عانت السياحة في الدول العربية منذ اندلاع الثورات أو ما يعرف اصطلاحا بالربيع العربي في 2011 حتى الآن أيما معاناة، فتضررت في دول كانت تتمتع بسمعة عالمية منقطعة النظير في هذا المجال كتونس ومصر والشام بصفة عامة وانتعشت في دول أخرى كتركيا والشقيقة الإمارات وخاصة دبي فمصائب قوم عند قوم فوائد، ونحن في المقابل في المملكة لم نقم بما يكفي من القطاع الحكومي أو الخاص لجذب مزيد من السائحين كإنشاء المزيد من الفنادق والمنتجعات وعمل البرامج الترفيهية والتسويقية التي تجذب الناس. تعتبرجازان مشتى رائعا لأهالي الجنوب العزيز القاطنين في المرتفعات وأبناء المنطقة المتواجدين في جميع أنحاء المملكة، وعبثا تحاول أن تجد غرفة أو شقة للإيجار في المواسم والأعياد، بالإضافة الى المغالاة الرهيبة في أسعارها لشح المعروض، لم أر ولم أسمع عن دليل إيضاحي تقدمه الهيئة العامة للسياحة أو أمانة منطقة جازان عن مواقع الأماكن السياحية كالأودية والينابيع الحارة التي تستخدم للاستشفاء وهل هي مزودة بالخدمات الأساسية والضرورية كدورات المياه أو تتم لها متابعة لنظافتها وخلوها من الملوثات، وفيفا المدينة الجميلة الحالمة زرتها قبل خمس سنوات ولم أجد فيها فندقا واحدا ملائما أنام فيه ليلتي، ولم أعرف كيف أصل لمزارع البن التي قرأت عنها في الصحف!. بصراحة العروض السياحية الجاذبة للمنطقة كانت أقل من المأمول, مهرجان المانجا وفيه أكبر عصير مانجا في العالم حاز على غينيس للأرقام القياسية، وكنت أتمنى بدل ذلك أن يزيد الاستثمار في زراعة هذه الشجرة الاستوائية ويتم توزيعها للبيع في جميع أنحاء المملكة ويتم عمل زيارات مجدولة (للسياح) ببرنامج سياحي معد سلفا على مزارع المانجا والتين والباباي والتمتع بالمناظر الخلابة والجو البديع وشرب مياه هذه الأراضي الجوفية العذبة، ولا أتوقع أن هناك عملا سياحيا استثماريا ملفتا للنظر يجري حاليا في جزر فرسان يوازي ما حباها الله من موقع فريد وطبيعة ساحرة وأهالي ودودين مضيافين. مشكلة السياحة في المملكة أكبر من أن نحملها الهيئة العامة للسياحة فقط، مشكلة وزارة التخطيط الذي لم تضع السياحة من أولوياتها كرافد اساسي للأقتصاد الوطني, مشكلة وزارة المواصلات التي لم تعمل على تذليل الصعاب للوصول الى مناطق الجذب السياحي بيسر وسهولة وأمان تام, مشكلة القطاع الخاص (ورأس المال الجبان) الذي استثمر بكل قوة في كل بقاع الدنيا, مشكلة وزارة الإعلام التي لم تقم بعمل الدعاية اللازمة للسياحة بالوطن حتى ولو بمقطع مرئي صغير يعرض في القنوات الفضائية الكبرى كما تقوم تركيا حاليا, السياحة والجذب السياحي تحتاج لحلول مبتكرة وبنية تحتية وخدمات وإرادة وطنية و فكر حضاري, ليس شرطا أن تكون جمال طبيعة بلدك كا (لوجانو) السويسرية حتى يأتيك السواح, فمدينة دبي الواقعة في الصحراء صارت مهوى افئدة مشاهير العالم لما توفر فيها من بنية تحتية وخدمات وتعامل حضاري مع القادمين, وليس شرطا أن نخالف مبادئ الشريعة الإسلامة الغراء حتى يقبل علينا السياح, ولو استطعنا فقط أن نستقطب نصف المواطنين الذين يسافرون سنويا الى دبي واسطنبول في السياحة الداخلية سيعد ذلك انجازا منقطع النظير وسيكون له تاثير ايجابي جداعلى الإقتصاد الوطني.