إن الغرب عالم شتات في أشتات كثير المذاهب و الأديان و الحضارات , مضطرب في القيم و الأفكار و العادات , مختلف في التقاليد و المبادئ و الثقافات , يفتقد المحبة و الإخاء و طيب العلاقات , و لا يعرف القيم السامية , بل يعيش على الماديات ! عالم كون حضارة غربية لها بريقها الزائف الذي بهر عقول الكثير من شباب المسلمين و أسر قلوبهم اليوم , بما تصدره من تقنيات حديثة و علوم و مخترعات في عالم الفضائيات و الاتصالات و المواصلات , أو بما تصدره من ملابس مختلفة تخدش الحياء , و يستحيي منها المسلم الغيور , أو بما تنشره من مبادئ سيئة و تصرفات و حركات لا تليق بالمسلم , و تطور في كثير من المجالات , فكان خطرها على ذلك الشباب المسلم غير الواعي , غير المتحصن بعقيدته فتغلغل في هذه الحضارة , بسلبياتها و إيجابياتها , و استخدم سلبيات تلك الحضارة فيما يضره , و يضر الوطن, فسلبت هويته الإسلامية و أثرت عليه كثيرا , فبدلا من أن يستخدم منها المبادئ و القيم الفاضلة و الإيجابية التي لا تتعارض مع مبادئ الدين القويم , فالدين يحث على إخلاص النية و تصحيح المعتقد لله وحده , أخذ الشباب يقلد الغرب في سلوكهم و صفاتهم , و كثير من مجال الحياة كاللباس و المأكل و المشرب و غيرها إلا ما رحم الله , فأثر على هويته الإسلامية , و ذلك لضعف الوازع الديني , وقد حذر الرسول صلى الله عليه و سلم من الشبهات و اتباع الغرب, و تقليدهم فقال : ( لتتبعن سنن من كان من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) و لم يقف تدبير الأعداء و كيدهم عند ذلك الأمر , بل تجاوز ذلك إلى الغزو الفكري الذي يلوث العقول , و يحرف الشباب الإسلامي عن المنهج القويم بوساطة البث المباشر , و ما يصاحبه من إعلام سيئ في القنوات التلفازية أو الإذاعية أو الصحف و المجلات الكثيرة التي انتشرت بين المسلمين اليوم . فيا للأسف الشديد , و الخطب العظيم أننا نرى الشباب الإسلامي اليوم انبهر بالغرب و تقنياته وتقدمه وآلاته و مخترعاته الحديثة , وجعله أنموذجا له يحتذي به في هذه الحياة , و هو عالم بعيد كل البعد عن الله , و من المأساة أن ينسى هذا الشباب تاريخ الأمة الإسلامية المشرق و الأصيل و مجدها العظيم وأمجادها العريقة السابقة , وأجيالها المتعاقبة التي بزغ فيهم علماء من الآباء و الأجداد كانوا بلسما للقلوب و العقول , و نورا شع للسالكين في دياجير الجهل , و مصابيح أضاءت للتائهين في الدجى , قد خلفوا تراثا من العلوم و الكنوز و المعارف في شتى المجالات و الميادين , و لكن لم يكمله الأبناء من بعدهم , و لم يستفيدوا من تلك المعارف و العلوم النفيسة كثيرا , بل أخذها الغرب , و طوروها , و استفادوا منها كثيرا , فكانت لهم سبيلا إلى ميادين العلم و الحضارة .