يعيش الشارع الرياضي السعودي وقبل انطلاق نهائيات الأمم الآسيوية 2015م المقامة في أستراليا حالة من عدم الرضا عن وضع المنتخب السعودي، وتأكيدهم على صعوبة دخوله في منافسات مع منتخبات أخرى تعد أكثر جاهزية واستقرارا منه، مما خلق حالة التشاؤم التي تسيطر على المتابعين والنقاد الذين وجهوا سهام النقد صوب الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجنة المنتخبات التي ما برحت تئن تحت وطأة التخبط والارتجالية في اتخاذ القرارات التي أدت لتراجع أسهم المنتخب السعودي وعلى كافة المستويات، فيما دعا البعض الشارع الرياضي بكامل أطيافه إلى الالتفاف حول المنتخب بلون واحد وتأجيل النقد والأخذ والرد حوله إلى ما بعد الانتهاء من هذه المناسبة الكبيرة، فالوقت لم يعد مناسبا للخوض في ثناياه، والبحث بدل ذلك عن حلول سحرية تعيد للكرة السعودية ما فقدته خلال العقد الأخير. ففي البداية، دعا الإعلامي الرياضي أحمد ذياب الشارع الرياضي إلى التفاؤل خلال مشاركة المنتخب في النهائيات الآسيوية المقامة في أستراليا، ربما ذهب تشاؤم البعض نظرا للنتائج السلبية للمنتخب السعودي في مبارياته التجريبية برغم أن المنتخب السعودي عودنا على تحقيق النتائج الإيجابية في مشاركاته المختلفة حين لا يقدم مستويات لافتة قبلها، بدليل أنه قبل المشاركات الآسيوية التي حقق بطولتها كان يذهب إليها بخسائر في مبارياته التجريبية لأن اللاعب السعودي ببساطة لا يتعامل بجدية مع المراحل الاستعدادية كحال المشاركة الفعلية. وأضاف «صحيح أن مسيرة الكرة السعودية الأخيرة قد اعترضتها صعوبات ومعوقات كثيرة أدت لتراجعها نوعا ما ولكن تظل القضية المتوقفة في هذا الجانب على اللاعبين وما سيقدمونه في هذه البطولة من مستويات قائما على الإحساس بالمسؤولية الوطنية التي متى ما حضرت بشكل عال فبالتأكيد سيظهر المنتخب بعطاء مشرف». البراق: اتركوا وجهات النظر جانبا وطالب الإعلامي الرياضي خضير البراق الجميع بالالتفاف حول المنتخب السعودي في هذه الفترة الحرجة التي تمر على الكرة السعودية وترك وجهات النظر حول أداء المنتخب ونتائجه وعمل الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى ما بعد الانتهاء من البطولة، حيث تسبب الانقسام الواضح الذي حدث في الوسط الرياضي في حالة التراجع التي نعيشها ومنها ذهاب البعض إلى الانتصار للأندية ولأسماء اللاعبين كل حسب ميوله على حساب المنتخب، ودعا الجميع إلى توحيد الصف خلف المنتخب من أجل تحويل الحالة السلبية التي يعيشها اللاعبون إلى ثورة إيجابية في عطائهم بما يحقق المأمول منهم، وتأجيل كل وجهات النظر إلى وقت لاحق مع أن سوء النتائج لا يلغي العمل المقدم في الفترة السابقة، وشدد البراق على خشيته على المنتخب في مشاركته الآسيوية من عامل الفوارق الثانوية التي ربما أثرت على أداء اللاعبين العام والذين بلا شك يشعرون بحجم الأمانة الملقاة على عاتقهم بما يحفظ لرياضة الوطن منجزاتها السابقة. الأحمد: لاعبونا وقت الجد غير وعلق المعلق الرياضي ناصر الأحمد على أهمية المشاركة القادمة للمنتخب السعودي باعتبار أنها بطولة قارية، مطالبا الجميع بالوقوف خلف الأخضر ودعم لاعبيه وعدم الحكم على عطاءات المنتخب السابقة «عودتنا المنتخبات السعودية طوال مشاركاتها على أنها تكون في الموعد متى ما حمي وطيس المشاركة، فالنتائج التي خرج بها المنتخب السعودي في مقابلاته الودية الماضية لا تعطي حكما قاطعا على سوء إعداده أو بعده عن المنافسة لأن اللاعب السعودي اعتاد على عدم التعامل الجدي معها، ليكون هذا الظهور بارزا للعيان عند بداية التحدي الحقيقي فهو لا يرضى بالخسارة بتلك الصورة السهلة التي يعتقدها البعض»، صحيح أن التصور العام لمشاركة المنتخب في هذه التظاهرة لا يدعو لتفاعل الشارع الرياضي وتفاؤله، والذي ظهر نتيجة لعوامل متعددة يتحملها أطراف عدة يقف على هرمها الاتحاد السعودي ولجنة المنتخبات وهذا ما جعل الكثير يرى أن منافسة المنتخبات الآسيوية المشاركة يعد ضربا من المستحيل، ولكن فات على هؤلاء أن الأمور كلها بيد الله أولا ثم بأيدي اللاعبين الذين متى ما استشعروا المسؤولية فهم قادرون على تقديم ما يثلج الصدر. اللاعبون القدامى: ضرورة خلق روح التحدي ويؤكد اللاعبون الدوليون عبادي الهذلول وإبراهيم ماطر وعلي يزيد على أن الأهم في هذا التوقيت العمل على معالجة الأوضاع النفسية للاعبين بعد أن أخذتهم الأحداث الأخيرة والتنافس المحلي إلى أجواء الأندية، يضاف لذلك انشغالهم بالعقود، ولن نصل لهذه المرحلة إلا من خلال خلق روح التحدي داخلهم وتركيز أذهانهم على ما يدور داخل المستطيل الأخضر لا على خارجه التي لا بد أن تصل للاعبين خاصة في ظل الثورة الإعلامية وسهولة وصول ما يدور في كل مكان إلى اللاعب من خلال الوسائل المختلفة، وهذا ما يحتاج إلى جهد مضاعف من الأجهزة الفنية والإدارية للعمل على تحقيق إنجاز يعيد التوازن للكرة السعودية. صالح: لا تناموا في العسل ويرى اللاعب الدولي السابق والمحلل الرياضي عبدالله صالح أن الأحداث التي مرت على الكرة السعودية والتي انعكست على عطاء المنتخب في الفترة الأخيرة وجعلته بعيدا عن الترشيحات في كل مشاركاته التي كان هو صاحب النصيب الأكبر منها في الفترة السابقة لا يمكن حلها في يوم وليلة، حقيقة الوضع الذي يمر به المنتخب محرج للغاية وكل ما ننتظره هو حدوث مفاجأة تغير التوقعات، لأن الوضع العام الذي تعيشه الكرة السعودية غير صحي ولا يدعو للتفاؤل فسوء التخطيط وغياب الاستراتيجيات أوصلنا لهذه المرحلة الحرجة التي غيبت التفاؤل عن الشارع الرياضي في مشاركتنا الآسيوية لأن المنافسة أصبحت صعبة علينا في ظل هذه الأوضاع المتردية. وأضاف «حتى وان ساعدتنا الظروف قياسا بتقارب مستويات منتخبات مجموعتنا وتأهلنا للمرحلة القادمة، فيجب ألا ننخدع وننام في العسل بل يجب على جميع المنظومة الرياضية السعي لإعادة صياغة مسيرة الكرة السعودية». وأثنى عبدالله صالح على اختيار المدرب الروماني كوزمين لقيادة المنتخب في هذه الفترة لأنه مدرب تكتيكي وهذا ما نحتاجه في هذا التوقيت الضيق والذي قد يسهم بإصلاح بعض الأوضاع التي تقع غالبيتها على كاهل اللاعبين الذين هم من سيراهن عليهم من خلال أدائهم في المواجهات المنتظرة. الحمدان: اتحاد القدم هو السبب شن المدرب الوطني عبدالرحمن الحمدان هجوما لاذعا على الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجنة المنتخبات، واصفا الوضع بالمحبط في هذه المشاركة بعد أن أسهمت التخبطات وسوء الإدارة في تغييب المستوى الفني سواء على المستوى الفردي للاعبين أو الناحية الجماعية التي أفقدت الأخضر هيبته وحضوره، والتي اختتمت باستعارة مدرب لفترة محددة، معتبرا أن هذه الخطوة سلبية وغير مجدية لتتراكم الأخطاء من البطولة الخليجية التي وضعها المسؤولون الهدف الأهم ليخسرها المنتخب ويتم الاستغناء عن جهازه الفني بقيادة لوبيز الذي طالما قرر المسؤولون استمراره في المنافسة الخليجية أن يدعموا تواجده مع المنتخب حتى نهاية المنافسات الآسيوية، ليغيب الاتحاد السعودي بهذه الخطوة الاستقرار الفني للمنتخب الذي انعكس بالتالي على مستوياته ونتائجه، ليبقى الأمل معقودا بقدرة اللاعبين على الإحساس بالمسؤولية وسعيهم لمرضاة الجماهير السعودية؛ ليتمكنوا بالتالي من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة أن المنتخب يملك عناصر جيدة في يدهم بعد الله تحسين الأوضاع. الجماهير: المنافسة صعبة كما عبرت الجماهير السعودية التي التقت بهم «عكاظ» عن عدم التفاؤل بمشاركة المنتخب السعودي في نهائيات الأمم الآسيوية، حيث وصف عبدالرحمن السعد ومساعد الزيد وسعد الشريدي وتركي الشريدي ومسلم المسلم وعبدالله العيسى وعبدالله البريدي ومحمد أبو شريد وسعد القرني ومحمد الشعيفي أن الوضع صعب جدا لدخول المنتخب في دائرة المنافسة، حتى وان نجح بتخطي الأدوار التمهيدية قياسا بتقارب مستويات المجموعة الثانية، مرجعين ذلك لسوء الأوضاع التي تمر بها الكرة السعودية والتي أدت لتراجعها وتخلفها عن مسايرة الدول الأخرى إلى غياب التخطيط وعشوائية العمل من قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم، يضاف إلى ذلك قتل طموح اللاعبين السعوديين بما يتقاضونه من مبالغ خيالية حتى أصبح غالبيتهم أغنى من المسؤولين في الاتحاد السعودي أنفسهم، مطالبين المسؤولين بالتدخل لتقييم عقود اللاعبين بمشاركاتهم وبما يقدمونه مع المنتخبات الوطنية. السقا: شرارة النجاح والعودة ويختتم الدكتور صالح السقا أستاذ علم النفس الرياضي المشارك بجامعة الملك سعود الحديث حيث يقول: «يجب أن نفرق بين شعور الشارع الرياضي والإعلامي المعارض ونظرتهم التشاؤمية حول الأداء العام للمنتخب السعودي، وما بين إحساس اللاعبين أنفسهم وإيمانهم بقدراتهم والتي أن واكبت شعور الشارع الرياضي السلبي فهي مصيبة عظيمة وكارثة منتظرة، ولكن ما يدعو للتفاؤل أن اللاعبين السعوديين قد وصلوا إلى درجة كبيرة من الاحترافية على المستوى الرياضي وإيمانهم بأن نتائج المنافسات هي خسارة أو فوز وهذا ما يتوجب عليهم العمل الجاد والتفاني لتقديم العطاءات المميزة دون النظر إلى النتائج التي ليست بالضرورة تعكس واقع العطاء المقدم، فالتركيز من قبلهم على الأداء المشرف دون سواه هو من سيوصلهم لتحقيق النتائج الإيجابية». وحول النظرة التشاؤمية التي عمت الوسط الرياضي ومدى تأثيرها على نفسيات اللاعبين ما ينعكس سلبيا على عطائهم داخل الميدان قال الدكتور صلاح: «كما أسلفت متى ما كان شعور اللاعبين مخالفا لإحساس الشارع الرياضي السلبي فلا خوف عليهم بل قد يكون ذلك عاملا إيجابيا يصب في مصلحتهم من خلال خلق التحدي وروح المنافسة في أنفسهم ما يؤدي بهم إلى التغلب على العقبات وسد نواحي النقص في بقية المنظومة التي قد تحدث من المسؤولين أو الأجهزة الإدارية والفنية المشرفة عليهم، فالخلاصة أن الأحداث السلبية التي تصاحب أي مشاركة قد تكون هي شرارة النجاح والعودة».