أكد عدد من العلماء والمفكرين أن المؤتمر يأتي في زمن كثرت في الأعمال الإجرامية باسم الإسلام، مطالبين العلماء والمنظمات الإسلامية بإيجاد مفهوم مشترك لتعريف الإرهاب والتوحد لمحاربته. وأوضح الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ (مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء) أن من يروجون لأعمال الإرهاب باسم الإسلام، بعيدون عنه كل البعد، فالإسلام دين السماحة والخير، ومن يقول غير ذلك فهو مغالط للحقيقة ومخالف لأمر المسلمين، إذ لا يحق قتل النفس التي حرم الله وفقا لأهواء فئة ضالة استباحت دماء المسلمين بغير حق. وأضاف أن الإرهاب مرض فتاك وأصحابه فئة باغية خاطئة استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وزين لهم الباطل، فالإرهاب في حقيقته هو التعدي على الناس بسفك الدماء وهتك الأعراض ونهب الأموال وتهديد الأمن والاستقرار وهو فساد حق فساد، والقرآن الكريم حذر من الإقدام على قتل النفس المعصومة، والمسلم حقا هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأرواحهم وأعراضهم. وأكد الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) أن الإسلام يرفض ما تقوم به الميلشيات المسلحة التي تنسب أعمال القتل والتدمير للإسلام والإسلام منها بريء، كما أدان الطيب الأعمال الإجرامية ضد المواطنين العزل على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم، مشددا على وجوب نشر قيم التسامح التي دعت إليها الأديان السماوية، وضرورة التعايش السلمي بين بنى الإنسان. ولفت الدكتور شوقي علام (مفتي مصر) إلى أنه ليس من الإنصاف أن نحصر المعارك العقائدية والأيدلوجية ونواجهها في مصر والشرق الأوسط فقط، كون الإرهاب يمثل خطرا عظيما يهدد الشعوب والدول ولا يستثني أحدا، ووصف علام فاعليه بالمجرمين والمفسدين في الأرض بإساءة فهمهم للنصوص الدينية وتطويعها لخدمة أغراضهم الدنيئة، مؤكدا أن ما تقوم به التنظيمات والجماعات المسلحة التي تسعى لتخريب البلاد بالمحرم شرعا وتشويه لصورة الإسلام في العالم أجمع بسبب أعمال هذه الجماعات الوحشية، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الديني أصبح ضرورة ملحة دون المساس بالثوابت الدينية المتفق عليها، ودعا مفتي مصر الشباب في العالم الذين يفكرون في الانضمام للجماعات الإرهابية إلى أن يتصلوا ويتواصلوا دائما مع أهل الاختصاص لفهم المعنى الحقيقي للإسلام وتعاليمه وألا يقعوا في براثن الأفكار المتطرفة البعيدة عن الفهم الصحيح للإسلام، مثمنا عقد مؤتمر عن مكافحة الإرهاب في المملكة. وأكد الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد (المستشار في الديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام) أنه لا بد من التأكيد أن الإرهاب شر يجب التعاون على اجتثاثه واستئصاله، كما يجب منع أسبابه وبواعثه، عانت منه دول، وذاقت من ويلاته مجتمعات بدرجات متفاوتة. وأضاف أن الإرهابيين يرتكبون فظيع الجرائم عندما يقدمون على قتل الأبرياء، وتدمير الممتلكات، ويفسدون في الأرض. والإرهاب شر كله، وخراب كله، وأحزان كله، وفساد كله، ومحترف الإرهاب منحرف التفكير، مريض النفس، ومن ذا الذي لا يدين الإرهاب ولا يمقته ولا يحذر منه. الإرهاب يخترق كل المجتمعات، وينتشر في كل الدول بين جميع الأعراق والجنسيات، والأديان والمذاهب، عمليات إرهابية تتجاوز حتى مصلحة منفذيها، فضلا عن أنها تكلفهم حياتهم وأرواحهم، عمليات تتجاوز حدود المشروع والمعقول، وتتجاوز تعاليم الأديان، ومألوف الأعراف، وضابط النظم والقوانين. وقال الدكتور عبدالرحمن السديس (الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي) إن ثمة وسائل مهمة للتصدي للإرهاب وتحصين الشباب من مخاطرة، منها: إنشاء فضائية متخصصة، وقيام مشروع حضاري يعنى ببيان إشراقات الدين وجمالياته ورفقه ورحمته ويسره، والاضطلاع بمشروع إسلامي حضاري لعلاج ظاهرة الإرهاب، وهيئة عليا تعنى بإعداد الخطط والاستراتيجيات الشاملة لمكافحتها ورصد كل المستجدات حيالها، وتشكيل مجالس تنسيقية بين القطاعات الحكومية والأهلية، والعمل على تأهيل متخصصين في شتى العلوم الشرعية والأمنية والاجتماعية والنفسية والفكرية، للقضاء على الإرهاب، وتكوين جهات متخصصة للترجمة تعنى ببيان محاسن الإسلام ونشرها في العالم بشتى اللغات. فيما ثمن وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني يوسف ادعيس الشيخ، للمملكة تبني مؤتمر إسلامي للتنديد بالإرهاب وشجبه والبراءة منه، ووصف رابطة العالم الإسلامي بأنها خير من يتصدى لمثل هذه المهمة في وقت عصيب يمر بالأمة، كون الإرهاب صورة بشعة يقوم بها فئة يدعون زورا انتسابهم للإسلام والإسلام منهم براء، كونه دين سماحة وداعية سلام ووئام وتعايش، مستعيدا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مكة يوم الفتح (اذهبوا فأنتم الطلقاء) برغم كل ما لقيه منهم من أذى في نفسه وفي ماله وعرضه، لافتا إلى أن الإسلام انتشر بالمعاملة الحسنة والأخلاق الكريمة التي يتحلى بها دعاته المخلصون. وأوضح الدكتور صالح بن غانم السدلان (أستاذ الفقه بقسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) أن الإرهاب والتطرف والعنف لم يأت اعتباطا ولم ينشأ جزافا، بل له أسبابه ودواعيه، ومعرفة السبب غاية في الأهمية، وذلك لأن معرفة السبب تحدد نوع العلاج وصفة الدواء، فلا علاج إلا بعد تشخيص، ولا تشخيص إلا ببيان السبب أو الأسباب، فما هي إذن هذه الأسباب والبواعث التي أدت إلى هذا الفكر الضال؟!. وأوضح أن أسباب نشأة هذا الفكر متعددة ومتنوعة «فقد يكون مرجع هذا الفكر أسبابا فكرية أو نفسية أو سياسية أو اجتماعية، أو يكون الباعث عليه دوافع اقتصادية وتربوية»، موضحا أنه «بالنظرة الشاملة المتوازنة نستطيع أن نجزم بأن الأسباب متشابكة ومتداخلة، ولهذا لا ينبغي أن نقف عند سبب واحد، فالظاهرة التي أمامنا ظاهرة مركبة معقدة وأسبابها كثيرة ومتداخلة».