«موزة، مهايط، مفهي، مخرفن» نسمع هذه المصطلحات التي شاعت مؤخرا من فئة الشباب وبالتحديد فئة المراهقين، فاللغة أو اللهجة العامية المستخدمة من قبل مجموعة ما، ما هي إلا إسقاطات ثقافية اقتصادية اجتماعية سياسية في قالب لغوي، تأثرت الدول العربية كثيرا في عهد الاستعمار الغربي بلغة المستعمر وفرض المستعمر لغته رسميا في التعليم والدوائر الرسمية لإضعاف أواصر الترابط التي تجمع القومية الواحدة وبالتحديد لإضعاف العرب كقومية موحدة، فاللغة ليست مجرد وسيلة للاتصال بين الأفراد والجماعات، أهميتها تفوق بكثير، فاللغة تجسد الهوية الشخصية والثقافية ومستقبل الأجيال والمعطيات التراكمية لأسلوب حياة ومستقبل متوقع. لقد دارت حروب لغوية حول اللغة منها مصالح المستعمر في العالم العربي وأيضا معركة العامية ضد اللغة الفصحى، فطالب الطريفان بإلغاء الآخر، وفيما سبق تأثر جيل بأكمله باللغة الإنجليزية فمن كان يدخل مفردة إنجليزية في سياق حديثة يعطي انطباعا بالحداثة والرقي، وتعتبر اللغة الإنجليزية لغة العالم لأنها تتمتع بالقوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية التي مكنت سلطة اللغة الإنجليزية الأمريكية في العقدين السابقين على اللغة العربية عند الانفتاح على العالم الأمريكي وتفشي العولمة في العالم العربي والخوض في المخرجات التكنولوجية. من الطبيعي تفهم الإسقاطات اللغوية من الاستعمار والعولمة لكن أين هي أسباب إسقاطات هذه المصطلحات الجديدة على المراهقين لقد انقطع خيط التواصل بين الجيلين بيننا وبين المراهقين مع تغيير لغة التواصل، فلغة المراهقين هي ثقافة أخرى هيمنت عليهم وتحاول الثقافة المهيمنة فرض أنماطها الثقافية، والجدير بالذكر والخطير أنها الثقافة المهيمن علينا جميعا بواسطة أبنائنا وهم الذين يستمرون بنقل ثقافة الحضارة المهيمِنة إلى الأجيال اللاحقة، كان اسمه كرم واليوم تغير إلى «خرفنة» مصطلح «خرفنة» جدير بالدراسة والتمحيص فكيف تتغير المبادئ والقيم لدى جيل بأكمله، هل هو التأثير الاقتصادي القوي رغم كوننا لسنا من الدول التي تعتبر تحت خط الفقر مثل مصر وكمية المصطلحات الكبيرة المدخلة من قبل الشباب على اللهجة المصرية، وكيف سيرسم هذا الجيل مفهوم الإنسان المثالي إن تحول الكرم إلى «غباء وهبل»، هل سيكون الذكي المحتال صائد الفرص هو رجل الساحة، والأنثى المثالية ستكون من تصطاد أيضا إذن عدنا إلى الوراء ألف قرن عدنا إلى زمن الفريسة والصياد تطورنا كمدن وتأخرنا عقودا كحضارات، «الهِياط والمهايطة: تعني الصياح والجلبة» المفردة الوحيدة التى من الممكن استخراجها من القاموس والبقية غير واضحة، من أخرجها وكيف أشيعت إلى هذا الحد الكبير بين المراهقين وللبحث في منافذ المعرفه لدى المراهقين تجد صعوبة كبرى فمصدر المعلومة متشعب وأصبح عالمي مثل المعلومات التى يستخرجها المراهقين من الشبكة العنكبوتية لا جذور لها لتوضح مصدر المعلومة وأيضا هناك تأثيرات الهجرة الداخلية في مناطق المملكة العربية السعودية أخذت المسؤولية على عاتقها كحال أهل مكة عندما انتقلوا للسكن بجدة أصابت اللهجة «المكاوية» تغيرات طفيفة غيرت فيها لهجتهم، من يربي أبناءنا على هذه المصطلحات هو الذى يغيرنا جمعيا ويغير مجتمع من أعظم صفاته الكرم والشجاعة والإقدام والتسامح والصبر لقد اشتهرت الجزيرة العربية بهذه الصفات من آلاف السنين، فتغير مفهوم الكلمات لإشاعة مفاهيم أخرى لا ترتقي بأحلامنا وتطلعاتنا للأجيال التالية.