في الظاهر يعتقد أنهن ضد الزوار وعلى أهبة الاستعداد لمعاقبة كل مخطئ، قد تكون بنيتهن الجسدية مهيبة، وسيرهن روحة وجيئة في المجمعات التجارية وبين العوائل مثير للخوف في بعض الأحيان، ولكنهن في حقيقة الأمر نواعم أخذن على عاتقهن مهمة حماية الأفراد والعائلات على حد سواء، يراقبن بهدوء استمتاع الزوار بتسوقهم ولعب الأطفال في المدن الترفيهية ولكن عندما تقع السرقة، أو يحدث التجاوز يكن بالمرصاد. «عكاظ» جالت في أسبوع عدة مجمعات تجارية لتكشف خفايا العمل كحارسة أمن، وما يحملنه في جعبهن من قصص وحكايا عن أسرار المهنة وأهميتها بعد أن ظهرت بوضوح في السنوات الأخيرة. روزان عبد الله مديرة قسم المراقبة والمتابعة في أحد المجمعات التجارية ذكرت «أعمل منذ 8 سنوات في الحراسات الأمنية وتهتم طبيعة عملي بالجانب النسائي فيما يخص الزائرات سواء لحمايتهن أو ملاحقتهن عند التعدي على أشخاص أو محال كحدوث بعض المشاجرات النسائية أو السرقات أو ضياع الأطفال، ونكافح حالات التسول النسائية داخل المجمع التجاري بالقبض على المتسولة فور التأكد من طلبها المال وإزعاجها لمرتادي الأسواق ونسلمها إلى مكافحة التسول مع إرفاق تقرير عن الحالة يصف سبب القبض عليها. معاكسات عالطاير وعن أبرز المشكلات التي واجهتها خلال سنوات عملها تقول روزان: المعاكسات هي من أكثر المشكلات حدوثا داخل المجمعات التجارية كتعدي بعض الشباب على مجموعة النساء اللواتي يجلسن دون محرم في جلسات المطاعم والمقاهي فيطلبن مساعدة حارسة الأمن، ونقوم أيضا بدورنا بالتنبيه على ضرورة حفاظ الزائرات على حقائبهن بالقرب منهن دون تركها في عربة الطفل أو على كرسي آخر لتجنب وقوع حالة سرقة. وتعلق عن أبرز حالات السرقة النسائية بقولها: تحدث مثل هذه الحالات ولكنها نادرة خصوصا بعد شغل وظائف الكاشير في معظم المحال التي تبيع مستلزمات المرأة وأدوات المكياج بالموظفات اللواتي يحرصن على عدم ترك الزبونة وحدها في المحل ويساعدنها على الاختيار لتحملهن مسؤولية فقدان أي قطعة من المحل التجاري، وقد بلغ عددهن داخل المجمع 100 موظفة. طفلة تسرق «الميك أب» وتتذكر إحدى أغرب حالات السرقة «دخلت امرأة أحدى محال مستلزمات التجميل المعروفة وقد كانت مخططة مسبقا لعملية السرقة ولكنها لم تقم بتنفيذها شخصيا وإنما استخدمت ابنتها ذات الثلاثة أعوام لالتقاط قطع من الأدوات من على الرفوف والعودة لإلقائها في حقيبة يد والدتها، وبعد خروجها من المحل تنبهت الموظفة إلى نقص بعض الأدوات وقامت بتبليغنا إذ طلبنا من مشرف الكنترول بمشاهدة التسجيلات التي فضحت أمر السارقة، وتكفلت وزميلاتي الحارسات بمهمة البحث عن صاحبة المواصفات التي ظهرت في الفيديو وبالفعل وجدناها في المجمع وأحضرتها إلى مكتبي وقمنا بتفتيشها وظهرت المسروقات بحوزتها، وأخذ عليها تعهد بعدم دخول المجمع مرة أخرى وتم إجبارها على دفع مبالغ المسروقات مضاعفة لأنها قامت باستخدامها والتجمل بها داخل دورة المياه فور سرقتها. عضلات ناعمة وبالنسبة لاختيار موظفة الأمن على أساس الشكل الخارجي تقول: قد تكون بنية الموظفة توحي بالقوة والقدرة على السيطرة ولكنها ضعيفة القلب تهتز بسرعة أمام المشكلات التي نواجهها في عملنا، وعلى العكس تماما قد تكون بنيتها تشير إلى صغرها وضعفها ولكنها قادرة على استيعاب الأزمات وتهدئة الأوضاع في حال حدوث اشتباك، ولم يكن اختيارهن متوقفا على أساس البنية الجسدية بل نقف عند معيار المؤهل العلمي وقوة الشخصية وقدرتها على امتصاص الغضب وحل المشكلات. تؤكد روزان أنها تقدم من خلال عملها خدمة لمجتمعها وتساهم في الحفاظ على السلوك الخلقي الديني خارج المنازل وتقدم الحماية لزائرات المجمع التجاري، بالإضافة إلى كونها طالبة جامعية تدرس في السنة الأخيرة لتخصص تقنية الشبكات وتعمل في الفترتين الصباحية والمسائية . تحت المجهر وتحكي حارسة أمن أن العمل الرقابي في المجمعات يطال الموظفات أيضا إذ تم استدعاؤها في إحدى المرات لوجود حالة مشتبه بها في صالات المطاعم وعند ما واجهت الحالة اتضح أنها موظفة في أحد المحال التجارية اتفقت على الالتقاء بشخص في نفس المجمع التجاري وصعدت للقائه مع زميلتها التي تعمل معها في نفس المحل، وأثارت تصرفات الشاب والفتاة غير الطبيعية شكوك حارس الأمن الذي طلب مساعدة زميلته في الأمن للتحدث إلى الفتاة التي أدعت في بادئ الأمر بوجود صلة قرابة تصلها بالشاب ولكن سرعان ما اتضح عدم صحة ادعائها عند مطابقة الأسماء في الهوية الشخصية، وكشف الموقف توظيف مدير الفرع لزميلتها الوافدة والتي كانت تعمل لمدة بطريقة غير نظامية وحاولت التطاول على موظفي الأمن مما دفعهم إلى تسليم الشاب والفتاتين إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم. وأخذ تعهد على مدير الفرع بعدم توظيف موظفات غير سعوديات بعد أن تم فصل الموظفتين. فاطمة الشمراني حارسة أمن (35 عاما) تقول «بدأت منذ شهرين مزاولة المهمة الأمنية في المجمع التجاري وقد عملت مسبقا في أحد المصانع ومن وجهة نظري أرى أن المهنة الحالية سهلة ومريحة أتواجد من خلالها في أماكن الجلسات أمام المطاعم السريعة وأتجول بهدوء للمحافظة على الأمن ومراقبة الجميع، وقد ألاحظ أحيانا مبادرة بعض المراهقات للحديث مع الشباب وعندما أقترب منهن يلذن بالفرار. وتؤكد فاطمة أن النصيحة أحد أهم الأدوار التي تقوم بها على الرغم من أنها ليست من ضمن مهام عملها ولكن الواجب الديني يحتم عليها إرشاد ونصح الفتيات على وجه الخصوص اللواتي يتساهلن في حجابهن أو تتعالى أصواتهن في أماكن التجمعات، وتسعد باستجابة بعضهن للنصيحة والمسارعة إلى تغطية رؤوسهن وإزالة المكياج. عداءات أمنية وتقول حارسة الأمن السيدة أم نايف: عملي في الحراسة الأمنية يعرضنا للكثير من المواجهات مع أشخاص يعتقدون أننا مجرد أعداء وكأننا لا نمثل جهة أمنية تحافظ على سلامة الأشخاص، ومن أصعب المواقف التي أواجهها هي قضايا الخلوة بدرجتها الأولى وهي مجرد الاختلاء وغالبا ما يكون في صالة المطاعم، أو الدرجتين الثانية والثالثة وهي أكثر تعقيدا والأخيرة تكون في مواقف السيارات وتستدعي وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتتابع أستاء عندما أضطر لمحادثة مراهقة في الثانية أو الثالثة عشرة من عمرها عندما يتم استدعاؤها بسبب مجالستها مجموعة من الشباب وتعتقد هي في هذه السن أن هذا هو الانفتاح والتحضر وتدافع عن نفسها بأسلوب فج لا يتناسب وعمرها الصغير معتقدة أن بعض مساحيق التجميل وتسريحات الشعر تجعلها أكبر سنا، وهؤلاء يثيرون الشك من خلال تصرفاتهن وضحكاتهن مع الشباب مما لا يدع مجالا لحسن الظن بهم ونضطر إلى مواجهتهم في مثل هذه الحالات. سرقة «مثلجة» وتذكر إحدى حالات السرقة وتقول: في إحدى المرات تم التبليغ عن حالة سرقة وذهبت لإحضارها إلى المكتب وفوجئت بأنها سيدة في الأربعينات من العمر، وكانت ردة فعلها التعالي ورفض التعامل مع الأمن داخل المنشأة وقد أنكرت سرقتها، ولكن موظف المحل المسروق أفاد بأنها خبأت بعض الاكسسوارات تحت المقعد التي كانت تجلس عليه وتوجد ملابس مسروقة أيضا، ولم تكن السيدة متعاونة ولو أنها اعترفت بما اقترفت كنا سنعيد المسروقات دون إحداث ضجة ولكنها هي من طلب استدعاء الشرطة وكان لها ما طلبت، وعندما حضرت الشرطة أخرجت قطع الملابس من حقيبتها بكل برود، ومن حسن حظها أن الموظف تنازل عن الشكوى بعد استعادة المسروقات.