يتعرض كابتن نادي الاتحاد اللاعب الدولي محمد نور لهجوم بطرق مختلفة من قبل الجماهير سواء في المدرجات أو المواقع الإلكترونية سبا وشتما وقذفا بألفاظ عنصرية للنيل منه ومحاولة التأثير عليه. وعلى الطرف الآخر يجد كابتن المنتخب السعودي ونادي الهلال ياسر القحطاني نفسه في خانة المتهمين بالفجور والفسوق في المدرجات خصوصا والشبكة العنكبوتية عموما بسبب حادثة حصلت له ومازال جمهور الأندية المنافسة يحاول أن يعيبه بها للتشويش عليه وإضعاف أدائه داخل الميدان رغم أن هذه التصرفات خارجة عن إطار الشرع ولايقرها العرف الاجتماعي. ولم يتوقف العنف اللفظي عند اللاعبين بل إنه وصل لجوال وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس لجنة الاحتراف الدكتور صالح بن ناصر عندما تعرض لعدد من الرسائل المشينة الأسبوع الماضي من قبل بعض الجماهير، وما قصة قذف محترف الهلال الروماني رادوي لكابتن نادي النصر حسين عبدالغني عنا ببعيدة فمازالت أبوابها مشرعة لم تقفل. ويستمر مسلسل الإساءات للأندية عبر بعض العبارات العنصرية التي تطلقها جماهير الخصوم وتحوي شتائم بحق الأندية، وحتى رؤساء الأندية لم يسلموا من هذا العنف ليصل إلى الحكام الذين يتعرضون لألفاظ قبيحة سواء من اللاعبين أو رؤساء الأندية أو الجمهور عند الهزيمة أو إحساسهم بأن فريقهم قد ظلم. موقف الوسط الرياضي بكافة فئاته هو السكوت عن العنف اللفظي وعدم الاكتراث له في أغلب الأحيان، مما ساهم في تفاقم المشكلة وحولها إلى ظاهرة غزت الوسط الرياضي السعودي بشكل كبير فإذا أردت أن تطعن في لاعب أو نادٍ أو حكم بقذفه أو شتمه أو سبه بدافع التعصب الأعمى فما عليك سوى الاندساس في المدرجات وإطلاق العبارات المسيئة لمجرد أنك تنتمي للفريق المنافس أو أنك تحمل ضغينة ضد رئيس النادي أو الحكم أو اللاعب، مادامت أن العقوبة لن تطال الشخص المسيء، ومن يدفع فاتورة الأخطاء، هم ذوو الأندية التي تسدد مئات الآلاف من الريالات كعقوبات على أخطاء مندسين لايمثلون جل الجماهير.. أما عقوبة ما يحدث بين اللاعبين والحكام ورؤساء الأندية فتتراوح ما بين الإيقاف والإنذار والتي تشكل في العرف القانوني عقوبة إدراية لكن الحق العام والخاص يبقى ضائعا مما لايحد من هذا العنف في الوسط الرياضي مادامت العقوبة مخففة وتطبيق القوانين يخضع للتراجعات في بعض الأحيان لاعتبارات مختلفة ( فمن أمن العقوبة أساء الأدب). والمعروف في كل قوانين العالم أنه عندما تتفشى ظاهرة سلبية في المجتمع فإن الجهات المعنية تحاول أن تبحث عن أسباب هذه الظاهرة وتعالجها للحد منها، فالعنف اللفظي في الوسط الرياضي السعودي بات ظاهرة ملموسة رغم غياب الدراسات والأبحاث الدقيقة التي توضح الأسباب وتعطي مؤشرات للحلول. ولعل البعض قد يحمل الإعلام الرياضي مسؤولية تأجيج التعصب والاحتقان الجماهيري الذي يتحول لمحاولة الانتقام من الطرف الآخر عبر العنف اللفظي الذى نراه يتكرر في كل مباراة وقضية رياضية. إلا أن هناك أطرافا أخرى تجد أن السبب يمكن في ضعف القوانين الموضوعة والعقوبات الرادعة والمجاملات في إنزال العقوبات مستندين برأيهم إلى أن العقوبات لو كانت رادعة وقوية وعوقب كل مذنب لما تجرأ البعض على التمادي في السب والشتم والقذف.. أما الفئة الثالثة فترى أن ضعف الثقافة الحقوقية في الوسط الرياضي هي السبب في انتشار الألفاظ القبيحة والمسيئة والخادشة للحياء بكل أشكالها وأنواعها. «عكاظ» فتحت ملف القضية وتساءلت عن أسباب انتشار العنف اللفظي في الوسط الرياضي وعلاقته بالثقافة الحقوقية ومدى تأذي الأشخاص المستهدفين منه والأثر الاجتماعي عليهم، وبحثت عن أنسب الحلول لمواجهة ذلك ؟ وتساءلت عن جدوى القوانين والأنظمة الموجودة وهل هي كافية ورادعة أم أنها بحاجة لإعادة النظر ؟! وهل لدى الرئاسة توجه لإصدار عقوبات صارمة؟.. وبحثنا عن إجابة حول مدى قدرة اللاعب والحكم ورئيس النادي على التقاضي خارج الرئاسة؟!، وطرحنا تساؤلات حول عدم تطبيق القوانين والأنظمة بحق كتاب الصحف ومواقع الرياضيين الذين يلمزون ويغمزون بالأندية واللاعبين والحكام ويتسبب ذلك في حالة احتقان بين الجماهير ؟! وناقشنا دور اللجان المعنية في الرئاسة وآراء الشرعيين والقضاة والقانونيين ورؤساء الأندية واللاعبين ورؤساء رابطات الجماهير والإعلاميين في سياق التحقيق التالي: ثقافة المجتمع بداية يرجع نائب رئيس لجنة الاحتراف وعضو مجلس إدارة إتحاد كرة القدم الكابتن أحمد عيد سبب تفشي العنف اللفظي لثقافة المجتمعات الرياضية، مبرئا ساحة القوانين والأنظمة من القصور. موضحا أن رياضة كرة القدم من أكثر الرياضات تنظيما في لوائح الاتحاد الدولي والتي تهدف إلى تكريس التنافس الشريف في المجال الرياضي. وعد العنف اللفظي في الملاعب تصرفات فردية ناشئة من ثقافة المجتمع الذي نشأ في محيطه هذا الشخص، مشددا على أنه لا يمكن مواجهة تنامي العنف اللفظي سوى بتحصين المجتمع بالثقافة الرياضية التي تؤكد أن المباريات فوز وخسارة وهي أخلاق وفروسية وتبادل للأفكار وفرصة للتنافس الشريف داخل الميدان فقط وأن حدوث الأخطاء لاتبرر للمشجع أو اللاعب أو رئيس النادي أو الإعلامي الخروج عن النص. ودعا عيد إلى أن يتم تثقيف الجمهور قبل أن يطبق بحقه العقوبة قائلا: «ليست المشكلة في القوانين والعقوبات وإنما المشكلة في ثقافة المجتمع فلابد من ثقيف المجتمع الرياضي قبل أن نبطق بحقه العقوبة». وطالب عيد بضرورة إدراج هذه الثقافة في مناهج التربية الرياضية في المدارس والأكاديميات الرياضية المنتشرة في أندية المملكة، مؤكدا على مسألة أن تتولى الجهات المعنية تثقيف النشء بالثقافة الرياضية التي تحصرها في التنافس الشريف بعيدا عن العداوات والعصبيات التي تولد العنف اللفظي أو الجسدي في بعض الأحيان. وحمل عيد وسائل الإعلام مسؤولية ما يحدث من خلال الشحن الذي تمارسه، مطالبا الإعلام بتغيير تعاطيه مع الأحداث الرياضية بشكل حيادي وغير مهيج للجمهور، ومطالبا بعمل محاضرات مكثفة من خلال الأندية والمدارس ومراكز الأحياء ووسائل الإعلام حتى تمارس الرياضة في أجواء تنافسية شريفة إيجابية، ودعا عيد المسؤولين عن الرياضة إلى إطلاق حملة لإعادة صياغة الفكر الرياضي في المجتمع المبني على احترام الخصم وتعزيز روح التنافس الشريف. ضعف اللوائح واتفق رئيس اللجنة الفنية في الاتحاد السعودي لكرة القدم عادل البطي مع رأي عيد بأن المسؤول عن تفشي العنف اللفظي هي وسائل الإعلام، لكنه يرى أن لمسؤولي الأندية دورا في تأجيج المدرجات، مشيرا إلى أن بعض تصاريحهم لا تعبر عن السلوك الرياضي، ودافع البطي عن قوانين اللجنة الفنية التي تتخذها بناء على تقارير الحكام أو لجنة الانضباط التي تتخذ قراراتها بناء على مالم يرد في تقرير الحكام، واعترف البطي بوجود ضعف في اللوائح بشكل عام، مطالبا بضرورة أن تراجع اللوائح سنويا لتقييمها وتقوية الجوانب الضعيفة فيها، وشدد البطي على أن يقوم الإعلام بدوره في تهدئة الاحتقان الجماهيري الذي كان سببا مباشرا في تفشي العنف الفظي. لكن القاضي في المحكمة الجزئية في الرياض الدكتور عيسى الغيث يختلف مع آراء عيد والبطي بأن اللوائح والقوانين قوية وتطبق، مرجعا سبب تفشي العنف اللفظي في الوسط الرياضي إلى انخفاض مستوى المراقبة والمتابعة من جهة، وانخفاض مستوى التربية الدينية والمدنية في المجتمع. مضيفا: «مع أن النظرية تؤكد على أن الأخلاق الرياضية تعني الانضباط والتسامح، إلا أن الواقع يخالف ذلك تماما»، وحمل الغيث الجميع مسؤولية تفشي السباب والشتائم والقذف في الملاعب، مبينا أنه لا حل للمشكلة إلا بالاعتراف بها وبحجمها أولا، ملاحظا أنها قد تجاوزت مرحلة المظهر إلى مرحلة الظاهرة، ووصلت إلى صفحات الجرائد، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في ضعف القوانين والعقوبات لأنها رادعة وإنما الخلل في تطبيقها، وذلك بسبب عدم ضبطهم لمحاكمتهم. وطالب الغيث اللاعبين والحكام ورؤساء الأندية باللجوء إلى المحاكم في حال التعدي عليهم لفظيا، مؤكدا أن أية قضية رياضية تصل إلى القضاء سوف تنتهي بما يحقق المصلحة العامة، مشددا على أن منع التقاضي خارج الرئاسة أمر لا يجوز قانونا وهو التفاف على أنظمة الدولة. الثقافة الحقوقية ورأى الغيث أن سبب تقصير الوسط الرياضي في الذهاب للتقاضي في المحاكم يعود إلى طبيعة المجتمع المتسامح وضعف الثقافة الحقوقية، وعدم رغبتهم في الولوج في ردهات المحاكم، فضلا عن التكاسل في مواصلة حبالها الطويلة، مؤكدا على أنه لو عرف كل فرد أن الآخر سوف يشتكي عليه ويترافع إلى القضاء لأصبح هناك رادع ذاتي عند الجميع، ولفت الغيث إلى أن العقوبات على العبارات المسيئة الخارجة من المدرجات صعبة لأنه لا يمكن أن يعرف المرء من هو المعتدي بعينه. ونفى الغيث حاجتنا إلى محاكم رياضية خاصة للحد من مشكلة تفشي العنف اللفظي، مبينا أن الأوصاف الجرمية للعنف اللفظي هي من الجرائم والجنايات التي تختص بها المحاكم الجزائية، واستدرك الغيث «لكننا نحتاج للجان تأديبية قانونية لدى رئاسة رعاية الشباب، بحيث تقوم بمهمة الرصد الدقيق والمساءلة والمحاسبة الرادعة للجميع، لأن المحاكم لا يصل إليها إلا دعاوى عامة من المدعي العام محالة إليه من الشرطة وهذا نادر، والدعاوى الخاصة من المدعين الخاصين قليلة أيضا»، مشيرا إلى أن هذين الواقعين قد يدفعان المسيئين إلى استمراء هذه التجاوزات، داعيا للمبادرة بإنشاء لجان فاعلة وميدانية تقوم بضبط هذه التجاوزات وإحالتها فورا للجان التأديبية، وأن تكون العقوبات شديدة. وأفاد الغيث أن القانون يجيز لرعاية الشباب إنشاء مثل هذه اللجان، لأنها من باب المحاكمات المسلكية الإدارية الداخلية، وخصوصا على منسوبي الأندية، موضحا أن الجماهير خارج ولاية الرئاسة ولاينطبق عليهم هذا الإجراء لكن يمكن معالجتهم عن طريق الشرطة والمعالجات الوقائية المعروفة. ولمواجهة هذه المشكلة دعا الغيث إلى الاهتمام بالتربية والتعليم والتوعية والتوجيه والدعوة والإرشاد، ثم في الرصد والقبض والمحاكمة والمعاقبة والتشهير القضائي، مؤكدا على ضرورة أن تكون العقوبة على مسؤولي ومنسوبي الأندية من باب أولى وبعقوبات أشد ليكونوا قدوة للجماهير والمتابعين، وطالب بتكريم المثاليين وإشهارهم، وبث روح السمو الأخلاقي في الملاعب وبين الجماهير. رد رئيس لجنة الأخلاق واللعب النظيف كان سريعا إذ كشف الدكتور خالد المرزوقي عن قيامهم بحملة تحت شعار «معا للعب النظيف» بهدف محاربة التعصب والاحتقان بين الجماهير، وبين المرزوقي أنهم قد ناقشوا في لجنتهم عبر ثلاث جلسات عملية زرع الأخلاق الرياضية والتنافس الشريف كمفهوم ليس بين اللاعبين فحسب وإنما لكافة فئات المجتمع الرياضي. اللعب النظيف ورأى رئيس نادي الاتحاد السابق أن التعصب والشحن الإعلامي قد أثرا على الجماهير وأفرزا هذا الاحتقان الذي تفجر في الملاعب وخارجها عنفا لفظيا. وأفاد المرزوقي أنهم يهدفون من خلال الحملة إلى تحويل مباريات كرة القدم إلى مباريات ممتعة داخل الميدان فقط بحيث تظهر الفرق بثوب الحب والأخوة وبالتالي تنعكس هذه التصرفات على الجماهير التي يشكل لها اللاعبون قدوة، مشيرا إلى أن زراعة مثل هذه الأمور تحتاج لوقت ولابد أن يتعاضد الوسط الرياضي مع كافة وسائل الإعلام لمشاركتنا في هذه الحملة، مبينا وجود تنسيق مع لجنة الإعلام في الرئاسة في وضع الأسس وإيصال الفكر للجمهور عبر وسائل الإعلام، مشيرا إلى أنهم يعملون كمجموعة وسيحاولون تطبيق ذلك الفكر البناء في هذا الموسم وإن كان لم يتبق على نهايته أكثر من ستين يوما. مفيدا أنها ستكون مجرد البداية. ولفت المرزوقي إلى أنه في حالة عدم قدرتهم على تطبيقه في هذا الموسم فسيطبق في الموسم المقبل، مبينا أن الحملة تشمل جلسات تثقيفية عن اللعب النظيف وكيف يتم تطبيقها في المدارس والأندية ومراكز رعاية الشباب والمناطق بحيث تكون بعد اعتمادها من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل شعارا للموسم الرياضي الجديد. وأبلغ المرزوقي عن التوسع في منحهم جوائز اللعب النظيف بحيث تشمل الجمهور والحكام والإدرايين ورؤساء الأندية واللاعبين. وطالب المرزوقي الوسط الرياضي بعدم الاستعجال على اللجنة خصوصا أنها في بدايتها وتحاول أن تبنى وفق أسس قوية وراسخة وتخطيط دقيق، وأوضح المرزوقي أن لجنته ليست قضائية ولا قانونية، داعيا الإعلام ورؤساء الأندية إلى التخفيف من الاحتقان الرياضي عبر طرح المبادرات الإيجابية الأخوية. دفاع الرؤساء بدورهم دافع رؤساء الأندية عن أنفسهم حيث أشار رئيس نادي الاتفاق عبدالعزيز الدوسري إلى أن من يتحمل مسؤولية العنف اللفظي في الوسط الرياضي ليس رؤساء الأندية وإنما الإعلام الرياضي الذي حول لغة التنافس إلى لغة تأجيج وتعصب، محملا رؤساء أقسام بعض الصحف اليد الطولى في ذلك من خلال انحيازهم لناديهم على حساب الأندية الأخرى، وذكر الدوسري أن تصريحات رؤساء الأندية ومسؤوليها تكون في كثير من الأحيان لإطفاء النار التي أشعلها الإعلام وتأثر بها الجمهور فاندفع للعنف اللفظي تجاه الخصم. وأضاف الدوسري: «أنا لا أملك صلاحية لمعاقبة الجمهور أو سجنه ولكن هناك جهات أمنية ولجانا في الرئاسة العامة لرعاية الشباب هي المسؤولة عن تصرفات الجماهير». واعتبر أن معاقبة النادي بسبب تصرفات بعض المندسين بين الجماهير تعد ظلما للنادي لأنها في الغالب تكون تصرفات فردية لا تمثل النادي ولا جماهيره، مطالبا بوضع مراقبين أمنيين بين الجماهير للقبض على من يثبت عليه تهم السب أو الشتم أو القذف أو الإيذاء بأية طريقة، مشيرا إلى أنه في حال وجود تشديد أمني كبريطانيا مثلا فإنه ستقل هذه التصرفات في المدرجات. ودعا الدوسري إلى القبض على أي عنصر من الجمهور تثبت عليه أية تهمة ويعاقب ويشهر به حتى يكون عبرة ورادعا لغيره، وقلل الدوسري من جهود النادي التوعوية بقوله «مهما بذل النادي من الجهد في التوعية فإنه لايكفي كونه يعمل وحيدا فالبيئة هي الأكثر تأثيرا في الشباب وهي من تساعدهم على استخدام الكلمات النابية والخادشة للحياء، وأشار رئيس نادي الاتفاق إلى أن تعميم العقوبات على الجميع وعدم المجاملة سيساهم في القضاء على ظاهرة العنف اللفظي في الوسط الرياضي. ظاهرة عالمية واتفق رئيس نادي الأهلي السابق عبدالعزيز العنقري مع رأي الدوسري بأن الأندية تبذل جهودا لكن القصور من قبل وسائل الإعلام في محاربة العنف اللفظي، إضافة لعدم قيام اللجان المخولة بمحاربة ذلك بتطبيق اللوائح بشكل صارم على الجميع وغياب بعض اللجان الأخرى كلجنة الأخلاق واللعب النظيف عن مهامها.. لكن العنقري يختلف مع الدوسري بأن التعصب المفضي للعنف اللفظي ظاهرة عالمية وليست خاصة بالسعودية وحدها، مشيرا إلى أن الوسط الرياضي بطبعه وسط متعصب، ويبين العنقري أن سبب تنامي العنف في السعودية سببه زيادة حدة التنافس بسبب كثرة البطولات وضغط المباريات وتحول الصراع خارج الملعب من خلال التنافس على خطف النجوم بين الأندية وما أتبعه من تصاريح إعلامية أججت الوسط الرياضي، مشيرا إلى أن الخلافات والعنف اللفظي تحول كوسيلة لصرف جماهير الأندية عن مشكلات ناديها من خلال الصراعات مع جماهير الأندية الأخرى.. وعد العنقري ضعف مستوى التحكيم السعودي وكثرة أخطائه في المباريات سببا مباشرا في ارتفاع الاحتقان وزيادة السباب والشتائم في المدرجات، ورفض رئيس الأهلي السابق أن تكون العقوبات الموقعة بالنادي بسبب تصرفات بعض الجماهير ظلما للنادي ليخالف بذلك رأي الدوسري، مشيرا إلى أن الجماهير جزء أساسي من النادي وعندما يعاقب النادي بسبب تصرفات بعض الجماهير فإن الجمهور سيتعظ بسب الخوف على ناديه، داعيا الأندية للقيام بدورها في التوعية وأن يكون اللاعب ركيزة أساسية فيها. حملات توعوية من جانبه، رحب اللاعبون بالمشاركة في الحملات التوعوية حيث قال لاعب نادي الاتحاد السابق خميس الزهراني «أرحب بالمشاركة في أي حملة توعوية تكرس مفهوم التنافس الشريف بين الأندية بعيدا عن التعصب المفضي للعنف اللفظي وخلافه». ورأى الزهراني أن العقوبات المطبقة على الجهات المخالفة في الوسط الرياضي ضعيفة وغير كافية ورادعة بدليل تكرر هذه الممارسات. وشدد الزهراني على أن الإعلام يجب أن يكرس مفهوم التنافس في إطار التسعين دقيقة فقط، أما خارج الملعب فالجميع إخوان وأحبة. وأكد الزهراني أن السب والشتم والقذف التي نجدها في الملاعب جعلت الإقبال عليها ضعيفا خصوصا عند الآباء الذين يخشون على أبنائهم من سماع هذه الكلمات والتشجيع السلبي القائم على احتقار الخصم وتسفيهه. واستدل الزهراني على صحة كلامه من خلال الفرق في الحضور الجماهيري بين ملاعبنا والملاعب الأوروبية التي يمارس في أغلبها التشجيع الإيجابي القائم على احترام الخصم مما جعل الملاعب مكانا آمنا وملائما لكل أفراد الأسرة. واعترف الزهراني بتعرض اللاعبين للسب والشتم والقذف أثناء المباريات بسبب غضب الجمهور عليهم عند إضاعة فرصة أو من الجمهور المنافس الذي يحاول التأثير والتشويش عليه بسبب هذه الشتائم، مبينا أن اللاعبين لا يذهبون لمقاضاة من يتعرض لهم لعدم معرفتهم بخصمهم من بين الجماهير. ورأى الزهراني أنه لمواجهة هذا المد من العنف اللفظي لا بد من رفع ثقافة المجتمع الرياضي من خلال التأكيد على دور الأسرة والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام، مؤكدا على مسألة حرمة هذه التصرفات. تقليد أعمى ويساند لاعب الوحدة السابق الكابتن حاتم خيمي رأي الزهراني بأن اللاعبين يرحبون بالمشاركة في الحملات التوعوية، لكنه يختلف معه في أن ثقافة المجتمع طيبة وإيجابية ولا يمكن التعميم على الجميع، مشيرا إلى أن ما نراه من عنف لفظي سببه بعض التصرفات الفردية في المدرجات والتي قد يسمعها بعض الجماهير فيرددها مقلدا بسبب الحالة النفسية والعصبية التي يكون فيها الجمهور في المدرج، مطالبا الجمهور بضبط النفس والإعلام برفع نسبة الوعي والثقافة، ورحب خيمي بوجود مراقبين أمنيين بين المدرجات لضبط حالات العنف اللفظي والاستهزاء والتجريح التي يتعرض لها اللاعبون لصعوبة مقاضاة اللاعب للشخص الذي يشتمه. ولم تبتعد رؤية اللاعب الدولي بدر الحقباني عن آراء الزهراني وخيمي عندما رحب بالمشاركة في الحملات التوعوية، لكن الحقباني يرى أن الأمر مهول لأن قضايا السب والشتم في الملاعب عادية وموجودة في كل ملاعب العالم لكنه يختلف بحسب البيئة، مشيرا إلى أن اللاعب قد يتأثر بالشتائم والسب والقدح والإساءة في بعض الأحيان مرجعا ذلك لنفسيات اللاعبين ومدى تأثرهم بهذه الإساءات من عدمها. وطالب الحقباني اللاعبين بعدم الالتفات لهذه الكلمات والتركيز في اللعب، مؤيدا مسألة إيجاد مراقبين بين المدرجات لصعوبة معرفة اللاعب أو الحكم للشخص الذي يسيء له، مطالبا الإعلام بالقيام بدوره ومحاربة التعصب. الدور الإعلامي بدورهم اعترف الإعلاميون بوجود التعصب في الإعلام لكنهم يؤكدن أن هناك أسباب أخرى للعنف اللفظي في الوسط الرياضي، وهو ما أشار رئيس لجنة الإعلام والإحصاء في الرئاسة أحمد صادق دياب أن ما يحدث في ملاعبنا الرياضية أثناء بعض المباريات، ليس ظاهرة عامة، ولكنه استثناء، مشددا على أن العنف اللفظي مصنف ضمن المفهوم العالمي على أنه نوع من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، سواء كانت تلك الكلمات عنصرية أو بذيئة. ولاحظ دياب أن زيادة العنف اللفظي في الملاعب الرياضية مرتبط ارتباطا مباشرا بمكانة كرة القدم في الحياة المعاصرة، وبقدرتها على صناعة الفرق بين النجاح والفشل وبين الانتصار والهزيمة وبين الفخر والانكسار وبين التفوق والإحباط، مؤكدا على أنها أصبحت شعارا وطنيا في محيطه الكبير. وعد دياب أسباب تنامي العنف اللفظي وأولها في الشحن النفسي السلبي المصاحب للمباريات التنافسية، معتبرا أن الشحن الإعلامي المبالغ فيه في ضرورة تحقيق الانتصار وأن المسألة حياة أو موت أو أن تكون أو لا تكون هو السبب الثاني، ولفت إلى أن السبب الثالث يكمن في خروج كرة القدم من منظومة الرياضة للجميع، إلى حقل التنافس المبني على الميكافيلية في اللعبة، ورأى أن العوامل الاقتصادية لها دور في تحول كرة القدم إلى صناعة، تعتمد في نجاحها على الفوز، والذي يمكن أن يحقق الأرباح وهي الهدف الرئيس في منظومة الصناعة، أما السبب الرابع فهو تبلور فكرة التشجيع الرياضي، بالفوز ولا غير الفوز كنتيجة مقبولة عند الجمهور الرياضي، مؤكدا أن العنف اللفظي هو نوع من العنف الأخلاقي. ووضع دياب روشتة العلاج للحد من العنف اللفظي والذي يكمن في تغيير السياسة في تربية النشء من خلال النظر إلى كرة القدم، وكذلك في تطوير عمليات الهواية والاهتمام بها بعيدا عن الصناعة الكروية، مشددا على أهمية إنتاج جيل جديد من الإعلام الرياضي قادر على التفاعل مع الأحداث الرياضية بدون تعصب أو تشنج. روابط المشجعين وتبرأ رؤساء روابط المشجعين الأندية من ظاهرة العنف اللفظي في المدرجات حيث قال أشار رئيس رابطة المشجعين في نادي الاتحاد صالح القرني إلى أنهم ليسوا مسؤولين عن كل الجمهور، مبينا أنهم يحاولون توعية الجمهور بالتشجيع الإيجابي الهادف، واستدرك القرني «لكن لا يمكننا ضبط أعصاب جميع الجماهير فنحن نحاول التوعية وتصحيح الأخطاء لكن ليس لنا حكم على كل الجماهير»، وحمل القرني تصريحات مسؤولي الأندية ووسائل الإعلام السبب في تأجيج المدرجات وزيادة نسبة التعصب والتي تنعكس على المدرج، مطالبا بإيقاع العقوبات المشددة بحق المخالفين حتى يتعظ الجميع. ووافقه الرأي رئيس رايطة مشجعي نادي الوحدة عاطي الموركي الذي دعا لتكثيف التوعية من خلال الأسر والمدارس والأندية ووسائل الإعلام والدعاة والعلماء للحد من ظاهرة العنف اللفظي المسيئة للمجتمع.