لم أكن أتوقع أن أحياء شمالي جدة وهي أحدث أحياء المحافظة تعاني من الأهمال وطفح الصرف الصحي والارصفة المكسرة والشوارع التربية، فقد ارتسمت على ملامحها شيخوخة مبكرة رغم أنها احياء جديدة. وأنت تتجول في الطرق الضيقة غير المنظمة والممرات المكسرة تلمح بأم عينيك طفح مياه الصرف الصحي التي أصبحت مزمنة وامتلأت بالفطريات. كما أن مباني هذه الأحياء ترهلت بحيث أصبح لا يوجد فرق بينها وبين أحياء جنوبجدة فقد تحولت الأحياء الحديثة الى احياء قديمة. «عكاظ» حاورت بعض سكان تلك الاحياء وكان لسان حالهم ينتظر مشاريع تطويرية في المنطقة، مؤكدين أن أحياء عشوائية في الشمال مثل البوادي، والصميدات، والربوة، والسلامة، تعاني من ضعف في البنية التحتية للمنطقة وتقوم الامانة والكهرباء بعدة مشاريع تنموية في الوقت الحاضر تمثلت في انشاء طرق وجسور وانفاق جديدة كذلك تزويد الاحياء بمحطات تقوية كهرباء جديدة، واستكمال مشاريع الصرف الصحي ضمن منظومة المحافظة. وقال محمد القرني من سكان المروة ان مياه الصرف الصحي تتسرب في الحي منذ شهور ورغم البلاغات المقدمة الا انه دون تفاعل فاضطررنا الى سحبها ومحاولة علاجها على حسابنا الخاص ولكنها سرعان ما تعود مرة اخرى الى التسرب فتجبرنا على تحمل روائحها واضرارها. من جهته أوضح ناصر الفارسي أن العمالة المخالفة تمتهن العديد من المخالفات بعيدا عن الرقابة فقد تحولت بعض المنازل إلى مصانع عشوائية غير نظامية تنتج الجبس وتصنيع الملابس والأسفنج وتؤوي العمالة المخالفة وتعمل دون تصريح وبعيدا عن الرقابة. وأوضح محمد اليامي أن بعض العمالة حولت اسطح البيوت التي تسكن فيها إلى مستودعات للبضائع متجاهلين انظمة السلامة في المنازل فمثلا بالقرب من منزلي افارقة حولوا سطح منزلهم الى مستودع للمفروشات والاسفنج فلو حدث حريق ستكون النتائج وخيمة اذ ان المنازل الشعبية متجاورة ومتلاصقة. من جهة أخرى تخوف يحيى الحربي من سكان حي البوادي الشعبي بشمال جدة من تزايد اعداد العمالة الافريقية المخالفة في الحي والتجاوزات غير الأخلاقية التي يقومون بها ومن مصير هذا الحي خلال الاعوام المقبلة. وأضاف أن وجود مصانع الجبس التي انتشرت في الحي بطريقة مفجعة وما تبعتها من عوامل صحية مؤثرة للسكان وزيادة في عدد العمالة التي تقوم فتح محلات تجارية عشوائية غير نظامية واتخاذ بعض المباني المجاورة للسكان الحي سكنا للشركات من هذه العمالة والبعض الآخر استغل هذه المنازل للأعمال المشبوهة، حيث ان حي البوادي من اكبر الأحياء الشعبية في جدة حيث يتوسط شارع الستين وشارع المكرونة شرقا وغربا. واستغرب عيسى الحربي من وجود من مصانع الجبس بشكل كبير في الحي، وما يصاحب ذلك من مواد كيمائية وما قد ينتج عنها أضرار صحية مستقبلية لسكان الحي، واستغرب من عدم تدخل البلدية وإغلاق هذه المصانع في الحي. وأوضح خالد المهران أن العمالة الاسيوية والأفريقية تتصدر قائمة الوافدين في حي البوادي ويعملون في المحلات التجارية العشوائية داخل الحي وفي مصانع مخالفة ويسكنون في منازل عشوائية متهالكة قريبة من عوائلنا، مما اجبرنا على الخروج من الحي الى مكان آخر. وقال انه يسكن في بيت بالإيجار بعد أن كان يسكن في منزل يخصه بسبب احدى الشركات التي قامت ببناء احد الاحواش المجاورة للمنزل وتسكين 500 عامل بنجلاديشي بالقرب من عائلته «مما اجبرني على الرحيل وتأجير منزلي على اجانب والهروب الى منزل اخر خوفا من العواقب». ويقول ماجد الحارثي ان البوادي يقطنه اكثر من 10 آلاف عامل أجنبي أكثرهم عزاب، وهذا ما وصفه بالامر المؤسف، بالإضافة الى المصانع العشوائية التي خنقت سكان الحي. واضاف الحارثي ان البوادي من الأحياء القديمة في شمال جدة واشتهر بالتجارة عبر شوارعه حيث تحولت مخارج الحي الى محلات تجارية، وساعد في اجتذاب السكان اليه ودفع الوافدين لفتح محلات عشوائية داخل الحي، مؤكدا ان الحي يعاني إهمالا في الخدمات البلدية والبنية التحتية التي يحتاجها أي حي حديث، وزاد الامر سوءا وجود بعض العمالة الافريقية التي امتهنت المخالفات غير الأخلاقية في الحي تحت عباءة مهنة غسل السيارات. ويقول ماجد دغريري من سكان السلامة الشعبي ان الحي يعج بالمخلفات والاوساخ بسب غياب النظافة وتراكم الأوساخ وتسرب مياه المجاري، وطالب بسرعة إيجاد حلول لها حيث تفاقمت نسبة البكتيريا في الحي بسبب الإهمال. من جانبه، قال مصدر مسؤول في أمانة جدة، ان جميع أحياء محافظة جدة تحظى بكل اهتمام دون تفضيل حي على آخر، مضيفا ان أحياء شمال جدة تحظى بمشاريع جديدة في الطرق والكباري والانفاق لتسهيل الحركة والكثير من تلك المشاريع قد تم انجازها ولم يبق سوى مشاريع بسيطة، كما أن أحياء شمال جدة خلال الشهر الماضي خضعت لتجديد واعادة سفلتة شوارعها الداخلية والخارجية ولا تزال الفرق المشاركة تعمل على ذلك لانجازها ضمن خطة من ثلاث مراحل، وفي ما يخص الاسواق والعمالة هناك شروط معينة لاي محل تجاري ولا يجوز البيع العشوائي دون تراخيص وهناك فرق ميدانية تقوم بالمراقبة واغلاق المحلات المخالفة وتغريم اصحابها، كما أن للنظافة النصيب الأكبر من الاهتمام حيث تسعى الامانة الى رفع المخلفات والاوساخ من الاحياء بشكل يومي ومراقبة العمالة بشكل يومي للتأكد من رفع المخلفات. وأوضح المصدر أن أمانة جدة ترفض وجود مصانع للجبس داخل الأحياء الآهلة بالسكان وتعرف مدى خطورتها على صحة المواطنين، وقد حددت لهم مناطق تواجد ومزاولة بيعه، وقامت البلديات بإزالة مصانع الجبس المخالفة للانظمة في شمال جدة في أحياء النزهة والبوادي والربوة، ووعدت بالوقوف على هذه المصانع المخالفة وإذا ثبتت مخالفتها للانظمة سوف تزال وتطبق العقوبات في حق المتجاوزين.