ترتسم ملامح الشيخوخة على مباني وشوارع أحياء شمال جدة، وهي أحدث أحياء المحافظة ويسكنها ما يقارب المليون شخص، جراء إهمال الجهات المعنية، حيث تلحظ عند التجول فيها الطرق الضيقة غير المنظمة والممرات المكسرة التي تطفح فيها مياه الصرف الصحي منذ شهور، كذلك تلاحظ سوء تخطيطها وعشوائية المنازل، إذ تجد أحياء شعبية مهترئة دون بنية تحتية والمخلفات تملأها وتلاصقها منازل منظمة وفارهة التصميم بها كل الخدمات، وتتعجب من عدم الفرق بينها وبين أحياء جنوبجدة القديمة، فقد تحولت الأحياء الحديثة إلى قديمة في أقل من 35 عاما من إنشائها. وذكرت بيانات من جهات حكومية ل «عكاظ» أن عدد سكان شمال جدة يقارب المليون شخص، وتوجد فيها أحياء عشوائية هي البوادي والصميدات والربوة، السلامة، وتعاني من ضعف في البنية التحتية للمنطقة وتقوم الأمانة والكهرباء بعدة مشاريع تنموية في الوقت الحاضر تمثلت في إنشاء طرق وكباري وأنفاق جديدة كذلك تزويد الأحياء بمحطات تقوية كهرباء جديدة، واستكمال مشاريع الصرف الصحي ضمن منظومة المحافظة. قال خبتي القرني من سكان المروة إن مياه الصرف الصحي تتسرب في الحي منذ شهور ورغم البلاغات المقدمة إلى الامانة إلى أنهم لم يفاعلوا معنا فاضطررنا إلى سحبها ومعلاجتها على حسابنا الخاص، ولكنها سرعان ما تعود مرة أخرى إلى التسرب فتجبرنا على تحمل روائحها وأضرارها. ويضيف ناصر الفارسي بأن العمالة المخالفة تمتهن العديد من المخالفات بعيدا عن الرقابة فقد تحولت بعض المنازل إلى مصانع عشوائية غير نظامية في الجبس وتصنيع الملابس والأسفنج ولإيواء العمالة المخالفة وتعمل دون تصريح وبعيدا عن الرقابة. وأوضح محمد الجيزاني أن بعض العمالة حولت أسطح منزلها إلى مستودعات للبضائع، متجاهلين أنظمة السلامة في المنازل، وقال: بالقرب من منزلي أفارقة حولوا سطح منزلهم إلى مستودع للمفروشات والأسفنج، فلو لا قدر الله حدث حريق سوف تكون النتائج مخيفة، إذ إن المنازل الشعبية متجاورة ومتلاصقة. من جهة أخرى تخوف يحيى حمدي من سكان حي البوادي الشعبي بشمال جدة من تزايد أعداد العمالة الأفريقية المخالفة في الحي والتجاوزات غير الأخلاقية التي يقومون بها ومن مصير هذا الحي خلال الأعوام المقبلة. وأضاف أن وجود مصانع الجبس التي انتشرت في الحي بطريقة مفجعة وما تبعتها من عوامل صحية مؤثرة للسكان وزيادة في عدد العمالة التي تقوم بفتح محلات تجارية عشوائية غير نظامية واتخاذ بعض المباني المجاورة للسكان الحي سكنا للشركات من هذه العمالة، والبعض الآخر استغل هذه المنازل للأعمال المشبوهة، حيث إن حي البوادي من أكبر الأحياء الشعبية في جدة، حيث يتوسط شارع الستين وشارع المكرونة شرقا وغربا. وتضجر عيسى المزمومي من وجود مصانع الجبس بشكل كبير في الحي، وما يصاحبه ذلك من مواد كيمائية وما قد تنتج عنها أضرار صحية مستقبلية لسكان الحي.. واستغرب من عدم تدخل البلدية وإغلاق هذه المصانع في الحي. وتمنى المزمومي إغلاق هذه المصانع الخاصة للجبس من الحي أو نقلها من داخلها حتى يستطيع الحي التنفس من روائح الجبس المنتشرة في الحي. وأوضح خالد المهران أن العمالة الآسيوية والأفريقية تتصدر قائمة الوافدين في حي البوادي ويعملون في المحلات التجارية العشوائية داخل الحي وفي مصانع مخالفة ويسكنون في منازل عشوائية متهالكة قريبة من عوائلنا، مما أجبرنا على الخروج من الحي إلى مكان آخر. وقال خالد المهران إنه يسكن في بيت بالإيجار بعد أن كان يسكن في منزل ملك؛ بسبب إحدى الشركات التي قامت ببناء أحد الأحواش المجاورة للمنزل وتسكين 500 عامل بنجلادشي بالقرب من عائلته، مما أجبره على الرحيل وتأجير منزله على أجانب والهروب إلى منزل آخر خوفا من العواقب. ويقول أحمد الحربي إن مداخل الحي مغلقة وتشتهر بالزحام بسبب تعمد بعض العمال غير النظاميين والذين يتمركزون على شارع الستين بالوقوف في هذه المداخل وإغلاقها بسياراتهم فيصعب الدخول والخروج وازدات لتصبح ظاهرة في حي البوادي، فتوجهنا لإبلاغ جهات رقابية والتي أبعدتهم على الفور ولكن سرعان ما عادوا للوقوف. ويقول ماجد الحارثي إن حي البوادي يقطنه أكثر من 10 آلاف عامل أجنبي أكثرهم «عزاب»، وهذا ما وصفه بالأمر المؤسف، بالإضافة إلى المصانع العشوائية التي خنقت سكان الحي. وأضاف الحارثي أن البوادي من الأحياء القديمة في شمال جدة واشتهر الحي بالتجارة عبر شوارعه، حيث تحولت مخارج الحي إلى محلات تجارية، وساعد في اجتذاب السكان إليها ودفع الوافدين بقتح محلات عشوائية داخل الحي، مؤكدا أن الحي يعاني إهمالا في الخدمات البلدية والبنية التحتية التي يحتاجها أي حي حديث، وزاد الأمر سوءا وجود بعض العمالة الأفريقية التي امتهنت المخالفات غير الأخلاقية في الحي تحت عباءة مهنة غسيل السيارات. ويقول ماجد دغريري من سكان السلامة الشعبي إن الحي يعج بالمخالفات والأوساخ بسبب غياب النظافة وتراكم الأوساخ وتسرب مياه المجاري، وطالب بسرعة إيجاد حلول لها حيث تفاقمت نسبة البكتيريا في الحي بسبب الإهمال. ويضيف محمد قيسي أنه من ضمن المشاكل التي يعاني منها الحي عدم تنظيم ضخ المياه في المنطقة فتجد بعض المنازل تضح المياه فيها بشكل مستمر ومنتظم، والبعض الآخر لا تضخ فيها المياه بشكل منتظم وبكمية ضعيفة. من جانبه، قال مصدر مسؤول في أمانة جدة، إن جميع أحياء محافظة جدة تحظى بكل اهتمام دون تفضيل حي عن آخر، مضيفا بأن أحياء شمال جدة تحظى بمشاريع جديدة في الطرق والكباري والأنفاق لتسهيل الحركة والكثير من تلك المشاريع قد تم إنجازها ولم يبق سوى مشاريع بسيطة، كما أن أحياء شمال جدة خلال الشهر الماضي خضعت لتجديد وإعادة سفلتة شوارعها الداخلية والخارجية، ولا تزال الفرق المشاركة تعمل على ذلك لإنجازها ضمن خطة من ثلاث مراحل. وأوضح المصدر أن أمانة جدة ترفض وجود مصانع للجبس داخل الأحياء الآهلة بالسكان وتعرف مدى خطورتها على صحة المواطنين، وقد حددت لهم مناطق التواجد ومزاولة بيعه، وقامت البلديات بإزالة مصانع الجبس المخالفة للأنظمة في شمال جدة في أحياء النزهة والبوادي والربوة، ووعدت بالوقوف على هذه المصانع المخالفة، وإذا أثبتت مخالفتها للأنظمة ستزال وتطبق العقوبات الغرامية في حق المتجاوزين. من جهته، قال مدير كهرباء جدة الدكتور عبدالعزيز المطوع إن كهرباء المنطقة الغربية تطبق خطط مواجهة ارتفاع الأحمال في بعض المناطق مما يتسبب في انقطاعات متكررة ومنها أحياء شمال جدة، وتم إنشاء مواقع جديدة جدة لدعم بعض المناطق من الحمولات العالية، بالإضافة إلى الاحتياطات الأخرى.