بينما كان ملايين الحجاج يقفون على صعيد عرفة، يرجون من الله العفو والمغفرة، وإنقاذهم من نار جهنم، كان المواطن فلاح السبيعي، أحد أبناء الحرس الوطني بالرياض، يقتحم النيران، مضحّيا بروحه من أجل إنقاذ عائلة كاملة التهمت النار شقتهم في خميس مشيط. في صباح ذلك اليوم – وكان السبيعي سيتوجه فيه لزيارة أقاربه في الخميس – وبعد دقائق معدودة من شروق الشمس، استيقظ الرجل على أصوات صراخ وعويل، وما إن أسرع متجها يتابع الموقف من نافذة شقته، حتى شاهد إحدى الشقق تحترق ويطل عائل الأسرة طالبا النجدة، فيما اصطف عشرات المتابعين يطلبون الفزعة. «عندها، لم أجد نفسي إلا وأنا على الدرج مسرعا نحو الشقة المحترقة»، يقول «السبيعي». ويواصل حديثه : «عند صعودي، وجدت عددا من المتجمهرين، ولم يكن بأيديهم أي حل للدخول إلى الشقة المغلق بابها بإحكام، فرجعت مسرعا إلى سيارتي، وأخذت حديدة، وبها كسرت الباب الرئيس، ومنه دلفت إلى الداخل، لإخراج أفراد العائلة وإنقاذهم من الدخان الخانق». أقاطعه.. وأين كان رجال الدفاع المدني؟ فيجيبني: «لم أكن أفكر في دفاع مدني ولا شيء، سوى إنقاذ هذه العائلة من النيران ولهبها، لم أكن أشعر بأي شيء حولي». وكيف أنقذتهم؟ «بفضل من الله، ثم بالإصرار والإرادة تمكنت من إنقاذهم قبل مجيء الدفاع المدني والنجدة والإسعاف، فكانت خطواتي إلى الشقة أسرع من سيارات الإنقاذ». ويتابع السبيعي فخورا بما صنعه من عمل بطولي: «فتحت الباب وواجهت ألسنة اللهب، والدخان الكثيف، وكانت فرحتي لا توصَف وأنا أخرج الأب والزوجه وثلاثة من الأبناء، وسط دهشة المتجمهرين، الذين فوجئوا بخروج الأسرة في هذا الوقت القصير ومن دون أي مساعدة أو تدخل من أي جهاز رسمي». وفقاً ل«الوئام» . ويمضي ابن الحرس الوطني قائلا: «وما كدت ألتقط أنفاسي، حتى سمعت الأم تصرخ طالبة إنقاذ آخر أبنائها، وإلى الداخل عدت، مُجدِّدا اقتحام النيران، وأنقذت الطفل محمد البالغ من العمر أربع سنوات». ويتابع السبيعي مبتسما: «وبعد خروجنا جميعا سالمين، وصلت فرق الدفاع المدني وفرق الإسعاف إلى الموقع! ونُقِلَت الأسرة إلى المستشفى لتلقي العلاج». ولم يكتف السبيعى بما فعله، وإنما ظل يتواصل مع الدفاع المدني والمستشفى يطمئن على الأسرة التي كتب الله لها عمرا جديدا على يديه.