أعلنت دولة سلطنة عمان عن قرارها بإنشاء محطة (مرآة) أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، بعد توقيعها الاتفاقية العالمية التاريخية والأولى من نوعها في العالم مع شركة (Glass Point Solar) الأمريكية وشركة النفط الحكومية العمانية وتعتبر شركة (Glass Point Solar) إحدى أهم شركات تطوير الطاقة الشمسية في العالم ومقرها ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وسيبنى المشروع على مساحة 750 فدانا من الصحراء ببيوت زجاجية تحتوي داخلها على صفائح طويلة من الألمونيوم تلتقط أشعة الشمس، وخصص المشروع لاستخدام الطاقة الشمسية لإنتاج البخار وسيصل إنتاج الطاقة القصوى للمشروع إلى أكثر من ألف ميغا واط وهو رقم يعتبر كبيرا جدا مقارنة بالمشاريع القائمة حاليا، حيث إن أكبر مشروع مماثل في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة أقامته شركة (First Solar) بطاقة مقدارها 550 ميغا واط. والحقيقة استوقفني الخبر كيف أن شركة نفط كبيرة تنتج حوالى مليون وربع برميل يوميا تلجأ إلى مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية، حيث إن العادة شركات النفط تحارب أي طاقة بديلة عن النفط بما فيها الطاقة الشمسية، إلا أنه بعد قراءة دقيقة للمشروع اكتشفت أن شركة نفط عمان تستخدم الفكر الاقتصادي في استخراج البترول حيث اكتشفت الشركة أن اقتصاديات استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج البخار أوفر كثيرا بل وأكثر ربحية لها من استخدام الغاز كوسيلة لإنتاج البخار الذي تحتاجه شركة نفط عمان لاستخراج النفط من الأرض نظرا لأن حقول النفط العمانية تحتوي على النفط الثقيل ولإخراجه من الأرض يحتاج إلى تخفيف ذلك النفط عن طريق ضخ كميات هائلة من البخار في الآبار لتسييل النفط ثم إخراجه، وكانت تقوم بعملية استخراج البخار عن طريق حرق الغاز الطبيعي لتوليد البخار المستخدم في تسييل النفط في الآبار وهو استنزاف لكميات الغاز المتوفر في عمان والذي أصبح له استخدامات كبيرة منها تشغيل الصناعات لتشغيل محطات توليد الكهرباء أو استخراج مكونات صناعية من الغاز ذات قيمة عالية ومردود اقتصادي أكبر . وقد كانت فكرة استخدام الغاز لاستخراج البخار هي الحل الوحيد والأكثر اقتصادية حيث لم يكن للغاز فائدة في القديم فكان يحرق في الأجواء ويلوث البيئة ولكن بعد أن أصبح له فائدة كبيرة نتيجة تطور الأبحاث والدراسات أصبح حرق الغاز لا يمثل هدرا اقتصاديا وخسارة على شركات النفط مما دفع شركة نفط عمان لدراسة اقتصاديات توليد البخار من الطاقة الشمسية. وأثبتت الدراسات الجدوى الاقتصادية العالية، حيث سينتج مشروع (مرآة) 6 آلاف طن من البخار يوميا وهو يكفي لاستخراج قرابة 35 ألف برميل يوميا من النفط الثقيل في حقل واحد هو حقل (أمل) على مدار العام. وستحل مجمعات الطاقة الشمسية العمانية محل 5.6 تريليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي وهو ما يكفي لتوفير الكهرباء لأكثر من 200 ألف عماني. وإذا نجح المشروع فعلا وحقق الأهداف الاقتصادية فإن شركة نفط عمان سوف تقوم بمضاعفة المشروع ليشمل تغطية كاملة (لحقل أمل) وبقية حقول البترول العمانية. وسيكون هناك وفر كبير للغاز المستخدم قديما لإنتاج بخار تسييل النفط العماني الثقيل، وسيضمن لعمان دخلا إضافيا من الغاز وسيولد صناعات جديدة من البتروكيماويات وسيخلق فرص عمل جديدة للعمانيين أو ستصبح عمان أحد المنافسين في تصدير الغاز لسوق الغاز العالمي. والحقيقة أن خطوة شركة نفط عمان خطوة اقتصادية تحسب لها ولاسيما أنها شريك استراتيجي في شركة (Glass Point Solar) مطور فكرة استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج البخار من منظور اقتصادي، وكما يقال إن الحاجة أم الاختراع وإن اقتصاديات تشغيل المشاريع هي أنسب الحلول لتوفير العوائد للميزانيات. وبنهاية عام 2017 ستكون دولة عمان الخليجية صاحبة أكبر محطة إنتاج للطاقة الشمسية في العالم من خلال (محطة مرآة). فهل يا ترى ستتكرر مشاريع إنتاج البخار من الطاقة الشمسية في بقية دول الخليج التي بها نفط ثقيل مثل السعودية والكويت؟ وهل بالإمكان توسيع قاعدة استخدام الطاقة الشمسية بفكر اقتصادي مماثل لخدمة مشاريع صناعية أو تقنية ؟.