عبر عدد من المشايخ والكتاب وحقوقيون عن بالغ أسفهم للجريمة المروعة التي ارتكبها التنظيم المتطرف "داعش" والتي تمثلت في حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة وأعدوها جريمة إنسانية بشعة وغير اخلاقية ولا علاقة لها بديننا الإسلامي الحنيف الذي يرفض مثل هذه الشناعات. وأبدى رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني عن أسفه لهذا الاعتداء الذي وصفه بغير الانساني ويتسم باللامبالاة للقيمة الإنسانية للإنسان مشدداً على أن الأسف يتضاعف كونه صادراً ممن يدّعون أنهم مسلمين، مؤكداً على أن هذا العمل البشع يُظهر أن تلك الجماعة لا علاقة لها بالدين وإنما تنفّذ أجندات وتوجّهات تنبذها الشريعة الإسلامية السمحة وأضاف: كل من يؤمن بالدين الاسلامي هو ضد هذا الفعل عاداً هذه الأفعال مسيئة للإسلام خصوصاً لدى العامة الذين قد لا يفرّقون بين من قام بهذه الأفعال وبين المنتسبين للدين الاسلامي وهو ما يجب أن يتم التنبيه عليه عبر التوعية لأن أفعال هذه الفئة لا تمثل المسلمين ولا تقر من أي أحد منهم. ولفت الدكتور القحطاني أن بشاعة هذا الجرم تجاوزت كل المعايير الإنسانية التي يمكن تخيّلها.وعن عملية البثت التي تمت لهذا المقطع البشع والمروّع علق الدكتور القحطاني قائلاً:لا شك أن مثل هذا الفعل الشنيع مرفوض من أي إنسان لديه وازع ديني ولديه مبادئ انسانية وحس انساني يرفض مثل هذه الأعمال التي تقوم بها هذه الجماعات المتطرفة. وطالب الدكتور المفلح وسائل الاعلام أن لا تساهم في نشر هذا المقطع أو غيره من المقاطع المؤذية لأنها تحقق أهداف مقل هذه التنظيمات التي تعتمد على أساليب إدخال الرعب وبيان القدرة لمن يقومون بهذه الأعمال وأضاف:هناك واجب على وسائل الإعلام المختلفة وأيضاً الشركات التي تستضيف المواقع وكذا الشركات الكبرى المشغلة لمثل هذه المواقع ينبغي أن يكون هناك ميثاق شرف لإمكانية حجب وعدم استخدام مثل هذه المقاطع. وعن مطالبتهم بهذا الحجب كجمعية لحقوق الإنسان قال الدكتور القحطاني: إن هذا الموضوع دوماً محل حوار ونقاش مع بعض المنظمات الحقوقية والجهات ذات العلاقة لكن هذا الأمر باعتباره يواجه تحدياً كبيراً في ظل انفتاح الإعلام وبات معولماً فيكون مكان البث من بلد ومكان تغذيته من بلد آخر فهناك صعوبات في التحكم في مثل هذه الأمور لكن ينبغي على الدول التي تريد أن تحارب الإرهاب ومن في حكمه وأيضاً من أجل المحافظة على المعايير الانسانية أن يكون هناك تعاون بحيث يكون هناك مواثيق شرف بما يمكن أن يعرف في مثل هذه المواقف وبما لا يتيح لمن تدفعه الظروف لارتكاب مثل هذه الفظاعات أن يقوم بنشرها ومن ثم يتسبب في ترويع وأذية من يشاهدها على تلك المنصات والمواقع. من جانبه أعتبر الدكتور هادي بن علي اليامي رئيس لجنة حقوق الانسان العربية أن ما تعرض له الفقيد الطيار الأردني معاذ الكساسبة هو انتهاك مروع وخطير لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني الذي اعتبر قتل الاسير جريمة حرب، كما يتنافى مع احكام الميثاق العربي لحقوق الانسان التي كفلة الحق في الحياة والكرامة الانسانية. وقدم اليامي باسم لجنة حقوق الانسان العربية خالص العزاء والمواساة لأسرة معاذ الكساسبة وللأردن شعبا وملكا وحكومة، داعيا الله عزوجل أن يتقبل الشهيد وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، وأن يحفظ امن واستقرار المملكة الاردنية الهاشمية. وشدد اليامي على أن ما ارتكبه الجناة فعل همجي يندى له الجبين يتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء التي تحفظ حق الانسان في الحياة والكرامة الانسانية وحرمت قتل الاسرى وطالبت بالمعاملة الكريمة للأسير كما يتنافى مع كافة الأعراف والشرائع السماوية. وأضاف اليامي بأن الوقت قد حان لاستئصال شأفة الإرهاب الذي لن يتم دون تعرية الفكر الضال الذي تتخذه الجماعات الإرهابية منهجاً لها، واعتبر أنه لا يجب التسامح أو المهادنة مع الإرهاب وجرائمه، مشيرا الى أن مواجهته الإرهاب تحتاج لرؤية وجهود مشتركة من دول الإقليم بالإضافة للتعاون الدولي. كما أوضح أن مكافحة الإرهاب حق وواجب على الحكومات العربية من أجل ضمان حق الشعوب العربية في العيش بسلام وأمن، وضمان البيئة الحاضنة للتمتع بحقوق الإنسان وسيادة القانون. من جهته أوضح وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون الطالبات الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الهليل أن ما أقدمت عليه الفئة الضالة التي تسمى داعش من حرق للجندي الأردني المسلم معاذ الكساسبة لهو عمل دنيئ وفعل إجرامي لا يقدم عليه مسلم يقتدي بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم مبيناً أن نبينا محمد أرسله الله بالهدى ودين الحق فكان نعمة للبشرية بما حملته شريعته من الرحمة والرأفة وحب الخير للعالمين. وأضاف:إن المسلم الصادق هو من يقتدي بنبيه عليه الصلاة والسلام في أقواله وأفعاله وكل تصرفاته، فلقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في تعامله مع المسلمين وغيرهم في حال الحرب وحال السلم، وكان يوصي جنوده وأمراءه في الحرب أن لا يغدروا ولا يمثلوا بالقتلى ولا يعذبوا الأسرى من غير المسلمين فكيف بالمسلمين!! وزاد:إن من أعظم الجرم قتل رجل مسلم فكيف بحرقه حيا والعياذ بالله، ومعلوم أنه لا يعذب بالنار إلا الله تعالى، وأن التعذيب بالنار من كبائر الذنوب التي لا يقدم على فعليها مسلم. وختم الدكتور الهليل كلمته بالتأكيد على أنه يوما بعد يوم تؤكد هذه الجماعة الضالة المنحرفة عن هدي الإسلام أنها أبعد ما تكون عن دين الإسلام وأخلاق المسلمين. وهذه الجماعة الضالة الإرهابية أعظم خطرا على الإسلام وأهله من أعداء الإسلام فهي العدو الأول للإسلام، وبسبب أفعالها نفر كثير من الناس عن هذا الدين ووصموه بأنه دين القتل والغدر ودين الإسلام بريئ من أفعالهم وتصرفاتهم داعياً الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكيدة، ورد كيد الكائدين في نحوهم، وأفشل خططهم، وكفانا شرورهم. وبين الدكتور منصور الشمري المتخصص بالجماعات المتطرفة والإرهاب أن التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط تحديداً يخضع للكثير من المؤثرات الناتجة عن الحراك السياسي أو الاقتصادي أو الفكري أو الديني،واضاف: لذلك نجد أنه منذ اندلاع الثورة في سورية والتطرف يعمل على التصاعد لأسباب منها التأخر في التدخل السريع لإيقاف الإرهاب، كما هو الحال في اليمن والعراق مما نتج عنه وجود مساحة كبيرة تستطيع الجماعات الإرهابية العمل من خلالها بالإضافة الى التنسيق مع منصات سياسية تستفيد منها هذه الجماعات كالمنصة الإيرانية والتي استفادت منها القاعدة سنوات طويلة ماديا ومعنويا، وضريبة هذا كله أن تعمل هذه الجماعات على الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وتحقق هذه الجماعات انتصارات نسبية باستقطاب الشباب اليها من الغرب والشرق، وزاد: التقارير الاستراتيجية تتحدث عن تنامي كبير وسريع لهذه الجماعات الإرهابية، ومع هذا التنامي نجد العمل المضاد يكاد يكون محصورا في ندوات أو حلقات نقاش لا تعمل بنفس القوة المواجهه، كما يرى أهل الاختصاص أن الاعلام دوره ضعيف في مواجهة هذه الجماعات لأسباب منها العمل الأحادي أو الانطلاق من صراعات فكرية دون وجود عمل اعلامي استراتيجي يستطيع المتخصص ملاحظته. ووصف الدكتور الشمري العمل بغير الانساني مشيراً إلى أن الجماعات الإرهابية كداعش تعمل دون إنسانية اطلاقا، فعملية احراق الطيار الأردني - رحمه الله - كان عملاً وحشياً، فهذه الجماعة الإرهابية وتعمل بحرية كاملة، ولن تتوقف إطلاقا وسوف تهدد العراق والدول المجاورة للعراق علاوة على ذلك، فداعش تعمل منذ فترة طويلة على إعدام كل عنصر من عناصرها ثبت أنه قد إلتقى بقيادي من جماعات أخرى أو شخصية سياسية، وتقوم بإعدامه تحت ما تسميه الخيانة الكبرى، وتقوم داعش بملاحقة عناصرها أثناء أي عملية يقومون بها، فالذي يشعرون أنه لا ينفذ أوامرهم أثناء تنفيذ العملية وأضاف:لا غرابة بأن يطلقوا عليه النار أو إحراقه داخل حفرة أو قطع رأسه،. وطالب الشمري العلماء والدعاة بالعالم الإسلامي الوقوف بصراحة تامة ضد المشروع الداعشي اللاانساني، وأن تخصص ورش العمل للمتخصصين للعمل على العلاج الوقائي، كما يجب أن تقوم المؤسسات التعليمية بتوضيح اعمال هذه الجماعات الإرهابية من خلال متخصصين وليس من قِبل هواة، فالخطأ في شرح عمل هذه الجماعات الإرهابية وعدم قناعة المستمع به سيورث قناعة تراكمية بتلك الجماعات التي تعمل بشكل مستمر لإقناع المجتمعات بجدوى وجودها. من جهته قال الدكتور ابراهيم بن محمد الميمن وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود لشؤون المعاهد العلمية والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء إن ما شاهده العالم بأسره ما يشيب له الرأس، ويندى له الجبين، ويعري هذا التنظيم الإجرامي الذي لا يمكن أن يجد له في نصوص الشريعة ومقاصدها من تبرير لهذه التصرفات، بل إنها ظلمات بعضعا فوق بعض، وضلالات وجريمة نكراء موغلة في الضلال والإضلال مؤذنة بعقاب عاجل من الله سبحانه يضع حداً لبغيهم وفسادهم في الأرض، وعدم حيائهم من الله تعالى، حيث يقدمون على ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه وبين أنه من عذاب الله بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد استحيا من ربه أن يعذب بعذابه واستشد الدكتور الميمني قائلاً:أخرج سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح أن هبار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وهي في خدرها فأسقطت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقال: (إن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب ثم أشعلوا فيه النار) ثم قال: (إني لأستحي من الله، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله). ولفت الدكتور الميمني أن هذا التنظيم يقدم الهالك على هذا الفعل المنكر وإن المسلم مع ألمه وأساه أن ينسب هؤلاء أفعالهم وجرائمهم إلى الإسلام، وأن يقع مثل هذا التجني على أحكامه، والجرأة على دينه إلا أن ذلك فأل بانحسار قاعدة التعاطف معهم، وزوال تنظيمهم، فما من محنة إلا وتزول، ولا شدة إلا ويعقبها فرج، والله جل وعلا يملي للظالم حتى إذا أخذه فإنه لن يفلت من عقاب الله، وختم الدكتور الميمني بقوله: الحق أن ما أقدموا عليه تجاوزا به أفكار الخوارج وتصرفاتهم، وقدموا نموذجاً سيئاً في التطرف في الغلو، فحقيقتهم غلاة الخوارج، ورمز الهمجية، والدموية، وإن المتأمل في أفعالهم مع ألمه على شراستها وغلوائها وضراوتها إلا أنه يستفتح بها أن تكون بداية النهاية لهم، وأن توجب هذه التصرفات النكراء، والجرائم البشعة مشتركاً يلتقي عليه المسلمون بل وغير المسلمين، فلا تنطلي أفعالهم على منصف وعاقل، ويتجاوز هذا الإلتقاء إلى إيجابية في صور من الأعمال الشمولية، التي تستهدف الفئات المتعاطفة معهم أو المتأثرة بهم، أو المنخدعة بشعاراتهم بدأ من التربية والحصانة، والتوعية، والتبصير، وصولاً إلى الإبلاغ عن كل من يتعاطف معهم، حماية للصالح العام، وتعاوناً على البر والتقوى وبعداً عن إيواء المحدثين، فيكون هذا تعزيزاً للجهود الوقائية والعلاجية التي تحصن شبابنا من الانخراط في تنظيماتهم. ونسأل الله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يخزيهم، ويقمع باطلهم ويدحرهم، وأن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين منهم، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحابته أجمعين. د. ابراهيم الميمن د. عبدالعزيز الهليل د. منصور الشمري د. هادي اليامي