كثير من الأطفال يعانون من صعوبة في النطق وعدم القدرة على الكلام بسلاسة، هذه الفئة التي توصف ب«المتأتئين» منهم من يتخلص من الحالة وآخرون ترافقهم مدى الحياة. بداية تحدث الدكتور فايز فلمبان جراح العظام المعروف، والذي أشار إلى أنه كان مصابا بهذه الحالة في طفولته، كان يعيش حالة من الوحدة والانزواء عن الأطفال من أبناء جيله، ومما عقد الأمر أكثر أنه كان الابن الوحيد لوالديه، وليس لديه أخوة أو أخوات يخرجونه من هذه الحالة، إلا أن إصرار والده ووالدته على انتزاع ابنهم من هذا الوضع أدى إلى إخراجه وأسهم في نجاحه وتفوقه في مجاله عمله. ويضيف الدكتور فايز فلمبان أنه بدأ في التخطيط لإنشاء أول جمعية سعودية للمتأتئين، حيث يحاول تجميع التجارب المتعددة وتسليط الضوء عليها، وكيفية الخروج من هذه الحالات، مؤكدا أن الأمر لايزال في مجال دراسة لإنجازه في القريب العاجل، حيث يضع هذا الأمر في قائمة أولوياته. من جهته، قال الدكتور عدنان المهنا الأخصائي النفسي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز ومستشار عمادة الدراسات العليا «التأتأة حالة من حالات الاضطراب أو يمكن تفسيرها أيضا بالتردد الذي ينعكس على انطلاق الكلام وخروجه بشكل سليم وسلس، مما يعني حالة أخرى من الاضطراب في الشهيق والزفير وانحباس الهواء ومن ثم خروجه أثناء النطق ومحاولة الكلام، فتظهر على إثر ذلك بعض الحركات المصاحبة في اللسان والشفتين والوجه واليدين تجسد صعوبة النطق». ويشير الدكتور المهنا إلى أن التأتأة تكون لدى الأطفال في سن مبكرة وتتصاعد من مرحلة لأخرى، موضحا أن الأسباب لم تعرف بشكل محدد حتى اللحظة إلا أنها قد تكون من بينها العوامل الاجتماعية والنفسية واللغوية وأيضا الفسيولوجية، مؤكدا أن الجوانب النفسية التي يمر بها الطفل قد تخلق حالة مستعصية من التأتأة، فحين يتعرض الطفل للعقوبات النفسية والجسدية بشكل مستمر ترافقها حالات من الإهانات الدائمة والتوبيخ والازدراء على كل شاردة وواردة، وإسكاته المستمر عندما يحاول التحدث أمام الغرباء، يؤدي إلى خلق مساحات من الإحباطات التي لا تنتهي، وخصوصا إذا كانت هذه العقوبات اللفظية والجسدية أمام الناس، فإن هذا الوضع يحتاج إلى وقت طويل ليخرج من أزمة التأتأة، لأن هذا الطفل تراكمت لديه العديد من النقاط التي أدت إلى زعزعة ثقته بنفسه أولا، وخوفا من مصيره إذا ما حاول تجاوز المحاذير التي وضعت أمامه. ويستطرد الدكتور عدنان المهنا «هناك أسباب عضوية على حد علمي يتعرض فيها الطفل للتأتأة وهي نتيجة لإصابة الجهاز العصبي أثناء الولادة أو بعدها مما قد يؤدي إلى صعوبة الكلام».وحول أساليب وطرق علاج التأتأة، يشير الدكتور عدنان المهنا أنه في المقام الأول يجب معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك والمرحلة التي وصلت إليها وتصنيفها ومن ثم إيجاد البرنامج الذي يتواءم معها. مؤكدا أن أهم الأمور هي محاولة إبعاد حالة الخوف والتحسس المفرط تجاه الأشياء وتبدد القلق، كما أننا يجب إيصال معلومة أن حالات التأتأة لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال عيبا إنما هي مشكلة بسيطة سيتم التخلص منها ببعض التمارين، وفي المقابل فإن من أهم الأمور التي يجب الانتباه إليها هي أهمية الاستماع إليهم والتركيز إلى كل كلمة ينطقون بها وعدم إشعارهم بالملل وعدم الاهتمام بهم أو بوضعهم.