من قال لكم إن المسلمين فقراء بالإبداع والخيال؟!، الذي يقول مثل هذا الكلام (ما عنده سالفة). ولكي أدلل لكم على واحد فقط من عباقرتهم، فقد وقع اختياري على العلامة (القزويني). وها أنذا أقتطف لكم في هذه العاجلة بعضا من شطحاته التي أعتبرها في حكم الحقائق وذلك في كتابه الممتع الموسوم بعنوان: (مفيد العلوم ومبيد الهموم). يقول عمنا القزويني: إنه في مدينة (بابل) هناك مرآة من حديد، فإذا غاب الرجل في مكان وأرادوا أن يعلموا مكانه، فإنهم ينظرون في تلك المرآة فيبصرونه ويعرفون أين هو حتى لو كان مختبئا في كهف من الكهوف تحت الأرض. كما أنه هناك شجرة كبيرة ضخمة لا يصل إلى ساقها أحد، ومن الممكن أن يجلس تحتها ألف رجل فتظلهم بظلالها، ولكن إذا زاد على الألف رجل واحد جلسوا كلهم في الشمس. وأعجب منها شجرة في البادية على طريق الشام، تترامى من أغصانها بالليل جمرات من النار، وإذا أخذ منها ورقة تنكتم وتتحول الجمرات إلى فحم. وفي الهند شجرة يأوي إليها الببغاء، فإذا غرس أحد فيها سكينا أو مسمارا ينصب منها دم كدم الآدمي. أما شجرة البلبل فهي حقا من المعجزات، فأوراقها متوحشة، فإذا جاء المطر تلتف الأوراق بالشجرة ولا يصل إليها من المطر ولا قطرة واحدة. وفي بيعة مصر هناك ديك معمول من الذهب ومعلق في منقاره فتيلة، وتحت الديك قناديل معلقة، وما أن تنطفئ تلك القناديل حتى يصدر ذلك الديك صوتا قويا، فتشتعل تلك القناديل دفعة واحدة، ولا يدري كيفية ذلك أحد، يا سبحان الله!! وهناك جبل في (ديار كرمان) من أخذ منه حجرا وشقه نصفين يرى في جوفه صورة آدمي جالسا أو قائما، وقد منع الوالي أخذ تلك الحجارة وفلقها، لأن بعضا يحتوي على صور نساء عاريات – والعياذ بالله –. والحجارة (الصحية العلاجية)، هي في ديار المغرب إذ أنها تتشكل على صورة الفئران، وكل بيت يوضع فيه حجر من تلك الحجارة لا يدخله الطاعون. وغيره حجر في بلاد الترك، متى ما سحقه أحدهم بالآخر تمطر السماء. أما (ألطف) حجر من تلك الحجارة التي ذكرها القزويني فهو حجر يقال له: (الجزع)، ومتى ما وضعته المرأة بين يديها وهي في حالة (الطلق) يسكن وجعها نهائيا، أما إذا وضعته الغادة البكر في حضنها أخذت تصيح بأهلها وهي تنتف شعرها كالمجنونة قائلة لهم: زوجوني، زوجوني، زوجوني. وللأسف أن القزويني لم يذكر في أي الديار يوجد ذلك الحجر اللطيف، لأنني لو عرفت مكانه لذهبت إلى هناك فورا وحملت منه شحنة سيارة (ترلا) كاملة، وأفتح مكانا لبيعها حجرا حجرا، وأساوم بها جميع الزبونات، ويا لها من تجارة رابحة ومبروكة.