تستضيف المملكة العربية السعودية اجتماعات تاريخية للمعارضة السورية بجميع فصائلها ومكوناتها في الرياض، على مدى يومين من الثامن وحتى العاشر من الشهر الحالي، بهدف الوصول إلى موقف موحد للمعارضة السورية وتشكيل مكون جديد باسم المعارضة السورية. وترمي هذه الجهود إلى المساهمة في التفاوض لتسلم السلطة في سوريا من أجل بدء مرحلة انتقالية اتفقت عليها جميع الدول المشاركة في اجتماع فيينا الأخير.
وأصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا قالت فيه: "انطلاقاً من دعم السعودية لحل الأزمة السورية سياسياً، واستناداً إلى البيان الصادر عن مؤتمر "فيينا 2" للمجموعة الدولية لدعم سوريا، المنعقد بتاريخ 14 نوفمبر 2015م، وما نص عليه من حشد أكبر شريحة من المعارضة السورية لتوحيد صفوفها، واختيار ممثليها في المفاوضات، وتحديد مواقفها التفاوضية؛ وذلك للبدء في العملية الانتقالية للسلطة وفق بيان "جنيف1" 2012م، واستجابة لطلب غالبية أعضاء مجموعة "فيينا2" من السعودية باستضافة مؤتمر للمعارضة السورية، إضافة إلى رغبة المعارضة السورية بمختلف شرائحها× فقد وجَّهت المملكة العربية السعودية الدعوة لشرائح المعارضة السورية المعتدلة كافة بمختلف فئاتها وتياراتها وأطيافها العرقية والمذهبية والسياسية داخل سوريا وخارجها؛ للمشاركة في اجتماع موسَّع للمعارضة السورية في العاصمة الرياض في الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر 2015م".
وقال المراقبون: "سيكون على السعودية وحلفائها العمل على تشكيل معارضة قوية وموحدة لتظهر للعالم بان الثورة السورية هي ثورة حقيقة ولديها معارضة قوية تستطيع تسلم السلطة وإدارة شؤون البلاد في عملية إنتقالية حقيقة سيتم الأتفاق عليها والبدء في إجرائاتها وبموافقة الدول المعنية".
وأضافوا: "منطقياً؛ ستتنقل السلطة إلى المعارضة السورية نظرا لكونها تشكل أغلبية ساحقة من الشعب السوري وسيشارك جزء من الحكومة الحالية السورية ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء في إدارة هذه الحكومة وفقا لبيان جنيف 1 الذي يدعو إلى مرحلة انتقالية ليس للاسد دور فيها , بخلاف بيان فيينا الذي تجاهل مصير الأسد على الأوراق لكن بالطبع لن يكون للاسد دور فيها ولايمكن تصور نجاح أي جهد دولي في مع بقاء الأسد أحد أكبر مجرمي الحرب في التاريخ الحديث , وهو ما أشارت إلية الخارجية السعودية في بيانها مستندة على جنيف 1".
واتفق دبلوماسيو 17 دولة، بينها إيران، في فيينا في أواسط الشهر الجاري على مبدأ تنظيم مرحلة انتقالية سياسية في سوريا في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات عامة في الأشهر ال 18 التالية، كما اتفق المشاركون على إعداد قائمة بمجموعات المعارضة السورية، التي يمكن أن تشارك في حوار بين الأطراف السورية.
وأضاف المراقبون: " مصير الأسد بات أمرا محسوما لدى كل الاطراف الدولية حيث لايمكن نجاح أي مرحلة انتقالية بوجود الأسد على الأقل هذا هو الموقف الأمريكي الداعي لهذه النظرية والتي تتفق كلا من السعودية وتركيا وقطر والمجموعة الأوربية بأن المرحلة الانتقالية لن يكون للأسد دور فيها".
وأردفوا: "روسيا لديها موقف مرن حول مصير الأسد و تحدثت في أكثر من مناسبة بأن موقفها من الأسد ليس مبدئيا في إشارة إلى مرونتها في بحث مصير الأسد, وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد شدد أثناء لقائه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش اجتماعات باريس للمناخ على أنه لا يمكن لأي مرحلة انتقالية بأن تنجح بوجود الأسد، وهو موقف يحظى بإجماع كبير باستثناء إيران التي ترى أن الأسد هو خط أحمر".
وقال المراقبون: "لقد كان موقف إيران من اجتماع المعارضة السوورية في الرياض لافتاً؛ حيث أعلنت عن رفضها لهذا الاجتماع وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن اجتماع معارضين سوريين في الرياض مخالف لبيان فيينا -2، وإيران لا توافق على أي أعمال خارج هذا البيان".
وأضاف عبد اللهيان: "لقد تقرر في فيينا أن يعمل مبعوث الأممالمتحدة في سوريا على إعداد قائمة بالمعارضين بعد إجراء مشاورات على نطاق واسع"، وزعم أن "السعودية لم تلعب دورا إيجابيا وبناء حول سوريا في السنوات الخمس الماضية".
وقال المراقبون: "الارتباك الأيراني كان واضحا منذ بداية اجتماعات فيينا حيث أعلنت عن عدم مشاركتها في اجتماعات ثم تراجعت وأعلنت عن مشاركتها بوفد صغير . ولكن ما سر هذا التوجس من اجتماعات فيينا والموقف الرافض لأجتمعات المعارضة السورية في الرياض".
وأضافوا: "إيران لأول مرة تجد نفسها وحيدة حول مصير الأسد خصوصا وأن روسيا التي كانت ترفض التحدث عن مصير الأسد باتت منفتحة على التفاوض على رحيل الأسد , وهو ما كشف عنه مسؤول إيراني إبان زيارة بوتين الأخيرة إلى طهران حيث أكد بأن الرئيس بوتين قد دعا الأسد أثناء زيارته إلى موسكو إلى حزم حقائبة استعداد للرحيل، وذلك بحسب موقع خبر انلاين الإيراني".
وأردف المراقبون: "تخشى إيران من ضياع جهودها في سوريا خصوصا أن روسيا باتت هي الطرف الوحيد الضامن لنجاح أي حل في سوريا حيث من المرجح ان يصدر قرار عن مجلس الأمن تحت البند السابع بخصوص المرحلة الانتقالية في سوريا من دون الأسد وهو مايعني رسميا ضياع الجهود الإيرانية في سوريا".
وتابعوا: "ستتذرع روسيا المنهكة اقتصاديا والتي لم تحقق أي نتائح من حملتها الجوية المكثفة في سوريا منذ أشهر بأن هناك إجماعا دوليا ومن الصعب ان تقف روسيا وحدها ضد هذا الإجماع الدولي الداعي إلى مرحلة انتقالية تضمن مصالح روسيا وهي المصالح التي تتباين فيها مع إيران, فموسكو تهتم ببقاء مفهوم الدولة وإعادة ترتيب الجيش السوري وتنظيمه بينما تدخل إيران في سوريا يستند على الأيدلوجيا الدينية والطائفية".
وكانت صحيفة الوول ستريت جورنال الأمريكية قد نقلت عن مسؤول أمريكي كبير أن الرئيس الروسي وعد الدول الداعمة للمعارضة السورية بأنه سيسعى إلى تحجيم دور إيران في سوريا، لكنه أكد أنه من المبكر أن تغير روسيا موقفها بشكل سريع في الأزمة السورية.
وقال ذلك المسؤول إن محاولات أمريكية وأوروبية وعربية جادة خلف الكواليس للعمل على تحييد روسيا عن الموقف من طهران.
ولفت المراقبون إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة في طهران بعد لقائه قائد الثورة الأيرانية علي خامنئي، عندما ذكر أن عمليات روسيا العسكرية في سوريا لن تستمر للأبد، وذلك في إشارة ضغط واضحة على طهران بان الحل العسكري لن يكون ناجحاً وأن الحل السياسي هو ما تفضله موسكو.
وقال المراقبون إن هناك تسريبات عن ان الحملة الجوية الروسية من المقرر لها ان تنتهي في يناير.
وقال القائد العام للحرسِ الثوريِ الإيرانيِ محمد علي جعفري: "هناك خلافات كبيرة بين طهرانوموسكو حول بشار الأسد وروسيا ليست سعيدة بوجود حزب الله، وإن جارتنا روسيا تساعدُ ايضاً في سوريا ، ولكنّها غير سعيدة بحزبِ الله ، ولكن على أي حال فإنها تقدم المساعدات على اساس المصالحِ المشتركة ، ولكن ليس مِن الواضحِ انّ مواقفَ روسيا تتطابق مع ايران بشأنِ بشار الأسد".
وكانت تقارير استخبارتية أمريكية قد كشفت عن تزايد شكاوى وحدات الحرس الثوري الايراني من تجاهل الطيران الروسي لطلب هذه الوحدات قصف مواقع المعارضة المسلحة أثناء الاشتباكات معها.
وقال مراقبون: "هذا الوضع يظهر ان روسيا لاتريد نصرا قويا للميلشيات الأيرانية على الأرض يحسب لإيران , بينما لجأت طهران إلى الكشف عن أعداد قتلها في سوريا ردا على هذه التصرفات الروسية لتقول لموسكو تضحياتنا اكبر في سوريا من دوركم".
وأضافوا: "هذه النظرة أيدتها "واشنطن بوست" في تقريرها بالقول "بدأت وسائل الإعلام الإيرانية تنشر بشكل شبه يومي خبر مقتل مقاتلين إيرانيين في سوريا، فيما بات يمثل وجها آخر أكثر وضوحا للتدخل العسكري المباشر من قبل إيران في سوريا".
وتقول "الواشنطن بوست" إن الإعلام الإيراني ينقل تفاصيل وفاة الجنود الإيرانيين في سوريا كما ينقل صورا من تشييع الجنازات، بل الأكثر من ذلك صور حضور قادة إيرانيين لمراسم التشييع، ومنذ أكتوبرتشرين الأول الماضي قتل 67 إيرانياً في سوريا".
وقال الخبير في الشؤون الإيرانية بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، علي أفنوني: "وسائل الإعلام، قبل بضعة أشهر فقط، كانت قليلاً ما تتطرق إلى التدخل العسكري الإيرانيبسوريا؛ إلا أنه وتحديدا بعد التدخل العسكري الروسي، بات الإعلام الإيراني ينشر تفاصيل مقتل الجنود الإيرانيين هناك".
وأضاف: "هم يريدون أن يقولوا إنهم موجودون قبل الروس و أنهم باتوا فخورين بهذا التدخل ويريدون أن يظهروه" .
وقالت "وول ستريت جورنال الامريكية" نقلاً عن مسؤول امريكي كبير: "طهران بدأت بسحب وحدات من الحرس الثوري من سوريا بسبب ارتفاع تساقط الضباط الكبار في سوريا وبسبب الضغط على موارد الدولة في إيران".
وأضاف ذلك المسؤول الأمريكي: "واشنطن ترى توترا متزايدا بين موسكووطهران بخصوص مستقبل سوريا".
وقال المراقبون: "الأزمة السورية وتجاهلها من قبل الإدارة الأمريكية جعلتها أكثر تعقيدا وربما ادركت واشنطن مؤخرا أن عدم وجود حل للأزمة السورية هو امر بالغ الخطوورة وبان واشنطن بدات تتموضوع في موقع جديد من الأزمة السورية".
وأضافوا: "لأول مرة؛ أطلق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تهديدات جدية لروسياوإيران يوم السبت 5 ديسمبر قال فيها إن واشنطن ستكون مضطرة لاتخاذ اجراءات "قاسية" في حال مواصلة موسكووطهران في دعمهما للرئيس السوري بشار الأسد".
وفي كلمة ألقاها في المنتدى الأمريكي الإسرائيلي في واشنطن قال "كيري": "إذا شكلت روسياوإيران كتلة وسمحتا ل الرئيس بشار الأسد بإفشال العملية السياسية وإذا لم يحدث هناك انتقال سياسي في سوريا، فسنكون مقيدين في خياراتنا وسنضطر إلى اتخاذ عدد من القرارات القاسية".
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي عن اعتقاده بأن واشنطن لا يمكن أن تقبل استمرار الوضع الراهن في سوريا، لأنه "يمثل تهديدا لأمن الولاياتالمتحدة ولكل دولة أوروبية" وتابع كيري: "بالنسبة لأوروبا ليس هو تهديد بسبب ما حصل في باريس أو في أي مكان آخر إنما هو تهديد لأن هذه الهجرة (من دول الشرق الأوسط) قد تغير السياسة الأوروبية إلى الأبد".
وبحسب مراقبين أمريكيين فإن الموقف الروسي وإيران و تداعيات إسقاط تركيا للطائرة الروسية بخلاف تعقيدات تكوين جبهة موحدة للمعارضة السوريا كلها عقبات في طريق التوصل إلى حل نهائي للأزمة السورية وسيكون إجتماع المعارضة السورية في الرياض مهماً للغاية إن لم يكن حاسما لحلفاء الثورة السورية والذي ينبغي ان يكون فيه أفراد المعارضة السورية على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم فالكرة الأن باتت في ملعب السعودية وحلفائها لتحقيق تطلعات الشعب السوري الجريح.