احتفلت مصر بعد ظهر أمس رسميا بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، بحضور عدد من قادة العالم وكبار المسؤولين. استهل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاحتفال بجولة قام بها بالمجرى الملاحي الجديد الذي تأمل مصر أن يسهم في تحفيز اقتصادها. واستقل السيسي، الذي ارتدى الزي العسكري يخت «المحروسة»، الذي سبق له المشاركة في احتفالات قناة السويس الأم عام 1869 وبرفقته الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس. وصاحب اليخت عدد من القطع البحرية العسكرية من بينها فرقاطة من نوع فريم متعددة الاستخدامات تسلمتها مصر من فرنسا مؤخرا، وقامت طائرات مقاتلة وهليكوبتر بعروض جوية فوق الموكب. وأشار الرئيس السيسي إلى أمله بأن تصبح القناة رمزا لنهضة مصر الحديثة، وهدية منها إلى العالم أجمع، ودليلا على عزيمة وإصرار الشعب المصري الذي لا يرضى إلا بأن يكون في المقدمة. وقال السيسي خلال افتتاح القناة الجديدة: وما افتتاح قناتنا اليوم إلا انطلاقة لمشاريع جديدة، ولعل أكثرها اقتصادا بإنجاز اليوم هو مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، حيث تم اعتماد المخطط العام للمشروع. وأضاف «ستشرع الحكومة على الفور في تنفيذه بتنمية وتطوير منطقة شرق بورسعيد والتي ستشهد توسعة ميناء شرق بورسعيد وتطويره، والاهتمام بالظهير الصناعي للميناء وكذلك تطوير البنية الأساسية للمنطقة وربطها مع المشاريع الأخرى الجاري تنفيذها، وسيلي ذلك البدء مباشرة في تنمية مناطق الإسماعيلية والقنطرة والعين السخنة».واليوم تعتبر قناتا السويس القديمة والجديدة من أهم الممرات الملاحية في العالم وقد أثمر الدفاع المستميت عن هذا المشروع الحيوي وأهميته الكبرى على الساحة الدولية في تحقيق عائدات مجزية لمصر التي تفخر اليوم بتشغيل مشروع واعد سيدرّ عليها حوالي 12.5 مليار دولار أمريكي سنويا. وبدأت مصر حفر القناة الجديدة التي تمر بمحاذاة القناة الأصلية في أغسطس العام الماضي. وتقول إن المشروع يهدف إلى تسيير السفن في الاتجاهين دون توقف في مناطق انتظار داخل القناة، وكذلك تقليل زمن العبور، ما يسهم في زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع من درجة تصنيفها. كما تأمل في زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن في القناة لتتماشى مع النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية. وقناة السويس أكبر مصدر للدخل في مصر بالعملة الصعبة إلى جانب السياحة وصادرات النفط والغاز وتحويلات العاملين في الخارج. من جانبه، قال الفريق مهاب مميش (رئيس هيئة قناة السويس): إن افتتاح قناة السويس الجديدة مدعاة فخر كبير ليس لهيئة قناة السويس والرئيس عبدالفتاح السيسي فحسب، وإنما لكامل الشعب المصري الذي جابه المستحيل لأجل تحويل هذا الحلم إلى حقيقة ملموسة. وأضاف «أننا نكشف عن هدية الشعب المصري إلى العالم أجمع: وهي قناة السويس الجديدة التي ترمز لنهضة مصر الحديثة بما تنطوي عليه من مقومات إيجابية تبشر بالازدهار، وبهذا نكون قد نجحنا في وضع قناة السويس على رأس هرم قطاع الملاحة البحرية». وبين الفريق مميش أن قناة السويس من القصص الملهمة في التاريخ؛ إذ لم تخل مسيرتها الممتدة لأكثر من 150 عاما من لحظات عصيبة، ولكنها اليوم تشق طريقها عبر سهول مصر كرمز حي لعزيمة وإصرار الشعب المصري وراية خفاقة للازدهار والأمل والتاريخ العريق. واستضافت قناة السويس الجديدة مؤخرا عددا من السفن خلال الفترة التجريبية التي امتدت طوال الأسبوعين الماضيين، وبالرغم من ذلك، تتوقع هيئة قناة السويس نمو أعمال القناة أضعافا مضاعفة بعد إطلاقها رسميا. وأصبح بإمكان السفن عبور قناة السويس الجديدة بالاتجاهين في آن معا بعد الجهود الدؤوبة التي بذلها المصريون على مدى عام متواصل لأول مرة في التاريخ، ومن المتوقع أن يتمكن هذا المشروع المذهل الذي نجح على مدار ستة أيام فقط بجمع 8.5 مليارات دولار خلال دورته التمويلية الأولى، من تحقيق عائدات بقيمة 12.3 مليار دولار سنويا حتى عام 2023؛ أي أكثر من ضعف العائدات الحالية للقناة. وتم بناء قناة السويس الجديدة بموازاة القناة الحالية، ومن المتوقع أن تشهد زيادة في عدد السفن العابرة لها بنسبة 50 % بحلول عام 2023؛ وأن تسهم برفع معدل العبور اليومي من 49 إلى 97 سفينة، وتقليل إجمالي زمن عبور السفن المتجهة جنوبا حتى 8 ساعات. قصة القناة وتعاون في استكمال مشروع القناة الجديدة أكثر من 43 ألف عامل خلال سنة، بالرغم من الاتفاق بداية على تسليمه في غضون 3 سنوات، وشهد المشروع معايير بناء ضخمة في ضوء امتداد أعمال الحفر إلى 250 مليون متر مكعب بتكلفة تقديرية بلغت 550 مليون دولار أمريكي. وتم حفر ما يزيد على 242 مليون متر مكعب من الرمال خلال أعمال بناء القناة الجديدة، مما أثمر عن إنشاء ممر ملاحي بطول 35 كيلومترا وعمق 24 مترا. وأصدرت الحكومة المصرية بهذه المناسبة شهادات استثمار دعت من خلالها المواطنين والمقيمين بالبلاد إلى الاستثمار في القناة الجديدة لجمع التمويل اللازم. وتم إثر ذلك جمع مبلغ مذهل قدره 8.5 مليارات دولار أمريكي خلال 6 أيام فقط. وتكللت جهود مصر لتنشيط حركة التجارة العالمية بريادتها كأول دولة تحفر قناة مائية عبر أراضيها. وتتمتع قناة السويس بأهمية كبرى نظرا لموقعها الاستراتيجي الذي جعل منها حلقة وصل دولية بين الشرق والغرب ومجرى ملاحيا رئيسيا بين البحرين الأحمر والمتوسط. وتعود فكرة إنشاء قناة السويس لأكثر من 40 قرنا مضت بدءا من عصر الفراعنة ومرورا بالعصر الاسلامي حتى تم حفرها على الشكل الراهن. لقطات من الحفل * شارك عدد من قادة العالم من ملوك ورؤساء، حضروا من أكثر من 70 دولة، بالإضافة إلى حوالى 90 وفدا رسميا في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. * الرئيس السيسي أشاد بإصرار الشعب المصري على التحدي حتى تم الإنجاز.