في موقف صعب حضرت فيه الشجاعة والنخوة من الشاب فلاح غالب السبيعي -أحد منسوبي الحرس الوطني بالرياض- بموقفه الإنساني، الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إنقاذه لعائلة سعودية حاصرتها النيران في شقتها المستأجرة ب"خميس مشيط" في يوم عرفة من شهر ذي الحجة الجاري. وقصّ الشاب على "سبق" كيف تم كسر أبواب الشقة بمساعدة موظف الشقق، واقتحامه للنيران لإنقاذ العائلة ثم الطفل "محمد"، وقال السبيعي: "في صباح يوم عرفة وأنا مع عائلتي نقضي إجازة عيد الأضحى المبارك ونسكن في شقق مفروشة في خميس مشيط، أثار سمعي أصوات تتعالى ونداء رجل يطلب النجدة والمساعدة ممن حوله؛ وذلك بسبب حريق نشب في شقته".
وأضاف: "بعد خروجي من شقتي، إذا بموظف الشقق يقابلني، وسألته: ما الذي يحصل؟ فقال لي: حريق بشقة في الدور الأعلى.. وعلى الفور أخرجت أهلي ومَن يسكنون في الشقق المجاورة لي في نفس الدور والدور الأسفل".
وتابع: "صعدت للشقة المحترقة، ووجدت موظف الشقق يحمل مطرقة من حديد حاولنا استخدامها لكسر باب الشقة؛ لكن دون جدوى؛ فقمت حينها بإرسال أخي ليجلب لنا قطعة من الحديد موجودة في سيارتي وكانت بالفعل -بعد الله- سبباً في فتح الباب الرئيسي للشقة.. ولكن بعد دخولنا لم نجد أحداً أمامنا، وتَبَيّن أنهم في غرفة النوم والباب مغلق أيضاً بالمفتاح، والنيران تحول بينهم وبين الباب؛ فقمنا أيضاً بكسر الباب الثاني بسرعة، وأخرجنا أفراد العائلة الذين كانت أصواتهم تتعالى بالبكاء في الداخل، والنار تقترب منهم، والدخان يغطي المكان عليهم؛ لكنهم خرجوا بفضل الله أحياء".
وأشار وهو يصف أصعب موقف في عملية إنقاذه للعائلة: "بعد تفقّد الأسرة من قِبَل الأم اكتشفت أن أحد أبنائها -واسمه "محمد"- غير موجود بينهم؛ لتدخل في نوبة بكاء شديدة، وبعدها أخذت شماغ أحد المتفرجين في استراحة الدرج، ودخلت الشقة، ومع دخولي أخذ مَن خارجها ينادونني ويضربون الباب بقوة وهم يرددون: (اخرج اخرج، النار كبرت والدخان ازداد)؛ ولكن بسبب الموقف لم أستطع الرد عليهم، وبقيت أبحث عن الطفل وسط النار والدخان يغطي الشقة؛ إلا أن شعاع الشمس هو من ساعدني داخلها؛ ولكن لم أجد الطفل، وخرجت، وأبلغت الأم بأن لا أحد موجود في الشقة".
وأردف: "مع بكاء الأم وما رأيته من موقف مؤثر، قررت دخول الشقة مرة ثانية؛ ولكن اعتبرته دخول المودّع لهذه الدنيا، بعد ما انتشرت النيران والدخان في محيط الشقة، وكنت أدعو الله من قلبي أن أتمكن من العثور على طفلها وهو حي؛ لكي أنال أجرها وأجر العائلة كاملة، وما إن أصبحت أبحث وأتحسس بيدي في أركان أحد الغرف؛ حتى وصلت السرير، ونظرت خلفه؛ فإذا بالطفل البالغ 4 سنوات تقريباً ملقى على ظهره ويصارع الدخان الأسود، وهو في أنفاسه الأخير، وفيه نوع من التشنج".
وأكمل: "أخذت الطفل بسرعة وتوجهت به إلى خارج الشقة، وعند خروجي؛ إذا بالأم هي من يستقبلني لتأخذ ابنها مني وهي تبكي وتضمه إلى قلبها، وتحمد ربها على خروجه، ومع هذا وصلت فِرَق الدفاع المدني، وأخذوا المصابين بسيارة الإسعاف، وتوجهوا إلى المستشفى بالعائلة كاملة".
وختم "السبيعي" حديثه بالقول: "امتزج شعور الفرح بإنقاذ العائلة والطفل بضيق التنفس وبعض الحروق البسيطة بيدي؛ فقام حينها شقيقي برشي بالماء، وبعدها اتصلت -ليلة العيد- بالدفاع المدني؛ لأني لم أعرف إلى أي مستشفى نُقلت تلك العائلة، وسألت عنهم، وأبلغوني بأنهم في صحة جيدة ولم يُفقد منهم أحد؛ فتقدمت إلى الله سبحانه بالشكر والثناء بأن أكرمني وألهمني سبحانه بإنقاذهم".