أجمع المشاركون في الدورة الثامنة للقاء الخطاب الثقافي السعودي «التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية» على أن الحاجة الماسة لسن قانون يجرم العنصرية، وتشديد العقوبة في ذلك إلى حد حرمان مرتكب الجريمة من حقوقه الوطنية، واتفقوا في ختام أعمال اللقاء الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مدار اليومين الماضيين واختتم أعماله أمس بجدة، على أن التصنيفات الفكرية تؤدي إلى التطرف والتطرف يولد العنف والإرهاب الذي يفتت الوحدة الوطنية، ودعوا إلى الخروج برؤية وطنية شاملة حول كيفية تجنب التصنيفات الفكرية السلبية والإقصائية التي تمس السلم الاجتماعي ومعوقات الوحدة الوطنية وتعمل على إشاعة قيم الوسطية والاعتدال والتسامح بين جميع مكونات المجتمع السعودي، على أن يتشكل فريق عمل من المفكرين والمهتمين بالشأن العام، بإشراف المركز لصياغة هذه الرؤية ضمن منطلقات وأهداف وآليات يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وأكدوا أن المجتمع السعودي مجتمع متنوع ويعيش في زمن التعددية الثقافية، وهذا عنصر قوة ودعم للوحدة الوطنية التي هي مطلب الجميع، لافتين إلى أن كل ما يعزز تنامي لحمة الوحدة الوطنية مطلوب ومرغوب وكل ما يهددها مرفوض، مضيفين أن الحراك الثقافي والفكري للمجتمع السعودي هو ظاهرة صحية وانعكاس لثراء وتنوع مكوناته طالما أنه محكوم بالضوابط الأخلاقية الدينية والوطنية التي تحترم التنوع ولا تنتقص من آراء وأفكار أي مواطن أو مواطنة، وأوضحوا أن التصنيفات الفكرية الجائرة تؤدي إلى انعدام الثقة بين أبناء المجتمعين وانعدام الأمر والاستقرار والتحزب والحرب الكلامية والتصادم الحقيقي بين فئات المجتمع، وأن المملكة تعمل منذ تأسيسها على تحقيق الاندماج والسلم الاجتماعي لجميع مكونات وأطياف المجتمع السعودي، في إطار الوحدة الوطنية التي ترتكز على قيم الإسلام وسماحته، وتدعو إلى اجتماع الكلمة والمحافظة على الاستقرار، تمشيا مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظة الله عندما قال: «أرى أنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، فهذا علماني وهذا ليبرالي، وهذا منافق، وهذا إسلامي متطرف، وغيرها من التسميات، والحقيقة هي أن الجميع مخلصون إن شاء الله ولا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل أن هناك ما يدعو للشك لا سمح الله»، وأعربوا عن أملهم أن تؤدي مخرجات اللقاء الثامن إلى تصحيح المسار وتصويب المفاهيم التي اختلط فيها الصواب بضده، لكي لا تسفر هذه التصنيفات إلى تكوين تكتلات وتحزبات يبغض بعضها بعضا بما قد يقود إلى التصادم بين أبناء المجتمع الواحد الذي يشكل خطرا على مصالح الوطن والمواطنين، وعبر المشاركون عن عدم ارتياحهم مما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي من تراشقات واتهامات تصل إلى لغة غير مقبولة بين مختلف أطياف ومكونات المجتمع السعودي، وشددوا على أن تهذيب لغة الحوار عبر هذه الوسائل هو مسؤولية أسرية تربوية إعلامية مجتمعية مشتركة، مع التوصية بسن تنظيم يقنن إجراءات جزائية ضد الكراهية والعنصرية والتعدي على حقوق وحرمات الآخرين، طالبوا بإقامة الحملات الوطنية «الإعلامية والتوعوية» التي تهدف إلى نشر ثقافة الحوار الإيجابي وأدب الاختلاف، وأن يقوم المركز بتنسيق ذلك مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة الثقافة والإعلام. وكان المشاركون قد ناقشوا، في جلسة صباح أمس، عددا من محاور اللقاء، منها محور (كيف نعزز وحدتنا الوطنية في إطار التنوع الفكري في مجتمعنا السعودي؟)، واتفقوا على أن الأغلبية الوسطية في المجتمع السعودي لا تسلم من التأثر بالرأي العام حول التصنيفات الفكرية، دعوا وزارة التربية والتعليم إلى التأكيد على مبادئ التعايش مع الآخر وإيجاد منابر موجهة للمجتمع من خلال برامج عملية تعبر عن ثوابت وقيم المجتمع بما يعزز الثقة والتعايش الذي يقوم على سماحة الدين ويعمق بدوره الوحدة الوطنية.