(شرق)- أصدر أحمد الحداد مفتي دبي خلال شهر فبراير الماضى ، فتوى تجيز للمرأة أن تصبح مفتية في جميع البلدان الإسلامية. وقال الدكتور الحداد :" توصلت بسؤال من رجل يسألني إذا كان يجوز للمرأة أن تصبح مفتيا، فأجبت نعم لأن لا شيء يمنعها من ذلك بحسب الدين الإسلامي". وبذلك تكسر هذه الفتوى عائقا جديداً كان مطروحا أمام المرأة المسلمة لتقلد جميع المناصب كالرجل ، إذ مازال احتراف المرأة المسلمة لبعض المهن مثل قاضية، مأذونة شرعية إمام، أو جندية يطرح مشكلة في بعض الدول الإسلامية ويلاقي بعض الاعتراضات. يبرر المعارضون لارتقاء المرأة إلى هذه المناصب أنها لن تكون "كامرأة" قادرة على امتهانها خاصة وأنها ستكون مصدر إغراء للرجال، في حال المرأة التي تأمّ بالرجال مثلا، بسبب انحنائها أمامهم لأداء الصلاة. ويبرر أحمد الحداد الفتوى الأخيرة التي أصدرها بمثل السيدة عائشة زوجة الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، التي "كانت هي وبعض الصحابيات قدمن فتاوى، إذ كان الإفتاء مرتبطا فقط بنسبة المعرفة الدينية للشخص الذي يفتي". وتعتبر ظاهرة الفتاوى إرثا من عهد الأمويين "661-750" والعباسيين "750-1258"، إذ أحس المسلمون بعد وفاة الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة بضرورة العودة إلى مبادئ الدين الإسلامي للبحث في قضايا يشكل فيها في الحياة اليومية، بغية تفادي الخروج عن الدين.وأصبح تدريجيا بعض المسلمون يلجؤون إلى رجال الدين أو أهل الحديث لإيجاد أجوبة. للنساء فقط وتذكرنا فتوى الدكتور أحمد الحداد بجدل أثير عام 2003 حول الموضوع ذاته، إذ طالبت الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر في مصر بتعيين امرأة مفتية للنساء فقط. ورغم أن طلبها لم يلقى آذانا صاغية، قالت الدكتورة سعاد صالح في حوار مع جريدة "الشرق الأوسط" :" نحن مستمرون في مطالبتنا بدور رسمي للمرأة في العمل الديني والدعوة الإسلامية، فالفقيهات أصبحن واقعا لا يمكن تجاهله أورفضه" ، ولم يتخذ إلى يومنا هذا قرار رسمي بهذا الخصوص في مصر". ولكن الدكتور أحمد الحداد تجاوز طلب الدكتورة سعاد صالح، فقد أجاز للمرأة الإفتاء للرجال والنساء لأن الدين الإسلامي لا يعارض ذلك بحسبه، بل يعتبر إن هذه الفتوى تهدف إلى "حث النساء على الجد والاجتهاد في طلب العلم، حتى يفدن المجتمعات بالعلم الشرعي لا سيما العنصر النسائي الذي يحتاج كثيرا للتبصير بأمور الدين". اتفاق آخرين معه ويشارك علماء آخرون رأي أحمد بن عبد العزيز الحداد كالدكتور عبد الله الطيار عالم سعودي وأستاذ دراسات إسلامية الذي يقول :" لا يشترط في المفتي الحرية والذكورية والنطق اتفاقا، فتصح فتاوى العبد والمرأة والأخرس ويفتى بالكتابة أو بالإشارة المفهمة". كما أكد مفتي مسجد باريس أن المفتي يشترط أن تكون له دراية بالناسخ والمنسوخ من القرآن وباللغة العربية والشعر العربي - لسان العرب كاملا- وكذلك معرفة بمصادر التشريع الإسلامي الأربعة أي السنة والقياس والإجماع والعرف ودراسة وافية للكتب ، مضيفا أنه لم يأتي في الإسلام أن المفتي يجب أن يكون رجلا. لكن الدكتور الحداد يعتبر أن المشكلة تكمن في قلة عدد النساء المسلمات المؤهلات لتولي منصب مفتي في العالم الإسلامي بأسره. وإلى يومنا هذا لا توجد في قطر إسلامي امرأة تحتل منصب مفتي رسمي للبلاد، لكن فتوى الدكتور الحداد قد تحيي النقاش حول هذا الموضوع ، ورغم الضجة التي أحدثتها بعض الفتاوى - من قبيل تلك التي تخص الحجاب أو الجهاد أو تلك التي تخص إجازة أو تحريم أحد أنواع الزواج في العالم الإسلامي- ، يؤكد الدكتور الحداد أن "رأي المفتي يبقى غير ملزم". إذ يرتبط حاليا تعيين امرأة مفتية في بعض الدول الإسلامية يرتبط بقرار سياسي. بمعنى آخر، وبالرغم من جرأة فتوى الدكتور الحداد، فإذا لم تلقى قبولا سياسيا فستبقى في طي النسيان.