين ومكانتها, ونحن نقدر جهود السابقين ودورهم, ونحن ندرك أننا نتاج التراكم الكمي للمعرفة في هذا الحقل المثير من حقول الإعلام, ولذا فما نحن إلا مجتهدون نحاول أن نقدم إضافة أو إضاءة أو سموها ما تشاؤون) انتهى. وكان ما كان، وأطلق القراء على صحيفتهم أوصافا مختلفة، وتجادلوا حولها، ومازالوا، فمنهم من عشقها، ومازال هائما بها علنا، ومنهم من مازال يداري هيامه بها، ومنهم من شتمها، ومازال شتمها هوايته المفضلة، ومنهم بين بين،لكنهم جميعا يقرؤونها، ويدعون إليها وإن دعا بعضهم عليها، حتى أصبحت عشر سنوات من المجد المهني في عمرها توازي نصف قرن من النجاح عند رصيفات سبقن في الصدور. اليوم تحتفل \"الوطن\" بما حققت، وسر نجاحها يكمن في أنها لا تزعم أنها حققت ما لم يستطعه الأوائل، بل تراجع مسيرتها بانتظام، وتعترف بأخطائها بشجاعة، وتعالج سلبياتها بمهارة، فهي مازالت مقيمة على إدراكها القديم (أن الصحافة ثورة يومية لا تهدأ، والإعلام المكتوب لهاث مستمر مع الزمن من أجل قارئه) أما الحكم عليها أو لها فمتروك لقرائها الذين مازالوا يسهرون جراها ويختصمون. كل يوم والوطن -المملكة، والصحيفة- في تألق ونجاح مبهرين، مغريين بالتأمل والإعجاب والنقد.