طالب الشيخ عوض القرني، المفكر الإسلامي المعروف، بالإسراع في نجدة إخوتنا في سوريا، وقال إن الذي يحصل في سوريا من جرمٍ بشعٍ لو كان على الحيوانات لأثمنا على تقصيرنا، فما بالنا بأناسٍ يُقتلون هم إخواننا. وقال القرني إن إخوتنا في سوريا يعضهم الجوع، وإنهم بلا مأوى ولا طعام ولا كساء في ظل هذه الظروف المناخية القاسية، وإنهم أكلوا القطط والكلاب والحمير بما رأينا في مقاطع الفيديو، ولكن الأمر ذهب ببعضهم إلى أكل جثث الموتى.
ثم تساءل القرني: هل نحن من أبناء أولئك الرجال الذين عندما استغاثتهم امرأة بعد أن مسّها رجلٌ وضربها فانتفض لها الخليفة الذي يحكم ما يقارب أربعين دولة الآن؟! مضيفاً أن الوضع داخل سوريا هو الأشد مأساة لأن الكلفة أغلى مع انعدام الأمن, ثم نحن قد ابتلانا الله بمالنا ليرى ماذا نفعل به؟ الشعب السوري قدّم تضحيات عظيمة فيجب أن نقف معه ونسهم بكل ما نستطيع.. وأمريكا لا ترضى بعملٍ مسلحٍ ولا ترضى بعملٍ تطوعي, ولا ترضى بأيِّ شيءٍ منا، يجب أن ندحض أمريكا بعد غدرها بنا ونتحرّك دونها وننصر إخواننا.
جاء ذلك في برنامج "حراك" الذي يقدّمه الإعلامي عبد العزيز قاسم، وكان ضيفه الدكتور الشيخ عوض القرني في حلقة بعنوان (الصقيع يزيد مأساة سوريا)، وتداخل هاتفياً الدكتور إبراهيم الدويش، والشيخ عدنان العرعور، والإعلامي من الداخل السوري عمار أبو شاهين، ورقية علوش الناشطة الإغاثية من داخل لبنان.
وأضاف القرني: نشكو إلى الله ضعفنا وهواننا وخذلاننا لأهلنا في الشام ومن قبلهم في العراق وفلسطين "وما لجرح بميت إيلام"، والله لأنني أتمنى الموت مما يأتيني من اتصالاتٍ تشرح ما يحدث هناك وتطلب الغوث والعون.
وذكر أن القتلى بمئات الآلاف والمشرّدين بالملايين وهم على مرمى حجرٍ منا, وهي بوابة الشام وأرض الملاحم والفتوحات, ونحن نتقلب في النعيم وفي المآكل والمشارب ونتجوّل في فنادق العالم وإخواننا عراة من الجوع والفقر ويلتحفون الصقيع.
وتعجّب القرني من الساسة الذين يتخوّفون من إغاثة الأطفال والنساء ولم يخافوا من عدونا الأكبر إسرائيل وإيران, أمامنا عشرات الجمعيات الخيرية في دول الخليج، وتعمل تحت ضوء الشمس وتحت رقابة الحكومة, فلماذا لا يسمح في السعودية بمثل هذا؟
الجمعيات الخيرية في إسرائيل على صغر مساحتها وقلة سكانها إلا أنها أكثر من الجمعيات الخيرية في الدول العربية جمعاء, وحتى الموجودة عندنا خُنقت ولم تسلم منهم. كما قال يجب ألا تتوقف التبرعات الخيرية, والشعوب لا ترضى بما يحصل في الشام, وأتحسر أن بلغ بنا الضعف أن أصبحنا نتحدث عن الجوانب الإنسانية فقط.
وحذّر القرني أن ما يحصل في سوريا هو مخطط أمريكي لحرق السُّنَّة وتصفيتها والمجاهدين وجعلهم يتقاتلون مع الشيعة ويأكل بعضهم بعضاً, وهذا ما ذكره الخميس الماضي مسؤول أمريكي على قناة "الجزيرة".
وأضاف "أستغرب من الذي يذهب من الشيعة من لبنان وإيران ويقاتل في سوريا ويُقتل يُعتبر شهيداً ويُصرف لأهله رواتبه, بينما عندنا تمنع حتى التبرعات. ومن يتتبع السياسة الإيرانية التي ظلت تقول (لا, لا, لا) لأمريكا حتى أُستجيب لمطالبها, بينما نحن ما زلنا خائفين".
وأضاف: منذ 11 سبتمبر ونحن نعيش مآسي في تضييق العمل الخيري.. أمّا الجمعيات الشيعية فتعمل بكل أريحيةٍ ولم تصنف من ضمن قائمة الإرهاب.
ثم تداخل الدكتور إبراهيم الدويش، وقال إن "بعبع القاعدة والإرهاب أرهقنا كثيراً, نحن أمام مئات من الناس يموتون بسبب البرد والجوع ونقص العلاج, والبعض يتحدث ويقول قد تذهب هذه الأموال للقاعدة, كيف ننقذ هؤلاء الناس؟ ضعوا كل الضوابط وراقبوها, لكن لا نترك إغاثتهم ونتفرج عليهم بهذه الطريقة". ثم قال: لماذا لا تكون هناك مبادرة عربية لكل أسرة قادرة أن تتكفّل بأسرة سورية؟
كما تساءل الدويش "لماذا لا توجد لدينا إدارة للأزمات على مستوى الحكومات والشعوب؟ هل الشتاء جاء فجأة؟! لماذا لا نؤمّن لهم ما يحتاجون إليه للبرد قبل حلول الشتاء عليهم؟ أين رجال الأعمال؟".
كذلك تداخل هاتفياً الشيخ عدنان العرعور، وقال: إننا ماضون في طريق النصر, واليأس يجب ألا يدخل قلوبنا "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
وأضاف: إننا في محنةٍ وابتلاء, وهذا ليس خاصاً بالشعب السوري وإنما على كل المسلمين.. ثم أكّد أن "هذه الأزمة يحلها اثنان أو ثلاثة من أغنياء المسلمين عبر مؤسسات منظمة وفعالة, فقط يخرجون زكاواتهم وليس صدقاتهم".
ثم قال: الآن نسعى لتأمين خيام للاجئين تكلفة الواحدة منها ألف دولار, فيها عزل وطاقة شمسية تغنينا عن الديزل أو الحطب, فتكلفة الخيمة للعائلة الواحدة بخمسة آلاف ريال إذا ما أضفنا تكلفة تأثيثها, وهذا مريح جداً وهو ما يُعمل به الآن في تركيا.
كما أكد أن أخطر الأوضاع المأساوية هو موجود الآن في سوريا التي لا تصلها المساعدات فهم محاصرون من قِبل قوات النظام, وحذّر من هيئات الإغاثة الدولية التي تعمل تحت مظلة الأممالمتحدة، فهي تعطي مساعداتها للنظام السوري وهو يوزّعها على النصيرين ولا تصل لباقي الشعب السوري.
وتساءلت رقية علوش: كيف سنجيب ربنا عندما يسألنا عن الطفل الذي تجمّد, وغيره كثير؟
كما حظيت الحلقة بمشاركةٍ من الإعلامي السوري عمار أبو شاهين، وقال: مئات الأطفال تعرّضوا لأمراضٍ من جرّاء البرد وعشرات الأطفال ماتوا من شدة البرد.. وقال: أفتخر بما قدّمه أجدادنا أبو بكر وعمر وباقي الصحابة لكن بماذا يفتخر أحفادنا .. ماذا قدّمنا؟ أين النخوة والعروبة, أين الشهامة؟ أين حتى أبو جهل, لو كان بيننا لحرّكته على الأقل عروبته وشهامته.
برنامج فضائي تقاضى ثلاثة مليارات من رسائل sms على برنامج تافه خليع ونحن شعبنا يقتله البرد ويشرّده الخوف ويهلكه المرض.
وأضاف المخيمات في حاجةٍ إلى حليب الأطفال والحفائظ والتدفئة والعلاج.. جرّاحون أوروبيون أتوا إلى سوريا, لكن أين الجرّاحون المسلمون؟!
وفي ختام الحلقة أشاد القرني ببعض الجهود الشبابية كحملة (برداً وسلاماً التطوعية) التي أطلقتها منظمة فور شباب للخدمات الإنسانية لخدمة اللاجئين السوريين في البلدان العربية.