أجمع المنتمون للوسط الرياضي على أن الحضور الجماهيري في المسابقات الكروية يعد بمثابة أداة رسم جميلة تضفي على التنافس الشريف رونقا خاصا وبهاء منفردا، وذلك من خلال التفاعل بالحضور والمساندة والتشجيع لعناصر الفريق بهدف التحفيز وشحذ الهمم لخطف الانتصار بالطرق المشروعة ومعانقة الفرح في أبهى صورة، مشددين على أن روح الألفة والمحبة والاحترام تجمع ابناء هذا الوطن المترابط والمتشبع قيما وأخلاقا من ديننا الحنيف وبالتالي وقفوا جميعا سدا منيعا امام التجاوزات العنصرية المسيئة الصادرة من فئة قليلة لا تمثل الكل، موجهين من خلال هذا التحقيق جملة من الحلول للحد من هذه الظاهرة الممقوتة قبل ان تستشري في مجتمعنا بصفة عامة. «عكاظ الأسبوعية» أخذت آراء عدد من المختصين وأصحاب العلاقة بالشأن الرياضي.. فماذا قالوا؟ المسحل: الرياضة تجمعنا بداية وجه المدير التنفيذي لرابطة دوري المحترفين ياسر المسحل حديثه صوب محبي وعشاق الرياضة بوجه عام ولعبة كرة القدم على وجه الخصوص كونها تحظى بحب واهتمام شريحة واسعة من الجماهير، مذكرا ان كرة القدم بدأت في الأصل على انها لعبة للترويح عن النفس والتسلية، ويجب ان تستمر على انها لعبة تضفي اليها الأجواء التنافسية مزيدا من المتعة وهو سر جمالها وتعلقنا بها، وعلينا أن لا ننحرف عن هذا المسار بتصعيد الامر الى التعصب وتوجيه ألفاظ عنصرية وعبارات شتم تحملنا آثاما نحن في غنى عنها خاصة أن ديننا الحنيف مليء بالتوجيهات والتنبيهات التي تحذر من الانزلاق في هذا الجرف الخطير. أبو راشد: علينا الاستفادة من التجارب السابقة من جهته أكد عضو شرف النادي الاهلي المحامي خالد أبو راشد أنه يفترض علينا الاستفادة من التجارب السابقة بالإضافة الى تجارب الدول الأوروبية المختلفة والتي تتضمن تنصيب كاميرات تصوير موزعة على جنبات الملعب كوسيلة لإثبات الحالة على الجمهور حتى نتمكن من الانتقال للخطوة الثانية وهي اصدار الأحكام واقرار العقوبة الرادعة بموجب اللوائح والأنظمة، مشيرا الى أن المعمول به حاليا في ملاعبنا هو الاعتماد على تقارير الحكام، مختتما حديثه بمطالبة الاعلام وخاصة البرامج الرياضية والمسؤولين عن الأندية بالتفاعل مع القضية بنحو ايجابي من خلال البعد عن المهاترات والتصريحات والتشكيك في ذمم الآخرين. الزهراني: المقياس هو التقوى وفي السياق ذاته اوضح لاعب الاتحاد السابق خميس الزهراني ان مقياس التفاضل بين الناس هو التقوى مطالبا الجماهير بمراعاة الله فيما يقولون فربما تلقي كلمة لا تلقي لها بالا تهوي بك في النار سبعين خريفا، لذلك على المشجع أن يحضر للملعب بغرض المتعة والاستمتاع بالتسعين دقيقة ونقل صورة حسنة عن المجتمع المحيط به، مطالبا ادارات الاندية بشن حملات تثقيفية تتولاها مجالس إدارات الاندية بالتعاون مع الاعلاميين على مستوى الرياضة السعودية تحمل عنوان (الرياضة تجمعنا). السليمان: أحد مخرجات التعصب من جهته ارجع الدكتور محمد السليمان سبب ظهور الالفاظ العنصرية والعبارات المسيئة الى غياب الوعي المتمثل في عدم فهم بعض الجماهير للتنافس الشريف، الى جانب ضعف الرادع والعقاب، مبينا ان العنصرية هي أحد مخرجات التعصب السلبي المبني على كراهية الطرف الآخر، مطالبا بتضافر الجهود من قبل المجتمع لانهاء هذه المعضلة قبل ان تنتشر على نحو اوسع. القرني: لابد من عقوبات صارمة من جانبهم اجمع رؤساء روابط الأندية على أن دورهم في ضبط الجماهير خلال المباريات يعد ضربا من الخيال وصعب جدا في ظل الامكانيات المحدودة المسموح بها والمتمثلة في مكبر صوت واحد يكفل لهم التواصل مع مجموعة الجماهير المحيطين فقط بالرابطة دون غيرها، وهو ما ساعد على ارتكاب الجماهير البعيدة لمخالفات لفظية وفعلية كرمي العلب الفارغة والعصي وغيرها دون أن يكون للروابط دور في ردعهم وتنبيههم على الخطأ اثناء وقوعه، وبناء على ذلك دعا رئيس رابطة نادي الاتحاد صالح القرني لجنة الانضباط الى فرض عقوبات صارمة على الأندية تسهم في ضبط تصرفات الجماهير الحاضرة للمدرج تتمثل في خصم عدد من نقاط الفريق الأول للعبة نفسها سواء كانت كرة قدم أو غيرها من الالعاب المختلفة، مذكرا ان دور الجماهير في المدرجات هو التشجيع والمساندة لعناصر الفريق من اجل تحفيزهم لتقديم عطاء مضاعف داخل المستطيل الأخضر ومشاركتهم الفرح حال الفوز ورفع معنوياتهم في حال الخسارة، وطالب القرني مسؤولي رابطة دوري المحترفين بعقد عدد من الاجتماعات مع رؤساء روابط الاندية للوقوف عن قرب على حجم المعاناة التي تواجهها الروابط وتلمس احتياجاتهم ومعرفة متطلباتهم لنخرج سويا بحلول تنهي مثل تلك التجاوزات المرفوضة من قبل الجميع. البرقاوي: نحتاج ورشات تثقيفية من جانبه حذر سعود البرقاوي رئيس رابطة النادي الأهلي من انسياق العدد الأكبر من الجماهير الحاضرة للمناسبات الرياضية خلف قفزات فئة قليلة من الجماهير على نص الروح الرياضية، مطالبا بعدم التجاوب معهم خاصة أن الهدف الأساسي من الحضور هو تشجيع الفريق ومساندته ولا نحمله غرامات وخسائر مالية هو في غنى عنها بسبب تصرف أرعن من اشخاص وبكل أسف ينتمون للنادي ويعشقون الكيان ولكنهم لا يدركون حجم المسؤولية المترتبة على مثل تلك التصرفات المرفوضة والممقوتة من المجتمع ككل، وتمنى البرقاوي في ختام حديثه على الاعلام وخاصة البرامج الرياضية عقد ورشات عمل تثقيفية وإرشادية خاصة أن المدرج بحاجة ماسة لمثل هذا النوع من الورش كونه يضم ثقافات مختلفة وأعمارا سنية متفاوتة، وهو ما اكده رئيس رابطة نادي الهلال صلاح البطاطي موضحا أن بعض صغار السن ينقصهم الوعي وإدراك حجم المسؤولية، مشيرا الى أن دورهم في ضبط الجمهور محدود وضعيف في ظل الامكانيات المسموح بها، موجها كلمته للجماهير بالحضور من أجل المتعة والمساندة طوال التسعين دقيقة بعيدا عن التعصب ومذكرا أننا جميعا أبناء بلد واحد تجمعنا الالفة والمحبة ويجب أن نستمر على ذلك، من جهته رأى سلطان مريع رئيس رابطة جماهير النصر أن المشجع البسيط أسير الصراعات الاعلامية المختلفة خارج حدود الملعب والتصاريح الملتهبة من قبل مسؤولي الاندية وبالتالي تأتي ردة الفعل بناء على ذلك، مشددا على انهم يحاولون كرؤساء لروابط الاندية ضبط المشجعين بعدم حدوث اشتباكات مع جماهير الاندية الاخرى قدر الامكان داعيا زملاءه رؤساء روابط الأندية الى الالتقاء بصفة شهرية قدر الامكان لنقل صورة ايجابية وترك انطباع حسن لدى المتابع وترسيخ مفهوم أن الرياضة متعة وجمال شريطة احترامنا لمنسوبي النادي المنافس. الجماهير: العقوبات الرادعة تنهي الأزمة واتفق كل من علي الشيخي وأحمد الشاعري وأيمن الغامدي وأحمد أبوراس وعلي مداوي الشمراني على أن الالفاظ العنصرية والمسيئة الصادرة من جماهير بعض الأندية تجاه مثيلاتها تعد خادشة لجمال ومتعة الرياضة وتنحر التنافس الشريف من الوريد للوريد، وتسهم في زعزعة اللحمة الوطنية الجامعة لأبناء هذا الوطن، وبالتالي هي مرفوضة تماما وغير مقبولة بأي شكل من الاشكال وعلينا أن نتكاتف ونتحد جميعا كمجتمع واحد بمختلف اطيافه ضد هذه الظاهرة السيئة، ونقف صفا واحدا لإخفاء هذه الظاهرة السيئة من المدرجات وإنهائها تماما وذلك عن طريق اتباع وسائل توعوية سليمة نوضح من خلالها مكمن الخطورة وطرق العلاج، وبالتالي نرفع من معدل الثقافة والإدراك لتلك الفئة بالنصح والتوجيه والإرشاد، الى جانب فرض عقوبات رادعة وقوية على الأندية تضمن عدم تكرار مثل تلك العبارات على مسامعنا من جديد. غياب التوجيه والإرشاد في المقابل اعترف كل من جمعان الغامدي وعوض القرني وخالد الغامدي ومعيض عسيري ومحمد الشيخي على أن العقوبات الحالية والمتمثلة في لعب الفريق مباراة رسمية واحدة على ارضه بدون حضور الجمهور، بالإضافة الى الغرامة المالية المقدرة بمائة الف ريال تعتبر ضعيفة مقارنة بالخروج عن نص الروح والأخلاق، مطالبين في الوقت نفسه بفرض عقوبات أكثر صرامة وشدة كالخصم من النقاط مع توجيه تنبيه للأندية بزيادة الخصم في حال تم تكرار صدور تلك العبارات من المدرج نفسه، موضحين الى أن انعدام دور التوجيه والإرشاد ساهم بشكل أساسي وكبير في نشأة الظاهرة السلبية اضافة الى أن الاحتقان الاعلامي العلني رفع من حدة التوتر وحمى تلك الظاهرة وكفل لها كامل حقوق الرعاية لتستمر في المدرجات وتتفشى بالرغم من أننا أبناء وطن واحد. أين التعقل والاتزان؟ من جهتهم طالب صالح با يحيى وعبدالخالق الغامدي وابراهيم الحربي وأحمد الغامدي وحسن الاسود ومحمد الشهري رؤساء الأندية ومديري المراكز الاعلامية بالتعقل والاتزان في تصريحاتهم الاعلامية، مشددين على أن كرة القدم فوز وخسارة وعليهم تقبل النتيجة أيا كانت بصدر رحب وبروح رياضية خالصة، موضحين في الوقت نفسه أن الأخطاء واردة سواء من الحكم او اللاعب او الجهاز الفني وحتى الاداري، وعلينا أن لا نشكك في ذمم الآخرين وننتقص منهم بدلا من التماس العذر لهم، إضافة الى الحرص على المبادرة دوما لتقديم أجمل عبارات التهاني والتبريكات للفريق المنافس حال انتصاره، وهو ما سينعكس ايجابا على جماهير الأندية لتدرك أن الرياضة تجمع ولا تفرق أبدا.