اليوم يكون قد مر على سقوط بغداد 13 عاما، ذلك اليوم الذي ودعت فيه العراق حقبة البعث لتدخل في غياهب المجهول وحتى الآن. ويعتقد مراقبون سياسيون أن سقوط بغداد جاء في إطار خطة ممنهجة لإحداث تغيير جذري في خريطة الشرق الأوسط، خصوصا بعدما تفجرت في العام 2010 أحداث ما سمي بالربيع العربي التي أدت إلى تغيير بعض الأنظمة العربية. عاش العراق في حقبة نظام صدام حسين حياة عنوانها الحروب وعسكرة المجتمع والعوز والحصار والهجرة وسط خوف كبير من بطش السلطة، كما تسببت الحروب في إنهاك العراق بشريا وماديا، لكن التغيير الذي حصل بعد عام 2003 لم يجلب للعراقيين ما كانوا يحلمون به. فتحت حكم صدام رئيسا خاض العراق ثلاث حروب، منها ثماني سنوات مع جارته إيران وأخرى مع الولاياتالمتحدة وحلفائها بعد غزوه للكويت. عانى العراقيون بعدها أشد معاناة بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأممالمتحدة واستمر 13 عاما. أما الحرب الثالثة فهي حرب عام 2003 التي شنتها الولاياتالمتحدة بحجة «امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل»، التي بدأت في مارس واستمرت ستة أسابيع، لتنتهي بدخول الدبابات الأمريكية إلى قلب بغداد. كان إسقاط تمثال صدام من ساحة الفردوس في بغداد، بمثابة تأكيد على انهيار نظام حزب البعث العراقي الذي حكم العراق منذ انقلاب عام 1963، وتمكنت إحدى الدبابات الأمريكية من اقتلاع التمثال البرونزي، وتم بث هذا المشهد على الهواء إلى جميع أنحاء العالم، بينما اعتبر المراقبون هذه اللقطة رمزا لانتصار قوات الغزو. شهدت السنوات التالية للغزو، انقسام العراق طائفيا، وبالنتيجة حصلت طائفة الشيعة على معظم الوزارات السيادية إلى جانب رئاسة الحكومة، بينما حصل الأكراد على الحكم الذاتي بصلاحيات. ولم يكد العراقيون يتنفسون الصعداء بعد انتهاء الحصار الذي أثقل كاهلهم وتسبب بهجرة مئات الآلاف إلى دول الجوار ودول غربية طلبا لحياة أفضل، حتى بدأت أعمال القتل الطائفي والعنف الممنهج تبرز على الساحة. فوصلت أعمال العنف الطائفي أوجها في عامي 2006 و2007 قبل أن تنحسر في عام 2009، إلا أن اندلاع الأزمة في سورية المجاورة وتحول المظاهرات في بعض المدن السورية إلى عنف طائفي كان له أثر كبير في عودة شبح الطائفية إلى أرض الرافدين. ولا يزال الواقع دون مستوى طموح العراقيين، رغم انسحاب آخر جندي أمريكي من العراق في نهاية عام 2011، بسبب تصاعد العنف ودخول البلاد في حرب ممتدة مع الإرهاب.