نال الحوثيون شهرة واسعة في هذه الأيام خاصة بعد انطلاق عاصفة الحزم بسبب انقلابهم ضد الشرعية في اليمن، إلا أنه مع ذلك، برغم تلك الشهرة نجد أغلب الناس لا يعرفون عن الحوثيين سوى القليل جدا. فمن هم الحوثيون؟ وما هي أفكارهم؟ وما أهدافهم؟ ولم انقلبوا على الشرعية في اليمن؟ وغير ذلك من المعلومات الغامضة التي يجهلها الناس عنهم. في كتاب (الحوثيون: سلاح الطائفة وولاءات السياسة) الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، تجد ما يكشف شيئا من ذلك الغموض والابهام المحيط بالحركة الحوثية، خاصة ما يتعلق بمعرفة جذور تلك الحركة وانتماءاتها الأصلية، وطبيعة العلاقة التي تربط الحوثيين الزيدية، بإيران الإمامية والفكر الشيعي الإمامي عامة. مقالات الكتاب جميعها من إعداد مجموعة من الباحثين اليمنيين المختصين في الشأن اليمني. يلخص الكتاب تاريخ الحوثيين في اليمن، مشيرا إلى أن نشاطهم السياسي بدأ في الظهور قبل أكثر من عقدين تقريبا، عندما أسس جماعة من الشباب منتدى أسموه (منتدى الشباب المؤمن) وكان هدفه إحياء الفكر الزيدي مع التجديد فيه، لكن حسين بدر الدين الحوثي ما لبث أن تولى قيادة المنتدى وعمل على تحويله إلى تنظيم، ثم نشط من خلال ذلك في نشر أفكاره السياسية. وتدريجيا أخذت أقدام التنظيم تتوغل في النشاط السياسي ثم العسكري، حيث بدأ الصراع العسكري بين التنظيم الحوثي والحكومة اليمنية عام 2003. يستعرض الكتاب بعض الأدلة التي تبرهن على علاقة الحوثيين بإيران، من خلال رصد عدد من الملاحظات التي يستدل بها على الانتماء الحوثي إلى الدولة الإيرانية، مثل بروز بعض مفردات الفكر الشيعي الإمامي في فكر وممارسات الحوثيين، ورفع الحوثيين لصور الخميني ونصر الله والسيستاني، وترديد شعارات حزب الله وشيعة العراق وإيران، ونشرهم كتب رموز الاثني عشرية، والجهر بسب الصحابة، على الرغم من حساسية هذا الموضوع في اليمن، فضلا عن امتلاك الحوثيين لأموال كثيرة، مع أن محافظة صعدة التي كانت مقرهم الرئيسي، تعد من أفقر محافظات اليمن، إضافة إلى موقف الإعلام الإيراني الداعم للحوثيين. الكتاب يمثل دراسة قيمة تلخص كثيرا من المعلومات الغائبة، ليس عن الحوثيين فقط، وإنما أيضا عن الحركات السياسية الشيعية المعاصرة في اليمن.