هناك شخصيات سامقة رحلت لكن آثارها باقية وخالدة في الأذهان بما قدمته للمجتمع من أعمال جليلة ساهمت في رفعة هذا الوطن بروحها وبعملها وثقافتها ووقتها، فهؤلاء يظلون نقوشا في ذاكرة الوطن، كما أن هناك رجالا يصنعهم التاريخ، وآخرين يصنعون التاريخ بمداد من دم وولاء وفخر، ويكتسب التاريخ عناوينه من رجال خلدوا بمواقفهم وأفعالهم في روزنامة الزمن وذاكرة الشعوب، وعندما نتجول في أرجاء الوطن، مستعرضين أبرز تلك الأسماء التي شكلت في مجموعها مسيرة الكفاح والعمل الجاد منذ توحيد هذا البلد الآمن لا نزال نرى مليكنا وحبيب أهله وبلده وشعبه، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرحمه الله) كان عبدا لله. وأذكر أن آخر لقائي به عندما تشرفت بالسلام على مليكي يوم الجمعة الموافق الرابع من عيد الفطر لعام 1435ه، وكم كانت سعادتي برؤية مليكي ولله الحمد. والكثير منا يقدر معنى هذا اللقاء الذي أنعم بها الخالق لي للقاء التاج الغالي. إن الله إذا أحب عبده رضي عنه وأكرمه بالعفو والمغفرة. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلانا، فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) متفق عليه. فتاج بلادنا قد حكم فعدل فأمن فنال رضى الله وأهله. فلنعلم أن المغفرة هي أفضل ما أنعم الله به على الإنسان، وأجزل عطاياه، وأوفر منحه، ولا يتمكن العبد من حسن تصرفه، والقيام بأمور الحياة وتمام العبادة، إلا وثمارها الغفران والرحمة، وليس يعدلها شيء، وينبغي للعاقل أن يعرف مقدارها، فكانت الرحمة إن شاء الله هي ثمار أعمال عبدالله في هذه الدنيا. فما بالنا أن يمن الله بمشيئته بهذه الرحمة لمليكنا الحبيب في الله عز وجل وفي بلده وشعبه ومن ثم يأمر الخالق بأن توضع الرحمة على هذا التاج إن شاء الله. عبدالله الذي أمضى عمره في خدمة هذا الوطن ورحل تاركا خلفه أثرا كبيرا ومنجزات لا يمكن أن تنسى، ذلك التاج الذي صاغته قدرة إلاهية كبرى وضعت فيه كل المواصفات والمقاييس الإنسانية التي لا تستطيع إنجازها إلا النفوس الطيبة. كان تاجا لا يقاس بالموازين ولا بالمكاييل ولا بالقيراط ولا بأي وزن تبيحه المنظمات الدولية والعالمية. فكان عبدالله لشعبه ولإخوانه وأبنائه، مما كان له الأثر الكبير في نفوسنا كشعب محب لوالد ومن كرمه ملأ بحبه وإنسانيته قلوب أبنائه وشعبه، بل قلوب المسلمين في العالم كله، نعم ذلك وصف استحق به اسم «ملك القلوب والإنسانية». فعبدالله كان تاجا من صنع الخالق الجبار الذي لا يمكننا أن ننكر عليه هذه الهبة الكريمة التي أتمها صنعا في هذه البلاد الطيبة، ولا يمكننا إلا أن نسأله عز وجل الرحمة والمغفرة لذلك التاج الذي كان على كل الرؤوس ليظل مجتمعنا دائما سليما آمنا من كل سوء بما رسخه عبدالله من أمن واستقرار، ويستمر على هذا النهج أخواه سلمان ومقرن اللذان نبايعهما على السمع والطاعة. فمن تاجنا ينبع أمننا ومصالحنا وشرعنا وحقوقنا التي ننعم بها نعمة من الله. أدعو الله أن يسبغ على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرحمة والمغفرة ، آمين يا رب العالمين.