في عام 4731ه بدأ الطلبة وكان عبدالله الجفري في مقدمتهم يتسابقون على الكتابة في الصحافة السيارة رغم قلتها، إذ لم يكن هناك سوى صحيفتين، الأولى هي «البلاد السعودية» التي تصدر من مكةالمكرمة، والثانية «المدينة» التي كانت تصدر بالمدينةالمنورة، أما في المنطقة الوسطى فلم يكن هناك سوى مجلة شهرية هي «اليمامة» وتطبع في القاهرة أو مكة ثم بيروت. أعود لموضوع حديثنا وهو عبدالله عبدالرحمن الجفري، إذ كان وقتها طالباً في الثانوية الرحمانية بمكةالمكرمة وكان مدير المدرسة الأستاذ والمربي الشهير الشاعر محمد السليمان الشبل، الذي كان يحث طلابه على الإبداع من خلال تشجيعهم على النشر في جريدة «البلاد السعودية» وكان الأستاذ والمربي عبدالرزاق بليلة مسؤولاً عن صفحة «دنيا الطلبة» ثم أصبح اسمها «مجتمع الطلبة» وكانت تصدر مرة في الأسبوع ثم مرتين، وكان ينشر جميع المحاولات الجادة لهؤلاء الطلبة. كان الجفري وقتها طالبا في المدرسة الرحمانية الثانوية وكان سنه لا يتجاوز الخامسة عشرة. وفي عام 1376ه/1956م صدرت في جدة أول صحيفة أهلية أسبوعية هي جريدة «الأضواء» لصاحبيها محمد سعيد باعشن وعبدالفتاح أبو مدين، وقد أنهى دراسته الثانوية والتحق بالأمن العام كموظف في إدارة الجوازات. ولكن شغفه واهتمامه الثقافي جعله يقفز ليتولى الإعداد والإشراف على صفحة تعنى بإنتاج الطلبة مثل ما كان يعمل أستاذه عبدالرزاق بليلة في «البلاد السعودية»، حيث كان طالباً فنجده يشرف على صفحة «حصاد الطلبة» في جريدة «الأضواء» وتصدر مرة كل أسبوعين وعمره آنذاك لا يتجاوز الثامنة عشرة فنجده يفتتح العدد الرابع من السنة الأولى من «الحصاد» بقوله: أخي الطالب.. نحن نحصد.. وكلنا نستفيد ونفيد، ونجني ثمار هذا الحصاد.. حصاد مثمر قوي نافع، من شجرة أصلها ثابت وفرعها آخذ في النمو. و(الأضواء) عندما أرادت أن تخصص ركناً ثابتاً للطلبة.. جعلت نصب عينيها تقوية نتاج الطلبة ليكون مثمراً.. والحصاد.. يخطو خطوة جديدة، إذ يسره أن يقدم لك لأول مرة مسابقة للقصة القصيرة، فقد خصصنا ثلاث جوائز قيمة.. لثلاث قصص ناجحة مكتملة الشروط، وموضوع المسابقة.. أن تكتب أخي الطالب، قصة بعنوان (تضحية) يكون بطلها أحد هؤلاء الأربعة: الأب، الأم، الابن، الخادم، وشروطها أن تكون قصة قصيرة تعطينا الفكرة مع عرض مفيد مقتصر، وأسلوب مشوق.. والجوائز، هي: الجائزة الأولى: ثلاث قصص طوال. الجائزة الثانية: قصتان طويلتان. الجائزة الثالثة: قصة طويلة. وآخر موعد لاستلامها 30/4/1377ه.. وإنا لمنتظرون. وقد كان من كتاب هذه الصفحة لهذا العدد محمد عبده يماني ومحمد كتبي ويحيى أحمد مطهر ومحمد عمر عامودي. وبعد توقف جريدة الأضواء.. وانتقال جريدة المدينة إلى جدة عام 1382ه نجده يشرف على صفحة «الفنون والآداب» التي كانت تصدر كل جمعة، وفيها متابعة وإبراز لما أقيم من نشاط خلال الأسبوع بعنوان «الأدب في أسبوع» ومقابلة مع أحدهم بعنوان «أديب يتحدث». تنقل الجفري بالعمل، بين الأمن ووزارة الإعلام كمدير للمطبوعات ثم أعيرت خدماته لجريدة «البلاد» فعمل سكرتيراً لها ثم انتقل لجريدة «عكاظ» ثم «المدينة» ثم «الحياة» ف«الشرق الأوسط»، وعاد أخيراً ليكتب زاويته الشهيرة «ظلال» يومياً في جريدة «عكاظ» حتى وافاه الأجل. قيل عنه أنه يكتب بفضول الصحافي ورشاقة الأديب ووجدان الشاعر، إذ كتب في الرواية والقصة والشعر والنقد والوجدانيات.. فهو إذاً كاتب وفنان ومبدع وصحافي.