بالرغم من كل الجهود الجبارة التي يبذلها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في بناء قطاع السياحة في المملكة العربية السعودية وتطويره وتشجيع وجذب الاستثمار في هذا القطاع والرجل وبكل أمانة يعمل طوال الفترة الماضية بكل همة ونشاط دون أن يكل أو يمل , وجهود سموه لا يستطيع أحد منا أن ينكرها أو أن يقلل منها وكذلك جهود بعض امراء ومحافظي مناطق المملكة , ولكن معوقات السياحة الدخلية أكبر بكثير من الجهد المبذول وكما يقال في المثل الشعبي ( الشق أكبر من الرقعة ) . فبالرغم من كل هذه الجهود المبذولة والانفاقات المالية الهائلة إلا أن سياحتنا الداخلية لم تتقد بالشكل المأمول ولم تحقق التطور الذي يتناسب مع ما تنعم به المملكة من موقع إستراتيجي ومن قوة أقتصادية وإستقرار سياسي وأمني , وبما تحظى به من مقومات سياحية مختلفة ومتنوعة قلما تتوفر في بلد آخر ( الشواطئ , الصحاري , المعالم الاثرية والتاريخية , الطبيعة الخضراء والطقس البارد , وأهم من ذلك كله وجود الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين ) . وتطوير السياحة في المملكة لن يكون بالإحتفاليات والتخفيضات ومهرجانات التسوق المؤقته ولن يتحقق بإي حال من الاحوال ( إلا بإصلاح البنية التحتية ) إبتداء من المطارات والخطوط الناقلة وشبكة المواصلات بين المدن وتوفير العدد الكافي من دور للإيواء ذات المستوى والجودة العالية بأسعار مناسبة بالإضافة إلى توفير المتطلبات السياحية الأخرى . يقول المتنبي ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) وما حدث ويحدث في البلدان العربية المجاورة يعتبر بمثابة الفرصة لهيئة السياحة للرد على المشككين في صحة إستراتيجيتها وفي نتائج عملها وتحقيق عائدا قياسيا من قطاع السياحة لهذا العام , ولكنني غير متفائلا بأن الهيئة ستنجح وبإن المملكة ستجني فوائد من ما يحدث ومن إستقطاب جزء من السياح السعوديين الذين إعتادوا على قضاء إجازاتهم في الخارج وأيضا إستقطاب جزء من السياح الخليجيين والأجانب . فالسائح السعودي والخليجي بشكل عام مطلب لجميع الدول لأنه يصنف بالأكثر أنفاقا والأطول لفترات الاقامة وبحسب التقارير فإن السياح السعوديين الذين يقدر عددهم 4.5 مليون سائح قضوا إجازاتهم الصيفية عام 2010 في الخارج وأنفقوا خلالها أكثر من 60 مليار ريال . ولكن وفي هذا العام لم تكن الدول العربية مقصدا للكثير من السياح نتيجة إنعدام الامن في الكثير من الدول المجاورة وما تعانيه من أحداث وإضطرابات أمنية والتي على ضوئها يتوقع أن تتراجع السياحة في بعض هذه الدول إلى نسبة قد تصل إلى 80% , ولكن وللأسف لم يكن البديل هو السياحة الداخلية إلا بنسبة تقدر ب 25% من هؤلاء السياح . ولكي تنجح السياحة الداخلية ممثلة في ( هيئة السياحة ) في إستغلال هذه الفرصة الذهبية فيجب أن تكون نسبة النموا في السياحة الداخلية لهذا العام لا تقل عن 50% . حيث أنه من الطبيعي أن تكون زيادة معدل السياحة الداخلية لهذا العام لاكثر من 25% بدون إقامة المهرجانات والتخفيضات وبدون جهود هيئة السياحة والاثار كنتيجة طبيعية لمشاكل بعض الدول المجاورة التي يقصدها الكثيرين ك ( لبنان & مصر & وتونس & والبحرين & واليمن ) . ولذا فإننا نجد الكثير من الدول عملت على الاستفادة من ما يحدث من مشاكل وأحداث عالمية وأستطاعت حتى الآن استقطاب عدد كبير من السياح , ونجد تغير في الكثير من الوجهات السياحية إلى تركيا وأوربا وآسيا وأمريكا ويتوقع لهذه الدول تحقيق رقما أعلى من حيث عدد السياح والعائدات لهذا العام مقارنة بالعام 2010 . ويعتبرالاردن من أكثر الدول العربية المستفيدة من هذه الازمة , وزيادة في عدد السياح السعوديين في الاردن لهذا العام بنسبة 30% عن العام 2010 وذلك بوصول عددهم إلى ( 700.000) سائح وقد أدى ذلك إلى إرتفاع الايجارات لهذا الصيف بنسبة 50% ووصل متوسط معدل سعر الغرفة الفندقية إلى (800) ريال والشقق المفروشة إلى ( 700) ريال ويتوقع مع أستمرار توافد السياح إلى زيادة الاسعار لتصل إلى نسبة 70 % . ونجد في العاصمة البريطانية لندن التي تستقبل الألآف من السياح بشكل يومي وتشير التقارير بأنه في يوليو وصل معدل إشغال الغرف الفندقية إلى كامل طاقتها التشغيلية تقريبا , ويتوقع المستثمرون العرب ارتفاعا كبيرا في أسعار الفنادق وأن الطاقة الاسيعابية للفنادق لن تستطيع تلبية الحجوزات لهذا الصيف مما سيدفع بالكثير من السياح الخليجيين إلى إستئجار الشقق المفروشة والتي من المتوقع أن يصل إيجار الشقة الواحدة منها والمكونة من غرفتين فقط إلى (3000) جنيه إسترليني في الإسبوع , أما الشقة التي تتكون من ثلاث غرف يتوقع أن يصل إيجارها إلى (5000 ) جنيه إسبوعيا . وكما يعلم الجميع بأن السياحة صناعة مهمة وذات عائد إقتصادي كبير ومهم للكثير من الدول لذا فإننا نجد هذه الدول تنفق وتستثمر مليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي المهم لتجني أيضا المليارات كعائدات سياحية مهمة في إفتصادها , بالإضافة إلى جذب رؤوس الاموال الاجنبية وجذب والاستثمار و كما هو معلوم بأن قطاع السياحة من أهم الانشطة الاقتصادية التي توفر فرص العمل الدائمة والمؤقتة . ولمن أراد أن يأخذ درورسا في العمل السياحي الناجح يستطيع أن يأخذ الصين كنموذج فما حققته الصين من نجاح في مجال السياحة في ظل المنافسة الشرسة من الدول المتقدمة في المجال السياحي ففي عام 2010 وفي التصنيف العالمي للسياحة فإن الصين أستطاعت أن تتقدم 23 مرتبة وباتت تحتل المرتبة ال39 وتستفيد البلاد كثيرا من الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية وصناعات السياحة ، ومنها الاستثمارات في معرض أكسبو 2010 في شنغهاي ودورة الألعاب الأوليمبية في بكين في 2008 ، بعد أن ضاعفت الإنفاق أربع مرات منذ عام 2000 ، وأستطاعت تحقيق أسرع نمو في هذه القطاع على مدى العقد الماضي . ومشكلة السياحة الداخلية في المملكة تحتاج إلى عمل جاد ومضاعفة الانفاق لإصلاح البنية التحتية وجذب الإستثمار في هذا القطاع ولعل أهم هذه الاحتياجات أو المعوقات ما يلي : أولا : حركة التنقل بين أرجاء المملكة تكاد تكون مشلولة وذلك لصعوبة الحصول على مقاعد الطيران في حالة السفر جوا ولعدوم وجود شبكة قطارات تربط المملكة بعضها ببعض ولردائة خدمات محطات الطرق للراغبين بالسفر برا. ثانيا : عدم توفرالعدد الكافي من دور الإيواء الذي يستوعب عدد السياح فالفنادق ذات الأربع والخمس نجوم لا تفي 20% من حاجة السياح مع ردائة ملحوظة في جودة الخدمة , علما بأن عدد الفنادق والشقق المفروشة التي تم إنشاؤها وخلال السنوات الماضية لاتتجاوز الزيادة أكثر 30% بينما في مدينة دبي تم زيادة 150% في عدد الفنادق والشقق . ثالثا : عدم توفر الترفيه ك ( مدن ألعاب عالمية وحديثة ) التي يقضي بها السائح عدة أيام ولم يكمل هو وأبنائه الاستمتاع بجميع العابها مشابهة لمدن الديزني لاند . وكذلك صالات للسينماء الحديثة التي تعرض أحدث ألأفلام , وأيضا مسابقات التسلق ورياضات الغوص وسباق الدراجات في الجبال المرتفعة وعلى الشواطئ وتقديم جوائز ذات قيمة كمنح دراسية مجانية في إحدى الجامعات , أو سيارات , أو حتى منازل أو شقق للعوائل التي تشارك وتشجع السياحة الداخلية . رابعا : الإرتفاع الحاد في الأسعار والمبالغ فيه في بعض المناطق وكذلك إستغلال السائح في المواسم مع ردائة في جودة الخدمة السياحية المقدمة . خامسا : قلة المعلومات السياحية لدى السائح السعودي عن المناطق السياحية وعن الخدمات وعن الفنادق والمطاعم والشقق الفندقية الموجودة في هذه المناطق , وعدم تكثيف وجود المرشدين السياحيين وتفعيل دورهم قبل بدء المواسم السياحية وخلالها . في الختام أسال الله عز وجل أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يديم عليها أمنها وإستقرارها ونمائها , كما أسال الله التوفيق لرائد السياحة وقبطانها صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز شاكرا ومقدرا جهود سموه وفقه الله . المستشار خالد الرشيد الامين العام للجمعية الدولية لخبراء السياحة العرب عضو الرابطة الدولية لخبراء السياحة عضو الجمعية الدولية اتنشيط السياحة Email: [email protected]