إذا توفي عند قوم قريب أو زميل أو صديق، فإن قصص الموت التي حصلت قبله تفتح على مصراعيها فيسمع الإنسان منها الغرائب والعجائب فهل ما يسرد في هذه المناسبات الحزينة المؤلمة يراد منه تعزية أهل المتوفى أم استخلاص العبر أم الاستعداد للموت الذي قد يأتي بغتة أم لهذه الأسباب كلها مجتمعة؟ وقد شهدت مثل هذه المواقف عدة مرات خلال حضوري مراسم دفن أو عزاء أقارب وجيران وزملاء وأصدقاء ويكون الأشد فاجعة موت الفجاءة الذي يحصد ضحاياه دون مقدمات مع أنه قد يكون أمنية عند بعض الناس وأعرف عدة حالات كان أصحابها يدعون ربهم بأن يكون موتهم خفيفاً وألا يسبقه مرض وعجز شديد ومعاناة لأهلهم فاستجاب الله دعاءهم، وأعرف منهم شيخاً كان عندما يتوضأ بهمس قائلا: خفيفة يا رب خفيفة فلم أعرف مراده إلا عندما بلغني أنه كان في يوم من الأيام يتوضأ لصلاة العصر فلما أكمل وضوءه أسلم الروح للبارئ العظيم. ومما سمعته مروياً من قصص الموت أن مواطناً نزل من سيارته التي كان يقودها على خط سريع بعد ملاحظته أن «كفر» السيارة قد بنشر فجلس القرفصاء لإصلاحه فمرت بجواره شاحنة من نوع «تريلا» انفلت منها كفر من كفراتها العشرة واتجه نحوه وضربه في ظهره فقضى عليه، ولما سمع أحد الحضور الحكاية سارع إلى سرد حكاية مماثلة خلاصتها أن مصوراً تلفازيا كان يصور سباق سيارات من على برج مكشوف مخصص للتصوير، فانقلبت إحدى سيارات وطارت في الهواء وانخلع كفر من كفراتها واتجه نحو المصور فلطمه على وجهه فخر بكاميرته على الأرض وفارق الحياة! ورأت امرأة عجوز رؤيا أن الطائرة التي سيسافر عليها ابنها سوف تسقط بمن فيها من الركاب، فلم توقظه ليلحق بالرحلة وتركته نائماً عدة ساعات فلما بلغها أن ما رأته في منامها قد تحقق ركضت لتوقظه وهي سعيدة بنجاته من الرحلة المشؤومة فوجدته قد فارق الحياة!!، ولو أردت سرد مائة حكاية لفعلت ولتسببت في نشر الوساوس بين الناس ولكن ما ذكر يكفي. وأخيراً فقد لاحظت أن بعض المعزين تتحسن أخلاقهم خلال أيام العزاء الذي يذكرهم بالموت وما بعده! فإذا انقضت لياليه نسي كل شيء وعاد إلى سيرته الأولى من حش وفحش وظلم ونميمة وعادات ذميمة، وهناك من لا يفارق كل ما ذكر حتى عندما يتبع جنازة في المقابر؟!