1 يشتري السعودي من المطار، تذكرة الرحلة إلى دبي بثلاثة أضعاف قيمتها وهو الذي كان يستطيع أن يأخذها بمقدار الثلث لو أنه حجز قبل شهرين من تاريخ السفر. يدفعها مكعبة للطيران الأجنبي ولا يساوم أو يتأفف حتى وهو يدفع الريال الأخير. تشعر أن السعودي يبدأ احترام القانون حتى وهو في مطار مدينته، والفارق هو الاسم الأعجمي لشركة الطيران الناقلة. يشتري السعودي علبة الماء من صالة المطار لأنه يعلم أنها تباع بعشرة أضعافها على متن الطيران الاقتصادي. يقبل السعودي (فرقعة) عائلته على كراسي الطائرة الأجنبية لأنه يعلم أن حجز المقاعد مبكراً يكلف مبلغاً من المال فوق قيمة التذكرة. يقيس وزن حقيبته جيداً لأنه يعلم أن كل كيلوجرام زائد له ضريبته التي سيدفعها بلا حرف واحد من نقاش. يحترم السعودي حقوق المسافرين معه في جوف الطائرة الأجنبية حتى لتشعر أن مدة الرحلة الطويلة تذوب في الصمت وكأن الجميع في المقطع الأخير لصلاة نفل أو جنازة. يصفّ في الطابور كالمسمار أمام جوازات دبي ويركب سيارته المستأجرة وقد حفظ عن ظهر قلب علامات الإشارة مثلما حفظ تماماً ماذا يعني الخط الأبيض من الأصفر. 2 يذهب السعودي للمطار بعد اتصال جوال من أحد أفراد (البشكة) في (كشتة) إلى جدة. فجأة يقرر السفر، وبعد ساعة يبدأ وصلة الشتم لأن الناقل الوطني لم يجد له مقعداً إلا في الساعة التالية. يشتري من طرف الصالة بطاقة صعود (قصَّها) طالب بنصف القيمة وباعها له بمئة ريال فوق ما دفع. الطلاب تحولوا إلى تجار فزعة في وجه جديد للبزنس. يركض السعودي لشحن حقيبته وحولها كيس من (السويق) ومشعاب برأسين، هدية لأخته حتى (تحرك) العصيدة. يركض لاهثاً نحو صالة المغادرة بعد النداء الخامس، لأن الناقل الوطني يتعامل مع المسافرين وكأنهم بلا ساعات. يركب الطائرة مزمجراً لأنهم حشروه في آخر الطائرة وتعلن الإشارة في الجو فك الأحزمة وما زال ينادي المضيفة كي تغير له مقعده. تسمع في الطائرة مجلس أبو حمدان وأخبار الشعير والبلدان (طازجة) من المقعد العاشر بعد مقعدك. تخرج من الطائرة مثل الخارج من طاحون. تتحسس بضع كدمات على الأطراف من حقيبة شاردة أو رأس حذاء مسافر مستعجل.