حين اتسع حضور إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ وانفتحت قنواته حول العالم، عرض على أحد المستشارين في البيت الأبيض إدارة القنوات الإخبارية وتقديم ما يرى من خبرة تضمن بقاء جذوة الإثارة مشتعلة حول طرحها وتغطيتها وفعالياتها. في أول لقاء جمع المستشار مع مردوخ لم يزد على توضيح منهج واحد لسياسة بث الأخبار.. تحفز إمبراطور الإعلام واقترب منه، متسائلا: وما هي هذه السياسة؟ أجاب بهدوء: أن تملك الحقيقة في الرأي وتضع الجدل في الخبر! بظني أن هذه السياسة ليست على وجه واحد، وبالتالي فالحقيقة الظاهرة إعلاميا لها عدة وجوه، تتبع رغائب الغايات الملوثة، ويمكن القياس على ذلك.. لكن الأهم في هذه المعادلة جدلية الخبر، أي وهذا حسب فهمي حضور الشيء ونقيضه، صناعة الباطل وادعاء الحق، الارتفاع بصوت الديمقراطية والتعامل الديكتاتوري مع أجل تحقيق المصالح.. الحضور في المشهد والبقاء بعيدا في ذات اللحظة. من هنا بدأنا نرى العالم يموج في صراعات مفتعلة وإثارات موجهة وآراء لا تكاد تستقر على حال من الجدل. إنني أنظر لكل ما يحدث من زاوية المقارنة لا التحليل، هذه النظرة أوضح كثيرا من غبش الدخول العميق في الحدث ومباعث الجدل الذي لا ينتهي.. هذا، مع اعترافي بضعف مواردي في أمور السياسة، لكن فعلا المقارنة تختصر جهدا كبيرا فيما اعتقد. لو تأملنا بعين المقارنة سنرى أن الخطأ الذي يستوجب تدخل المجتمع الدولي في مكان ما، هو ذاته الصواب الذي لا يلزم النقاش ولا التدخل في غير مكان. ماذا يعني هذا؟ هل نحتاج لبحث الأمر وتحليله على طاولات وبرامج وجهات متعاكسة؟ وهل الأمر غائر لا يمكن رؤيته بداهة؟ من المتعب حقا أن يتكرر الشيء ذاته ونظل نرى من يحوم على تحليل الأمر وقراءته بطريقتين، الأولى: تدين. والثانية: تبرر. وفي النهاية نرى أن الذي ينكشف في المأساة ليس الدم ولا القتلى.. إنه الضمير.