اتخذ عدد من طلاب مكةالمكرمة والمحافظات القريبة، من مختلف المراحل الدراسية التعليمية، من الحرم المكي الشريف مكانا روحانيا لمذاكرة الدروس ومراجعة المناهج الدراسية بعيدا عن الضوضاء وصخب المنازل. أكد عدد من الطلاب أنهم اعتادوا المجيء إلى الحرم المكي الشريف للمراجعة مع بعضهم البعض، وقالوا إن هذا الأمر تحول إلى عادة لدى الكثير منهم ولدى أهل العلم لما للمكان من روحانية وجمال وشحذ للهمم، في ظل ازدحام المكان بالطلاب الذين ينتشرون في كل زاوية، وهو مشهد يبعث على التنافس وتقديم المزيد من الجهد والمثابرة في الاستذكار الجيد للدروس. وقال فيصل الحربي ل«عكاظ» من سكان ضاحية بحرة: «تعودت على المجيء إلى الحرم المكي الشريف منذ زمن وأنا مواظب على المذاكرة داخله خلال أيام الدراسة، وقد خصصت أنا وزميلي عبدالله يوم الاثنين موعدا دائما لذلك». وأضاف: «أحرص على أن أكون صائما لله حيث نأتي قبل صلاة المغرب حتى ننعم بأجر الصيام والإفطار في الحرم المكي الشريف، وبعد صلاة المغرب نبدأ أنا زميلي في مذاكرة المنهج الدراسي». وقال: «نكون قبل ذلك قد حددنا ما ننوي مذاكرته واسترجاعه في الحرم المكي الشريف ونواصل الاستذكار حتى أذان صلاة العشاء، ثم نكمل بعد الصلاة، بعدها نعود إلى منازلنا». وعن منظر الطلاب في الحرم المكي وماذا يعني له، قال: «المنظر جميل ويدعو إلى التنافس». ومن جانبه قال عبدالله الحربي الطالب في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة: «إن عادة استذكار الدروس في الحرم المكي الشريف ليست مختصة بأهالي مكة فقط، بل إن الكثير من سكان المحافظات والهجر القريبة من العاصمة المقدسة يأتون من أجل الدراسة والاستذكار»، مشيرا إلى أنها فرصة جميلة للجمع بين الحسنيين «الصلاة في الحرم، والمذاكرة في أجواء روحانية». وقال: «نحرص على إحضار القهوة العربية والتمر والشاي». وعن أكثر الأماكن التي يرتادها الطلاب قال: «الدور الثاني من الحرم المكي هو الأنسب للمذاكرة، وكما ترى هناك جموع كبيرة من أهل العلم من مختلف المراحل التعليمية، وأعتقد أن الساحات الخارجية تشهد إقبالا من الطلاب بين المغرب والعشاء»، مشيرا إلى أن المذاكرة في الحرم تبقى ذكرى جميلة خالدة في النفوس.أما محمد الأحمدي فقال: «في مثل هذه الأيام اعتدنا التوجه إلى المسجد الحرام الملاذ الآمن للناس بشكل عام، وعندما تكتحل أعيننا برؤية الكعبة الغراء ونتمتع بالصلاة في البيت العتيق ونستمتع بروحانية المسجد الحرام يبدأ قلق الاختبارات يتلاشى ويذوب». وأضاف: «المذاكرة في المسجد الحرام مباركة، فهي مصحوبة بانشراح في الصدر وبركة في الوقت والمكان وراحة وطمأنينة ورضا وقبول تام، ناهيك عن الأجر العظيم الذي يحصل عليه المصلي في هذا البيت المعظم وفرصة الطواف المتيسر، فالمسجد الحرام هو الجامع والجامعة». إلى ذلك أكد عدد من الأخصائيين النفسيين والتربويين أن الخوف من الاختبار يعد أمرا طبيعيا، بل يكون حافزا لبذل المزيد من الجهد والمثابرة، ولكن يجب ألا يتجاوز الحد الطبيعي، فالطالب إذا بلغ به الخوف من الاختبار مبلغه أصبح قلقا متوترا وغير مستقر على حال، وعاجزا عن الانتباه ومشتت الفكر وسريع الانفعال والإثارة، وبذلك يكون الطالب دخل منعطفا خطيرا يجب الإسراع مبكرا في معالجته. أجواء هادئة أثناء وجودك داخل المسجد الحرام تشاهد الطلاب يتجمعون في حلقات حول أعمدة الحرم، يجلسون ويذاكرون، فيما ترى مجموعات أخرى من الطلاب يتدارسون ويتناقشون في دروسهم، مستفيدين من هذا النقاش المفيد والتجمع في أجواء إيمانية هادئة مطمئنة تساهم في تخفيف حدة الخوف والقلق والتوتر الذي يعيشه الطلاب عادة في موسم الاختبارات.