جدّد المؤتمر الدولي للتعليم العالي، توقعاته بحدوث تغيير جذري في نمط الجامعات؛ كاستجابة للمتغيرات التقنية والمعرفية الحديثة، والبُعد عن النموذج الجامعي التقليدي؛ مما يتطلب مسارات جديدة في التفكير في المناهج الجامعية، وكيفية التدريس، وتطوير استراتيجيات البحث، والمشاركة في المسؤولية الاجتماعية. جاء هذا في سياق البيان الختامي للمؤتمر، والذي ألقاه الدكتور سالم بن محمد المالك المستشار والمشرف العام على الإدارة العامة للتعاون الدولي بوزارة التعليم، مساء أمس الخميس.
وأكد البيان أن التعليم العالي ركيزة أساسية للحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يجعل الجامعات محلّ تركيز التوقعات الكبيرة المتزايدة؛ مُطالباً أستاذ جامعة القرن الحادي والعشرين أن يوجّه الطلاب لتطوير القدرة الكفيلة بتطبيق المعرفة، بجدارة تتماشى مع أحوال الواقع المتغيرة في حياتهم الشخصية والمهنية.
وقال البيان: "يحتاج الطلاب، لكي ينجحوا في حياتهم الوظيفية، الحصول على مهارات تتجاوز إطار المعرفة المهنية؛ مثل: القدرة على التكيف، والمرونة، والإبداع، والابتكار، ومهارات التعاون، والتحلي بالأخلاق القويمة والرؤية الشاملة".
ولفت البيان إلى وجود حاجة ماسّة لآليات جديدة لتقييم أداء هيئة التدريس ومكافأتهم؛ بقوله: "هناك توزيع غير عادل للعلماء المؤهلين في العالم؛ مما يترك الدول أمام أمرين.. إما أن تُنافس للحصول على المواهب العالمية، أو تُخاطر بخسارة مواهبها وقدراتها الوطنية".
وفيما يتعلق بمعالجة حاجات المجتمع، شدد البيان على دور الجامعات بوصفها مصادر لإنتاج الجديد من المعرفة، والابتكار، وصناع المستقبل، ومواطني المجتمعات الحديثة.
وأضاف البيان: "لمعالجة هذه التوقعات المتعددة، تحتاج الجامعات لإقامة روابط وثيقة مع العالم خارج إطار الحرم الجامعي على مستوى الحكومة، والصناعة، والمجتمع المدني".
هذا وقد دعا البيان الجامعات إلى أن تُطَوّر مناهج وهياكل دراسية لإعداد الطلاب للتصدي للحاجات المجتمعية في المستقبل؛ حيث إن جميع الأمم تُجَابِهُ تحديات جمة متعلقة بالبيئة، واستخدام الموارد، والصحة العامة وأمور أخرى. كما يتعين على الطلاب تطوير مكانتهم في عالم مترامي الأطراف.
وشدّد البيان على ضرورة أن تتبنى الجامعات التدويل كعنصر أساسي في استراتيجياتها المؤسسية، وأن تؤكد قيام طلابها وهيئات تدريسها بتطوير كفاءات تستقي من معين مختلف الثقافات، وأن تغتنم كثيراً من الفرص المتاحة للتعاون مع الجامعات الأخرى في جميع أرجاء العالم لمعالجة التحديات العالمية الأساسية.
وانتقد بيان المؤتمر ما وصفه ب"الطابع التجاري"، الذي أضفته العولمة على التعليم العالي وعلى التنافسية بين الجامعات؛ مما أضر بالأخلاقيات العامة في الجامعات؛ مما أدى أيضاً إلى ظهور بعض التساؤلات فيما يتعلق بجودة خدمات التعليم العالي، وهي مسألة بحاجة لمعالجة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وأثار البيان عدة أسئلة؛ منها: ما هو مستقبل الجامعات التي ترفض إجراء التغيير اللازم؟ هل يمكن للجامعة أن تبحث عن طرائق تُمَكّنها من تقييم العلماء الذين يتميزون في التدريس بنفس القدر الذي تقيّم فيه أولئك الذين يتميزون في إجراء البحث؟ ما هو التوازن اللازم بين الفصول الدراسية والتعلم عبر الشبكة العنكبوتية والتعليم الإلكتروني في نهاية العقد القادم؟
واختتم البيان بالقول: "الإجابات عن هذه الأسئلة تحملها طيّات المستقبل، والأمر متروك لصانعي السياسات وقيادة الجامعات لكي تُقَرّر مدى استعدادها لتشكيل هذه النتائج. إن الجامعة بمفهومها التقليدي ستتغير وعلينا مسابقة الزمن لاستشراف المستقبل، وأن تهبّ رياح التغيير لجامعة القرن الحادي والعشرين لتُنعش مستقبل التعليم".